أجاد لاعبو المنتخب السعودي استغلال ظروف مباراتهم أمام مستضيفهم الإماراتي وحوّلوا تأخرهم بهدف إلى فوز بهدفين، نالوا على إثر ذلك ثلاث نقاط في غاية الأهمية في مشوارهم نحو الترشّح لنهائيات كأس العالم عن منتخبات هذه المجموعة، وخرج"الأخضر"من هذه المباراة بفوائد عديدة منها: ما يتعلق بالعوامل النفسية، ومنها ما يتعلّق بالعوامل الفنية التي واجهت انتقادات عدة، خصوصاً عقب مباراة التعادل الأولى أمام المنتخب الإيراني، التي قرر معها مدرب المنتخب ناصر الجوهر مقاطعة وسائل الإعلام وعدم حضور المؤتمر الصحافي الذي أقيم عقب اللقاء، والتركيز على تجهيز لاعبيه لهذه المواجهة، حتى استطاع الخروج من هذا المأزق بفوز معنوي على"الجريح"المنتخب الإماراتي. بداية حذرة النهج الهجومي الذي طغى على تشكيلة منتخب الإمارات من بداية المباراة، التي تعتمد على تواجد فيصل خليل في رأس الحربة ومن خلفه الثلاثي الهجومي إسماعيل مطر ومحمد الشحي وإسماعيل الحمادي أجبرت لاعبي"الأخضر"على التمركز في مناطقهم الدفاعية، ولم تمنح الظهيرين عبدالله شهيل وحسين عبدالغني القيام بالمساندة الهجومية كأحد الحلول الهجومية التي كان يعتمد عليها لاعبو المنتخب السعودي، بل اضطرّ لاعبا محور الارتكاز خالد عزيز وأحمد عطيف للجري خلف الكرة في جميع مناطق الوسط، وهذا ما أدى لتباعد خطوط"الأخضر"عن بعضها، وأدى هذا الوضع إلى أن يتوه صانعا اللعب عبده عطيف ومحمد الشلهوب في ملعب المباراة، ويعجزا عن صناعة اللعب أو التمرير في ملعب الإمارات نتيجة الضغط القوي من سبيت خاطر وسعيد هلال لاعبي عمق"الأبيض"، ولم يكن للمهاجمان فيصل السلطان وسعد الحارثي في الشوط الأول أية محاولات هجومية خطرة في ظل العزلة التي عانيا منها كثيراً، وأصبحت مهمة المراقبة والاستحواذ عليهما في غاية السهولة من المدافعين الإماراتيين. 22 دقيقة قبل البداية احتاج لاعبو الإمارات إلى 22 دقيقة فقط حتى يهزوا شباك الحارس وليد عبدالله، ومن كرة ثابتة من ضربة ركنية، هذه الكرات التي يعاني معها دفاع"الأخضر"مشكلات عديدة، وكانت هذه المرة بسوء التمركز والتغطية على الكرة وليس على أحد لاعبي الإمارات، والشيء اللافت أن من وقع في هذه الهفوة هما لاعبا الارتكاز أحمد عطيف وخالد عزيز أكثر اللاعبين تركيزاً وحيوية فوق المستطيل الأخضر، وانتظر لاعبو"الأبيض"22 دقيقة أخرى أي في الدقيقة ال44 كي يجدوا فرصة ذهبية لإضافة هدف آخر قد يحوّل من مسار المباراة بدرجة كبيرة لمصلحتهم، إلا أن المهاجم فيصل خليل لم يتعامل مع هذه الكرة الانفرادية بالشكل السليم، وأنقذ لاعبي المنتخب السعودي من مشكلات عديدة قبل دخولهم غرفة تبديل الملابس لما بين الشوطين. شوط أول فقير باستثناء تسديدة سبيت خاطر 21 وانفرادية فيصل خليل 44 ورأسية سعد الحارثي 28 لم تكن هناك كرات خطرة بمعناها الصحيح في الشوط الأول على المرميين، على رغم السيطرة النسبية لمنتخب الإمارات ووجود لاعبيه في الملعب السعودي في الكثير من دقائق هذا الشوط، إلا أن الحلول التهديفية كانت صعبة في ظل"الحذر"السمة الأبرز للمنتخب السعودي، وإغلاق المساحات الدفاعية من كلي الجانبين، لذلك اختفت الجمل التكتيكية واختفت الألعاب المهارية من كلي الجانبين، حتى انعدمت الخطورة الفعلية بشكلها المثالي. تبديلات الجوهر أثمرت تركيز لاعبي الإمارات على التوغّل من جهة حسين عبدالغني في أكثر هجماتهم على المرمى السعودي نتج عنها معاناة كبيرة في الجهة اليسرى، وأصبحت منطلق الهجمات الخطرة، وهذا ما جعل حسين عبدالغني يعاني كثيراً حتى نال على أثر ذلك البطاقة الصفراء، وفي الوقت الذي توقّع الجميع الزجّ بعبدالرحمن القحطاني للقيام بدور المساندة الفعلية لحسين عبدالغني، إلا أن الجوهر كان له رأي آخر حينما زجّ بالفريدي على حساب الشلهوب في منتصف الشوط الثاني، وأثمر هذا التبديل عن زيادة الضغط الهجومي على مدافعي منتخب الإمارات، إضافة لدخول"الخبير"ياسر القحطاني مع بداية هذا الشوط. المخزون اللياقي عكس ما حدث في مباراة إيران من انخفاض لياقي لدى اللاعبين السعوديين، كان هذا العنصر هو من جعلهم يتفوقون على مستضيفهم خلال مجريات الشوط الثاني، الذي جعلهم يصولون ويجولون من دون مقاومة تذكر، والهدفان اللذان سجلهما عبده عطيف وأحمد الفريدي يعطيان الدلالة الكبيرة على معاناة لاعبي الإمارات البدنية والتكتيكية مع منتصف الشوط الثاني، وهو ما مكّن لاعبو"الأخضر"من الإمساك بزمام المباراة حتى نهايتها.