يحق لكِ يا أبرار أن تفخري بأبيك... يحق لك أن يكون لديك المقدرة وسرعة البديهة لتردي عمن يقتله فضوله ليعرف بعض المعلومات عنه، وعن معيشته وعن أسباب إعاقته، التي لم تهده ولم تكسر مشاعره ولم تئدها، بل حولته إلى عملاق يعيش مستمداً قوته من الشعور بالرضا والتقبل والتأقلم والرغبة في النجاح والتميز. على قناة «العربية» وبتاريخ 22-6-2009 رقص قلبي فرحاً عندما شاهدت التقرير الخاص عنه، وعن نجاحاته المستمرة والمميزة على برنامج صباح العربية الجميل، الذي يقدم لنا نماذج رائعة كمقبول العمراني وغيره. جاء يحمل طفله الخامس بكل سعادة، ويعبّر عن مشاعر جميلة، وعن خوفه الطبيعي الذي لا ينتهي على أولاده بأن يصيبهم مثل ما أصابه، جراء إبرة حولته من إنسان طبيعي إلى معوق إسماً فقط، على رغم أنه ليس معوقاً على أرض الواقع، فهو زوج لسيدة من الزمن الجميل، الذي يحترم الإنسان (كإنسان) ويقف معه يدعمه ويمده بالقوة والفخر بإنجازاته الجميلة. وهو أب لخمسة أطفال كانوا يجلسون بجواره في التقرير، والفخر يملؤهم بوالدهم، الذي جعل رؤؤسهم مرفوعة في مجتمع كثير التساؤل وكثير الفضول، علمهم أن يردوا بصيغة جميلة، والدنا أفضل من كثير من الأصحاء. وهو سبّاح من الدرجة الأولى، الذي أحرز العديد من البطولات، وتقلّد الكثير من الميداليات. هذه النماذج الرائعة يجب أن نسلّط عليها الضوء، ويجب أن نستغل وجودهم بيننا، ليكونوا قدوة لشبابنا، الذين يشتكون من قلة الوظائف ووقت الفراغ وعدم وضوح الرؤية، يجب أن يسلّط الضوء على إنجازهم الرائع، للاستفادة من رحلة حياتهم المثمرة. من أبلغ وأجمل ما شاهدته على اليوتيوب (نصف رجل) قام بعمل محاضرة عملية في إحدى المدارس الثانوية في إحدى الدول الغربية، والذي سألهم سؤالاً واحداً فقط (هل سقط أحد منكم يوماً على الأرض؟) وتركهم ليجيبوا لبرهة، وعاد وأسقط نفسه أرضاً ومكث لدقائق يحاول النهوض، رغم أنه لا يملك ذارعين ولا ساقين، بل كل ما فيه عبارة عن رأس وربع جسد فقط! وقوة خارقه مكنته من الاستناد على جبهته وقام من دون مساعدة من أحد. مردداً جملة رائعة: إذا كنت أنا تمكنت من النهوض على رغم أنني لا أملك ما تملكونه فأنتم تستطيعون النهوض. لم يحز فقط على تصفيق حاد، بل حصل على دموع كثيرة، والطالبات والطلاب ظلوا واقفين لفترة طويلة احتراماً لمحاضرة بليغة، تترجم معنى القوة الداخلية والعملاق الحقيقي حتى لو كان بنصف جسد. «شكراً لك» هي جملة سمعتها تتردد كثيراً بين شفاههم، «أضأت حياتي» جملة ثانية أقسم أنها كانت من القلب، وأقسم أنهم سيعودون لمنازلهم وقوة هائلة بدأت تتحرك داخل قلوبهم. عودة إلى أبرار مقبول العمراني، يحق لكِ أن تفخري بأبيكِ وبأمكِ، وبكل من استطاع زرع هذا الفهم الواعي في عقلك عن معنى العملاق الذي تنتمين إليه يا ابنتي. [email protected]