على رغم أن الكثير من الشبان والفتيات من طلاب المرحلتين الثانوية والجامعية يصفن مادة الكيمياء بالجمود والصعوبة، إضافة إلى الاعتقاد التام بعدم جدواها في الحياة اليومية، فإن طالبات إحدى المدارس الثانوية في محافظة جدة كسرن ذلك الحاجز الموصوم بالجمود والصعوبة، وبدأن تطبيقاً عملياً لما تعلمنه نظرياً من معادلات وعلاقات كيميائية بترجمتها إلى منتجات"استهلاكية"يومية، في محاولة منهن لربط تلك المعادلات بالواقع اليومي والاستفادة منها، أو حتى اتخاذها مصدراً لتحسين دخلهن المادي بعد التخرج. وتهوى وجدان معين إحدى الطالبات المبتكرات إعادة تصنيع الشموع المنزلية وفق طرق كيميائية درستها من خلال تلك المادة، وتقول:"أجمع بقايا الشمع الموجودة في منزلي وأصهرها، ليتسنى لي إضافة ألوان متعددة ونكهات مختلفة مثل الفانيليا والكابوتشينو والشوكولاتة إليها"، لافتة إلى إمكان وضع المواد العطرية التي ترغب بها، وصبها في قوالب تناسب الشكل المطلوب. وتجمع الطالبات على أهمية استخدام البدائل الطبيعية عوضاً عن مواد الكيمياء المصنّعة للحد من أضرارها الجانبية، إذ ترى حنين باقادر أن في إمكانها تركيب خلطات من مكونات طبيعية تستخدم للوجه وتنظيف البشرة، وتقول:"أمزج كمية من الحليب المستخدم في تنقية الوجه مع القليل من"الجلسرين"الذي يساعد على تفتيح لون البشرة، من دون أية إضافات لمواد كيميائية صناعية تفادياً لأضرارها". ولا تختلف صباح شاهين كثيراً عن زميلتيها وجدان وحنين، إذ تستخدم هي الأخرى المكونات الطبيعية لصنع كريمات تدليك القدمين، باستخدام زيت اللوز و الفازلين وزبدة الكاكاو والليمون، إضافة إلى ماء الورد. أما أبرار عاشور فتؤكد أنها اكتشفت أن خلط زيت الزيتون واللوز مع ماء الورد يعد علاجاً فعالاً للنمش والكلف الذي يصيب الوجه نتيجة التعرض المستمر للتغيرات المناخية. فيما تستخدم مرام الدوسري ماء البابونج لإضفاء اللمعان والقوة على الشعر، بينما تؤكد وجدان غراب على أهمية زيت"الجنجباء"الذي يساعد على ترطيب البشرة وتخفيف التجاعيد وأعراض الشيخوخة، إضافة إلى فعاليته في محاربة البكتيريا. ومن خلال دراستهن ل"الكحوليات"والمواد المتطايرة، امتهنت كل من شهد بخاري وهنيدة منتو وبشاير أبو بكر حرفة تصنيع العطور، باستخدام الكحول الإيثيلي كمادة متطايرة، إضافة إلى أي نوع من العطور الزيتية غير المتطايرة، ويؤكدن بكل ثقة قدرتهن على التحكم في تركيز العطر وإظهاره بروائح عدة ومختلفة، وفقاً لتفاعلات المزيج مع ضوء الشمس وبناء على ما تعلمنه في مادة الكيمياء عن تلك التفاعلات. ومن خلال معادلات"الصابون والتصبّن"استطاعت سمر حناوي أن تصنع الصابون في منزلها، وتقول:"من السهل جداً صناعته باستخدام سمن حيواني أو نباتي، إلا أن الحيواني يساعد على عملية"التصبّن"بشكل أكبر، عبر مزجه مع هيدروكسيد الصوديوم، ومن ثم وضعه على نار هادئة لمدة ساعة كاملة مع التقليب المستمر، وقياس مستوى"الحمضية"فيه، إذ لابد من استخدام ورق القياس الموجود في المعامل للحفاظ على PH في وضعية متعادلة"، مشيرة إلى أنه بالإمكان إضافة النخالة والفيتامينات لتغذية البشرة، إضافة إلى المواد العطرية. وفي هذا الشأن أكدت معلمة الكيمياء آمال محمد التي قضت 19 عاماً في تدريس هذه المادة أنها تحرص دائماً على تنظيم ورش عمل تختص بترجمة المعادلات الكيميائية إلى وسائل عملية تستفيد منها الطالبات في حياتهن اليومية، إضافة إلى محاولة تسهيل المنهج عليهن واستذكاره بمتعة ومن دون ملل. وقالت ل"الحياة":"إن الهدف من ورش العمل يتمثل في ضرورة استخدام موارد طبيعية بديلة عن الكيماويات لتفادي أضرارها على صحة الفرد، إضافة إلى أنني أتوقع من الطالبات أن يكملن ذلك المشوار في بيوتهن حتى بعد انتهاء الدراسة، خصوصاً وأنهن تأكدن من سهولة تلك المادة على رغم معادلاتها الكثيرة".