الحقيقة أن رابط الموضوع وصلني قبل شهر وسمعته للمرة الأولى وخرجت بانطباع غير مريح على رغم أن جوهر الموضوع رائع وجميل وأتفق معه من حيث المضمون والفكرة. وحدثت نفسي أن الشيخ الفاضل أو الداعية المعني بالموضوع أحب جذب انتباه الناس لعظم حق الأم وعظم حق الأب مقارنة بأي حقوق أخرى.. أو ربما رأى أنه أسلوب متناسب مع ثقافة بعض الأشخاص لذلك تمسك به في خطبة استمرت زهاء الساعة تقريباً استمعت لها بوجداني تارة وبعقلي تارة وبمشاعر الأم تارة وبمشاعر الزوجة تارة أخرى فلم أتمكن سوى من الشعور بالاستياء والتحسر وبعض الغضب. لماذا؟ سؤال جدير بالطرح.. الموضوع كان يتعلق بعظم حق الأم والأب واندمج الداعية في طرحه وقال بالحرف الواحد: (بأنك محظوظ بوجود والدتك على قيد الحياة وهب ان زوجتك تضررت واستاءت وتضايقت انك تذهب لخدمتها كل يوم وهب انها في يوم ما صرحت لك بمشاعرها الخبيثة فماذا سيكون رد فعلك يا مسلم؟) ارجو من قرائي تجاهل كلمة خبيثة الآن.. واسمعوا رد الداعية (أقول لك أيها المسلم رد عليها برد واحد فقط يليق بما صرحت له به قل لها بكل رجولة وخشونة اخرسي يا امرأة) واستمر في واجبك نحو والدتك ووالدك ولا تلفت الى محاولة الزوجات السيطرة عليك وعلى واجباتك الدينية. اعود لتحليل كلمة (اخرسي يا امرأة) وما ينتج عنها من مشاعر سلبية تجعل الزوجة المتضررة أو التي تشعر بالغيرة (تستاء أكثر من الجملة السابقة) وستجعلها تخبئ مشاعرها وستجعلها أكثر عنفاً مع الزوج ومع أطفالها ومع الخادمة ومع الوالدة نفسها. على رغم ايماني الشديد بعظم حق الوالدين وخدمتهما ولزوم قدميهما لما له من ثواب وبركة ورضا فكل ما سبق جميل ورائع وواجب وحق ولن نوفيهما حقهما مهما فعلنا ودعوة واحدة من لسانهما تكفي لطرح البركة والتوفيق والرزق في حياة أي منا ... ولكن! المهارة والذكاء تكمن في تحويل مشاعر الزوجة من استياء وغيرة أحياناً الى مكسب لأن يجعلها الزوج تشاركه المسؤولية في رعاية والدته ووالده بأن يستقبل أسئلتها ويحولها الى مشاعر ايجابية (كأن اريدك أن تشاركيني الثواب والأجر.. أو أعرف أنك أصيلة وستكونين سندي .. أعلم أن ما في داخلك لا يتفق مع ما قلتيه للتو..) عودة لمشاعر الغيرة ان وجدت لو تم تحليل شعور الغيرة المجرد (هو الخوف من فقدان المكانة والشعور بالتهديد وعدم الأمان) وهو شعور طبيعي يصيب الرجل والمرأة والطفل وبإمكان الشخص الذكي أو لمن يملك مهارات التواصل تحويله (بطمأنة الخائف وليست بكلمات جوفاء كالتي تشتكي منها معظم الزوجات وكالتي يقولها بعض الأزواج (هي داخلة وأنتي خارجة) أو (اذا كان يعجبك) أو الباب يفوت جمل .. كلها جمل عنيفة لا تتناسب مع (مشاعرطبيعية) قد تمر مرور الكرام وتغادر سريعاً اذا وجدت مستجيباً ذكياً يحولها الى لحظة إيجابية تزيد من سعادته وسعادة الزوجة وسعادة الأم أيضاً. أنتظرت في آخر الخطبة التي لم تغادرني أن يذكر الداعية مشاعر الزوجة التي تمنع أيضاً من البر بوالدتها ووالدها فلم أجد وكأن الزوج فقط هو الذي يملك والدين فقط.. وتخيلت أن زوجة ما قامت بالفعل نفسه وعبر لها زوجها عن المشاعر نفسها وبناء على الفتوى أجابت الزوجة بالطريقة نفسها .. فماذا ستكون النتيجة؟ [email protected]