أسهمت تقارير منظمة الصحة العالمية w.h.o التي كشفت عن حدوث 3 ملايين حالة تسمم بالمبيدات الحشرية، من بينها 220 ألف حالة وفاة، في العالم أجمع، فضلاً عما تنشره الصحف المحلية بين الفينة والأخرى عن تعرض مواطنين إلى حالات تسمم غذائي"كيماوي"، نتيجة تناولهم منتجات زراعية بقي أثر المبيد فيها، في خلق هاجس عند كثير من المستهلكين، وسط مطالبات بإيجاد رقابة على المنتجات الزراعية من الجهات المتخصصة. ولجأ بعض المتخوفين من أرقام"الصحة العالمية"إلى حل يقيهم شرور"الكيماويات"، بتحويل الحدائق داخل منازلهم إلى مزارع صغيرة تحتوي على بعض من الثمار التي غرسوا بذورها بأيديهم. كذلك فعل فهد الكثيري 50 عاماً في باحة منزله، بعد ما سمعه عن الأضرار التي تسببها المركبات الكيماوية المستخدمة في تركيب المبيدات الحشرية الخاصة بالمحاصيل، والتي تحوي مواد عالية السمية""زرنيخية"و"فلورية"و"فسفورية"، و"زئبقية". وعمد الكثيري في أحيان، كغيره، إلى شراء المنتجات الزراعية"العضوية"على رغم ارتفاع أسعارها مقارنة بنظيرتها التي تعرضت إلى الرش الكيماوي، الذي لم يقتصر ضرره على النبات والإنسان، ليطاول خلايا النحل التي تموت أعداد هائلة منها لهذا السبب، ما يؤثر في إنتاجية المحاصيل المعتمدة على التلقيح بواسطة الحشرات. وتتباين خطورة المبيدات الحشرية التي يعمد المزارعون إلى رشها على محاصيلهم، حرصاً على سلامتها من الآفات الزراعية التي تلتهم ثمارها وتقضم أوراقها، ما بين مبيدات عالية السمية وأخرى متوسطة وثالثة غير سامة نسبياً. انتابت أفراد أسرة سليمان القثامي 34 عاماً أعراض مؤلمة، تمثلت في قيء وتسارع في نبضات القلب، إلى جانب إصابتهم بحساسية مفرطة، جراء تناولهم طبقاً من السلطة الخضراء، اكتشفوا على يد طبيبهم أن ما أصابهم ليس سوى"تسمم غذائي كيماوي"، نتج من تناولهم أطعمة تعرضت إلى مركبات كيماوية سامة، وهو ما دفعه إلى التساؤل عن دور الجهات المتخصصة إزاء ما يحدث حفاظاً على صحة المستهلك. ويضمّ صاحب مزرعة الأبراج والمدير العام لها محمد علي عبدالله صوته إلى أصوات مستهلكين كثر طالبوا بضرورة تخصيص جهات رقابية سرية تعمل تحت مظلة مديريات الزراعة وتتكفل بمراقبة مدى تطبيق المزارعين وملاك المزارع البنود الزراعية والتزامهم بحيثياتها. وأضاف:"لا بد من توفير وزارة الزراعة معامل ومختبرات زراعية أسوة بمعمل عنيزة الزراعي بحيث تكون موزعة على محافظات المملكة كافة، كسباً لثقة المستهلك وحفاظاً على صحته". من جهته، أوضح المدير العام للزراعة في محافظة الخرج المهندس إبراهيم الداعج أن طبيعة الإجراءات التي تفرضها وزارة الزراعة في ما يتعلق بنوعية المبيدات التي يستخدمها المزارع وزمن قطف الثمار تعد إجراءات إرشادية توعوية عن طريق إقامة ندوات وتوزيع كتيبات ومطويات إرشادية. وأضاف أنها تشمل حث المزارعين على التقيد ب"فترة التحريم"الموجودة على عبوة المبيد الفترة بين رش المبيد وقطف المحصول واستخدام المبيد المناسب لكل آفة أو مرض مصاب به النبات، بما في ذلك احتياطات السلامة الواجب اتخاذها عند إجراء عمليات المكافحة. وذكر أن هناك لوائح وأنظمة للتداول والاستيراد والتصنيع تتضمن الحصول على التراخيص اللازمة، سواء على مستوى المملكة أم دول الخليج،"وهذا النظام المشترك يبدأ من عملية التصنيع إلى عملية الشراء من تجار الجملة، إلى عملية البيع من قبلهم إلى تجار التجزئة". وأشار إلى أن المبيد لا يفسح إلا بعد أن يمر بإجراءات معينة من التحليل وإجراء التجارب اللازمة على المادة الفعالة فيه، ومدى أثرها المتبقي في البيئة على الإنسان والنبات والحيوان، للتأكد من كونه في حدود النسب العالمية المسموح بها. وعن أسباب تعرض بعض المستهلكين إلى حالات تسمم غذائي كيماوي، أكد أن ذلك يعود إلى الاستخدام الخاطئ للمبيدات، نتيجة قلة الوعي لدى بعض العاملين في المزارع، إذ تقوم هذه العمالة بعملية المكافحة من دون مراعاة فترات التحريم المدونة على المبيدات أو حتى التوقف عن الرش قبل جني المحصول بمدة محددة. ونفى الداعج وجود عقوبات من وزارة الزراعة في حق ملاك المزارع الذين لا يراعون"فترة التحريم"أو يستخدمون مبيدات عالية السمية، موضحاً أن المديرية تتابع محال بيع المبيدات للتأكد من صلاحية المبيد ووجود التراخيص اللازمة للمحل إضافة إلى التأكد من تسجيل المبيد وحقيقة فسحه نظامياً. وتابع:"في حال وجود مخالفات بهذا الخصوص، تصل العقوبة على أصحاب المؤسسات المخالفين إلى 200 ألف ريال، تتضاعف إلى 400 ألف حين تكرار المخالفة، مع إغلاق المنشأة وإتلاف المواد المخالفة"، مشيراً إلى أن التشهير في الصحف وإلغاء الترخيص هي عقوبة من يرتكب المخالفة ثلاث مرات. واعتبر الداعج المطالبات بالرقابة على المزارع"غير المنطقية". وزاد:"الرقابة على المزارع صعبة جداً، كون المزارعين يرشون المبيدات خلف أبواب المزارع المغلقة وفي أوقات متفرقة، فضلاً عن عدد المزارع الكبير في المنطقة". وفي ما يتعلق بتوفير مختبرات زراعية تعمل على الكشف عن المحاصيل الزراعية قبل بيعها أسوة بمختبر عنيزة، أكد أن المختبر المذكور تحت إدارة البلدية، ويوجد في صالة عرض المنتجات الزراعية التابع للجمعية التعاونية في عنيزة، والكشف عن هذه المحاصيل يعد اختيارياً وليس إجبارياً، كما أنه يوجد في السوق الرئيسية للخضار في منطقة الرياض مختبر مماثل. وعن حقيقة نسبة التلوث للمبيدات على النباتات المختلفة، ذكر أن نتائج دراسة قامت بها وزارة الشؤون البلدية والقروية تحت إشراف جامعة الملك سعود عام 1425 على 40 نوعاً من المبيدات أخذت منها 500 عينة من الخضراوات الورقية وغير الورقية وفواكه طازجة محلية ومستوردة، أظهرت أن نسبة التلوث في معظم العينات تعد في الحدود المسموح بها، ولم تشكل العينات المخالفة إلا نسبة ضئيلة لا تتجاوز 2 في المئة، ولا تمثل خطورة كبيرة.