من المؤكد انها اقترفت خطأ كبيراً وذنباً عظيماً، ربما لم ترَ أمامها حلاً آخر، توقف عقلها عن التفكير فلم تفكر كما كان ينبغي ويتطلب الأمر... لكنها انثى محبة، ولديها مشاعر لم تستوعب كلماته القاسية ولا طريقته المهينة في مخاطبتها، ابنهما اصابته حال من الذهول عندما سمع رد والده على سؤال والدته التلقائي فلم يستوعب الموقف، إذ تجمدت الدموع في عينيه، وانحبست في أوتار صوته كل الحروف من دون قدرته على النطق، فما عاد قادراً على النطق! وبالنسبة لها، من المؤكد ان سنوات عمرها معه تسارعت كلقطات فيلم يجلجل بصوت مرتفع داخل عقلها، فانتفض قلبها حزناً وكمداً وضيقاً لأنه كان جافاً عندما أطلق كلماته النارية بلا رحمة، فلم تجد ما تقوله، أما هو فلم يأبه لدموع إبنه، ولا لصدمة زوجته من رده على سؤالها له: أين غاب أسبوعاً كاملاَ عن البيت من دون إخطار أو تفسير لسبب الغياب؟ فرد عليها - بعد أن طلب منها ان تجلب له القهوة - قال لها ببرود وعدم اكتراث برد فعلها:"كنت عند زوجتي الجديدة"... سمعتها منه فأسرعت فاقدة الوعي الى باب الشرفة تفتحه لتلقي بجسدها وبثقل روحها المتوجعة من الدور الثالث لتموت، لأنها بكل الحب الذي تحمله له لم تقوَ على تحمُل الصدمة، فكل الاحتمالات التي خطرت لها في اللحظة التي سبقت فقدانها الوعي بدت مؤلمة للغاية، بل قاتلة، فألقت بجسدها الذي امتص رحيقه إلى الأرض من شرفة الطابق الثالث. غيرة نساء... هكذا أجاب بكل برود عندما سأله الشرطي ماذا حدث؟ وكيف ألقت زوجته بنفسها من الشرفة؟ ولماذا لم يحاول منعها؟ ردد كلمة واحدة لا يفقه غيرها"غيرة"، فهو تربى هكذا بلا مشاعر، بل من المؤكد بأنه لا يعرف ان الأمر ليس مجرد غيرة كما يدعي ويردد، لم يفهم انها انسانة وثقت به، ولم تستوعب ما تعتبرها خيانة ضمير وفعل منه لوفائها وإخلاصها! أخطأت نعم وبكل تأكيد لأنها جعلت له الأولوية في حياتها، ولم تصدق رفيقاتها عندما كن يخبرنها عن قلوب بعض الرجال الخالية من الرفق والحنان والوفاء... وهو أخطأ عندما تصرف كطفل غير ناضج وكانت تنقصه شجاعة الرجل، وحرص الزوج على سلامة أسرته ليختار الوقت المناسب والتمهيد المناسب. ومن المؤكد انها اخطأت وتسرعت برد فعل حمقاء، فالحياة لا تستحق أن تفقد من أجل رجل غير وفي. [email protected]