بعد زواج دام 10 سنوات، كان الطلاق هو"الحل الوحيد"لفاطمة، وعلى رغم صعوبة القرار، إلا انه"الخلاص"- على حد تعبيرها - تقول:"حاولت بشتى الطرق خلال السنوات العشر التي قضيتها معه، وأنجبت خلالها طفلين، إصلاح فكره الملتوي، والتخفيف من شكوكه وغيرته الزائدة، إلا أن كل الطرق لم تجدِ نفعاً". وتستعرض فاطمة أشكال الغيرة لدى طليقها،"كان يرمقني بنظرات الشك والمحاسبة عندما نكون في الأماكن العامة، ويتصل بشكل مستمر إن كان خارج المنزل، أو إن كنت أنا خارجه، ليسألني أين أنا؟ علماً بأنه على دراية به، كما يسأل عن المتصل في حال اتصل ورأى الرقم مشغولاً، ويقوم بتفتيش هاتفي الجوال يومياً. ويبحث في جهاز الكاشف عن أرقام غريبة، ويفتعل المشاجرات في الأماكن العامة، إن رمقني أي شخص، ولو بنظرة عابرة غير مقصودة، لأكون أنا المخطئة والجانية في النهاية، معللاً ذلك بأنني من بدأ بالنظرات، واني لو لم أفسح المجال لما بدأ بالنظر إلي". وفي نهاية المطاف، وصلت إلى"الإصابة بحالات من الاكتئاب، وعدم الثقة في النفس، وقد كان يعذرني كل من يعرفه عن كثب، فكان الخلاص هو الطلاق، الذي أخذته خلعاً، بعد رفضه لذلك، ولم يكتفِ، فقد كان يتحدث لمن حوله أن طلاقنا كان بسبب سلوكي الذي لم يعجبه". ولم تصل زينب، التي تعاني من"الغيزة الزائدة"لزوجها، إلى الطلاق بعد، على رغم أنه مر على زواجها سبع سنوات، كانت ثمرتها ثلاثة أطفال، لا بل إنها ترفض الطلاق، على رغم ورود هذه الفكرة في كل مرة تواجه اتهامات من زوجها، وتؤكد"تراودني فكرة الطلاق يومياً، إلا أنني أتراجع عنها، فلو لم أنجب الأبناء لكان الطلاق سهلاً بالنسبة لي، إلا أن وجود الأطفال صَعّب اتخاذ هذا القرار". وتعزي نفسها دائماً بأنه"مريض نفسياً، فما الذي يدفعه إلى الغيرة حتى من أشقائه، الذين باتوا يخشون حتى من إلقاء السلام علي، وإن ألقوه أخشى أن أرد عليهم، ولأسابيع طويلة لا اخرج من المنزل، وإن خرجت فلا بد أن يكون بصحبتي، كما يجب أن تتوافر شروطه اللازمة والإجبارية في الملابس التي سأرتديها، بحيث تكون طويلة وواسعة جداً، وأن تكون العباءة طويلة وفضفاضة، والنقاب ممنوع، ولا بد أن امشي بطريقة معينة، وألا أتحدث إلا همساً، وأحياناً يضربني إن اعترضت على تصرفاته المريضة، وفي معظم الأوقات يمنعني من حضور المناسبات الخاصة بالأسرة، والأدهى والأمر إن ورد اتصال إلى هاتفي الجوال من رقم غير مُسجل، إذ يقوم بالاتصال به من هاتفه، للتأكد إن كان رجلاً أو امرأة، ويسأل عن سبب الاتصال على رقمي، وإن تحدثت عن الطلاق يعد بعدم العودة لما يفعله، إلا انه لا يستطيع ذلك، فقد أصبح الشك سمة في شخصيته". "اختصاصية": التوتر الأسري يبدأ منها تعتقد الاختصاصية الاجتماعية فوزية الهاني، أن مشكلات المتزوجين بسبب الغيرة الزائدة"ليست كثيرة"، مستدركة"ولكنها قد تكون بداية للطلاق عند وصول الزوجة إلى حال من اليأس، وفي أحسن الحالات قد تؤدي إلى التوتر الأسري"، وترفض ربط الغيرة بالشك،"فالشك لا يتولد إلا بعد توفر الإثبات". وتستعرض الهاني، أسباباً عدة لما يُسمى"الغيرة المرضية"، أبرزها"إذا كان الزوج أساساً غير سوي، أو أن تتوفر له في محيطه نماذج تنمي داخله هذا النوع من الغيرة، وكذلك أن يكون الزوج مرتبطاً بعلاقات غير شرعية، فيجعل زوجته ضمن هذه الدائرة، ويصنفها ضمن النساء اللاتي يعرفهن، فيضع زوجته في دائرة الاتهام"، مشيرة إلى أن بعض الأزواج"يحب أن يستعرض سيطرته أمام أصحابه وأسرته، فيفرض على زوجته نمطاً معيناً للعيش، والبعض يعتبره نوعاً من أنواع"البرستيج"، مؤكدة أن الغيرة"مطلوبة في الحياة الزوجية، ولكن لا بد أن تُعطى مساحة أكبر للثقة". وتضيف أن"تهمة الغيرة تكون ملتصقة في المرأة أكثر من الرجل، بنسبة 80 في المئة، ودائماً نسمع عبارة من نساء، من قبيل ان"الرجل لا أمان له"، و"لا يُعطى الثقة العمياء"، فهناك حال من عدم صدقية في تصرفات الرجل، ولكن نرى الرجل عند توجيه أصابع الاتهام إليه لا تهتز ثقته، ولا تتزعزع، ويواجه الاتهام في بعض الحالات من دون مبالاة، بعكس المرأة، وهذا يعود إلى ثقافة المجتمع، فالرجل لديه في حياته مساحة لأكثر من امرأة، أما المرأة فلا توجد لها مساحة إلا لرجل واحد، وهذا يعود لمبررات شرعية أيضاً، أما لدى المرأة فمساحة التهمة تختلف".