فرط لاعبو منتخبنا بنقطتين مهمتين في بداية مشوارهم التنافسي على خطف إحدى بطاقتي التأهل لنهائيات كأس العالم عقب تمكن المنتخب الإيراني من إدراك هدف التعادل في الوقت الحاسم من المباراة، التي كانت الكفة فيها تميل لمصلحة لاعبي"الأخضر"من الدقائق الأولى، حتى الثلث الأخير من الشوط الثاني، الذي شهد انتفاضة قوية من لاعبي إيران تحصلوا بموجبها على مبتاغهم"المهم"وهو هز شباك منصور النجعي بهدف تعادل، واقتربوا كثيراً من تعزيزه بهدف ثان، إلا أن نتيجة التعادل هذه وصلت في أهميتها إلى اعتبار المنتخب الإيراني فائزاً كيف لا وهو يلعب على أرض منافسه الشرس على تصدر هذه المجموعة. شوط مثالي ل"الأخضر" اعتماد المدرب ناصر الجوهر على الزج بتشكيلته المثالية التي كان يعتمد عليها في المباريات التحضيرية قبل هذه المباراة، إضافة إلى مشاركة"الخبير"حسين عبدالغني بديلاً لعبدالله الزوري منح الفريق انسجام وتفاهماً ملحوظاً مكنه من السيطرة الميدانية وفرض أسلوبه على الفريق الإيراني طوال مجريات هذا الشوط، الذي تنوعت فيه الهجمات بشكل مثالي، واستطاع لاعبو"الأخضر"الإبداع في خلق العديد من فرص التسجيل التي لم يكن" التوفيق"ملازماً لها، بالذات مع"النشط"فيصل السلطان الذي اجتهد كثيراً في عمل اختراقات عمقيه أو عن جهة أطراف الملعب، إلا أن اللمسة الأخيرة لم تنفذ بشكلها السليم، ونجح الحارثي والسلطان في تطبيق الضغط العالي على مدافعي إيران بمساعدة لاعبي الوسط عبده عطيف ومحمد الشلهوب، اللذين بذلا مجهوداً بدنياً قوياً طوال هذا الشوط، إضافة إلى مشاركة الظهير الأيمن عبدالله شهيل في عملية الضغط وعودته السريعة لمنطقته حال فقدان الكرة، هذا الشوط الذي بذل فيه لاعبو المنتخب السعودي مجهوداً قوياً و تفوقوا في مجرياته على لاعبي إيران، لم يكن منصفاً لهم في الحصيلة التهديفية التي توقفت عند الهدف المثالي من قدم سعد الحارثي نتيجة"تفنن"لاعبي منتخبنا في تطبيق جملة تكتيكية كانت نهايتها سليمة داخل الشباك الإيرانية، هذه السيطرة الميدانية"للأخضر"قابلها بعض الهجمات"الخجولة"من الجانب الإيراني إلا أنها لم تجد العدد الكافي لهز الشباك. هفوات الماضي"نسيناها" يبدو أن دروس الماضي القريبة التي تلقيناها أثناء المباريات التحضيرية أمام منتخبات البارغواي وقطر وفريق سمبدوريا الإيطالي لم نعطها الأهمية القصوى، ولم نحللها بالشكل المطلوب الذي يضمن لنا تلافيها في المباريات الرسمية، لذلك جاءت العواقب"مكلفة"بأن نفقد نقطتين مهمتين في مباراة كانت نتيجتها تميل لمصلحتنا في غالبية مجرياتها، خصوصاً في أحداث الشوط الثاني الذي تراجع فيه لاعبونا للمناطق الدفاعية بشكل تدريجي، كما حدث في الشوط الثاني في مباراة قطر الودية على وجه التحديد، وأعطى هذا التراجع فرصة كبيرة للمدرب علي دائي بأن يتخذ خطوة"المجازفة"باستعانته بالمهاجمين رسول خطيبي ومعدنجي 62 دفعة واحدة، على حساب لاعب الوسط زاندي والمهاجم غلام رضائي، هذا التحرك من دائي يبدو أنه أربك حسابات ناصر الجوهر ودفعه للاستعانة 67 بعمر الغامدي على حساب محمد الشلهوب، الذي كان أكثر لاعبي الوسط اندماجاً وحيوية مع أجواء المباراة، وهذا التبديل انتقل تأثيره كذلك على اللاعب عبده عطيف، الذي تقيد في الجهة اليسرى وانعزل كثيراً عن بقية زملائه لاعبي الوسط والهجوم، حتى أصبح عاجزاً في توصيل كراته بالشكل الصحيح، وما زاد من معاناة المنتخب أيضاً هو خروج فيصل السلطان 70 الذي كانت له محاولات تهديفية عدة لم يكتب لها النجاح، وكان خروجه بمثابة عنصر ارتياح لمدافعي إيران، حتى لو كان البديل بحجم الهداف ياسر القحطاني، إلا أن الأولوية كانت تتطلب وجود السلطان فوق أرضية الملعب على حساب الحارثي أو ياسر القحطاني. وتبدو لعنة الكرات العرضية ملازمة للمنتخب السعودي، كما حدث في الماضي وكما حدث في آخر المباريات التجريبية، وتحديداً في مباراتنا أمام البارغواي، التي اهتزت شباكنا من ضربة ركنية مشابهة لما حدث في مباراة إيران، على رغم أن المدافعين كانوا حريصين جداً على إبطال عدد من الكرات العرضية، إلا أن الغفلة والاتكالية في كرة وحيدة كلفتنا خسارة نقطتين في غاية الأهمية. نقطتا التحول في المباراة لو تجاوزنا الهفوات التكتيكية التي وقع فيها المدرب ناصر الجوهر أو اللاعبون، إلا أن هناك عوامل تأتي وتتسبب في تغيير الكثير من أحداث المباراة، كما حدث مع ركلة الجزاء22 غير المحتسبة من الحكم الاسترالي مارك شل لمصلحة فيصل السلطان، خصوصاً أن التوقيت كان باكراً وقد تتغير الكثير من الأحداث لو تمّ تسجيلها كهدف سعودي أول، وتتمثل نقطة التحول الثانية في المباراة في خروج الشلهوب والسلطان على التوالي من أرضية الملعب، على رغم أدائهم المقنع والمثمر في الشق الهجومي تحديداً. المخزون اللياقي عانى لاعبو"الأخضر"كثيراً من تراجع مخزونهم اللياقي في الدقائق العشرين الأخيرة من المباراة، وهذا ما أعطى لاعبي منتخب إيران دافعية أكبر في زيادة الضغط العددي على لاعبي منتخبنا، وأعطاهم هذا الوضع فاعلية أكبر للبحث عن هدف التعادل بأية طريقة سواء في تناقل الكرة في مساحات ضيقة، ومن ثم تغيير الكرة للجهة المقابلة أم في التوغل في عمق الدفاع السعودي، أم في البحث عن ثغرة مواجهة للمرمى كي يقوموا بالتسديد المباشر، خلاف إجادتهم الكبيرة في التعامل مع الكرات العرضية، التي حققوا فيها مبتغاهم في تعديل النتيجة.