شكّل تأسيس"مديرية الشؤون الخارجية"في مكةالمكرمة عام 1344ه 1924، حجر الأساس للديبلوماسية السعودية الخارجية، التي تطورت بعد أعوام قليلة من تأسيسها، لتكون هذه المديرية أول وزارة سعودية. وكانت الديبلوماسية السعودية شقت طريقها قبل تأسيس"المديرية"، إذ أقام الملك عبدالعزيز علاقات خارجية مع بريطانيا والدولة العثمانية، قبل ان يضم الحجاز إلى الدولة السعودية 1343ه. وأرسل مؤسس الدولة السعودية الثالثة، بعثة لمفاوضة الدولة العثمانية، وبحث الوضع السياسي في كل من نجد والخليج العربي، فضلاً عن إرساله فريقاً عام 1334ه إلى الشريف حسين بن علي في الحجاز، لإطلاعه على تفاصيل معاهدة القطيف عام 1334ه، وموقفه من الحرب العالمية الأولى. ويعد مؤرخون تأسيس مديرية الشؤون الخارجية، الانطلاقة الأولى للعمل الديبلوماسي السعودي، خصوصاً أنها تميزت بوجود جهاز إداري متكامل، اذ ضمت أربع شعب متخصصة"سياسية وإدارية وحقوقية وقنصلية". وكان الدكتور عبدالله الدملوجي أول مدير للمديرية، وهو عراقي التحق بخدمة الملك عبدالعزيز. وتناوب على إدارة المديرية عدد من الشخصيات، قبل تحويلها إلى وزارة عام 1349ه، وتعيين الملك فيصل بن عبدالعزيز وزيراً لها. وقبل أن تتجه السعودية إلى تعيين سفراء لها في الخارج، عيّنت في البداية وكلاء سياسيين يقومون بأعباء الأمور التجارية في الخارج، إضافة إلى وكلاء يؤدون دور السفراء والقناصل لتسهيل أمور التجارة، مثل عبداللطيف باشا المنديل في البصرة والكويت. وأنشأت"المديرية"أول مفوضية في لندن عام 1349هجرية، تلتها مفوضية بغداد ودمشق عام 1352ه، ثم مفوضية القاهرة عام 1355ه، وإقامة علاقات ديبلوماسية مع الحكومة السوفياتية وهولندا وفرنسا عام 1345ه ومع الجمهورية التركية عام 1346ه. ولم تكن لدى المملكة أية بعثة ديبلوماسية رسمية حتى عام 1348ه، حين افتتحت في القاهرة أول ممثلية سعودية، وارتفع العدد بعدها ليبلغ 18 بعثة في 16 دولة في عام 1951. وشغل منصب سفير سعودي منذ تأسيس"المديرية"وحتى عام 2002 أكثر من 231 سفيراً، تناوبوا على إدارة شؤون 85 سفارة، إضافة إلى وجود 15 قنصلية وخمسة مكاتب تابعة لوزارة الخارجية، بحسب كتاب"معجم السفراء السعوديين"، الذي قدّر عدد العاملين في جهاز الشؤون الخارجية بالآلاف من الرجال. وتولى الملك فيصل وزارة الخارجية حتى عام 1380ه، ليحل مكانه إبراهيم عبدالله السويل، الذي تولى بعده المسؤولية الأمير سعود الفيصل بن عبدالعزيز عام 1395ه. وتوسعت المملكة في تمثيلها الديبلوماسي بعد الحرب العالمية الثانية، ورفعت وزارة الخارجية تمثيلها في الخارج إلى مستوى سفارة. وواكب التوسع في التمثيل الديبلوماسي تطور في جهاز وزارة الخارجية وبعثاتها الديبلوماسية، بما في ذلك إعادة تشكيل جهازها الإداري والتنظيمي، لتمكينه من القيام بواجباته، تماشياً مع توسع المملكة في علاقاتها الدولية، ونشاطها الديبلوماسي المكثف على الساحة الدولية.