بدأ الحكم الليبي الجديد يستعد ل «معركة بني وليد»، بعدما شارفت قواته على إكمال سيطرتها النهائية على مدينة سرت حيث لم يبق لمقاتلي النظام السابق سوى بضعة أحياء محاصرة بالكامل. وأقر حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أمس، بأن المقاومة الضارية لمؤيدي العقيد المخلوع معمر القذافي تثير «الدهشة» لأن لا معنى لها سياسياً ولا عسكرياً، كونهم يخوضون معركة خاسرة لا يمكنهم أن يغيّروا من نتيجتها. ووصل رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبدالجليل بطائرة مروحية في شكل مفاجئ أمس إلى سرت قادماً من مدينة مصراتة. ونُقل عنه حضه الثوار على التعامل معاملة حسنة مع أهالي المدينة، مؤكداً فتح باب المصالحة مع من يرغب بذلك من «الطرف الآخر»، في إشارة إلى قبيلة القذاذافة وغيرها من القبائل التي تؤيد النظام السابق. وجاء انتقال التركيز على جبهة بني وليد، 170 كلم جنوب شرقي طرابلس، بعدما نجح مقاتلو المجلس الوطني في طرد جنود القذافي من أكثر من 90 في المئة من مدينة سرت، 360 كلم شرق طرابلس. وتمكن هؤلاء ظهر أمس من دخول مقر قيادة الشرطة في سرت، من دون أي مقاومة بعد انسحاب مقاتلي القذافي تحت وطأة قصف المهاجمين. وقامت قوات المجلس بعمليات تطهير واسعة في الأحياء التي سقطت في يديها. ولا يُعرف ما إذا كان المعتصم القذافي، نجل العقيد المخلوع، ما زال يختبئ في سرت، وإن كانت شهادات أسرى أكدت أنه كان يقود الدفاع عن المدينة حتى أيام خلت. ويُعتقد بأن سيف الإسلام، النجل الآخر للقذافي، يختبئ لدى مناصري والده من قبيلة الورفلة في بني وليد. ودفع المجلس الانتقالي في الساعات الماضية بإمدادات ضخمة من طرابلس ومدن الجبل الغربي (جبل نفوسة) نحو بني وليد، في مؤشر إلى اقتراب ساعة الحسم فيها، المتوقع بعد انتهاء معركة سرت حيث يمكن استقدام القوات التي قالت هناك للمساعدة في الهجوم. وفي بروكسيل (ا ف ب)، أعلن رئيس اللجنة العسكرية في الحلف الأطلسي أن سقوط سرت لن يلزم «الناتو» بإنهاء عمليته. وأعلن الأميرال جيانباولو دي باولا رئيس اللجنة العسكرية في الحلف الاطلسي في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» أن «سقوط سرت سيكون لحظة حاسمة بسبب الاهمية التي اكتستها المدينة، مسقط رأس (معمر) القذافي». لكنه أضاف أن «هذا لن يكون العامل الوحيد» الذي يأخذه الاطلسي في الاعتبار لوقف عملية «الحماية الموحدة» الجوية والبحرية التي انطلقت في نهاية آذار (مارس). وزاد: «سيكون من الأهمية بمكان أن نتأكد من انه لن تكون هناك مخاطر على السكان المدنيين». ورأى الأميرال دي باولا ان الموالين للقذافي لا يزالون يقاومون لأنه «عندما يضيق الخناق على حيوان مفترس، فإنه يقاتل حتى النهاية». لكن «كل يوم يمر يصبح الذين يقاومون في سرت وبني وليد في وضع لا يطاق»، كما قال. أما الكولونيل رولان لافوا الناطق باسم عملية «الحماية الموحدة» فاعتبر، من جهته، أن استعداد المقاومة لدى مقاتلي القذافي «يمكن وصفه بأنه يدعو الى الدهشة». واضاف «أن استراتيجيتهم من دون معنى... لأنه لم يعد يمكنهم تغيير نتيجة النزاع».