طرح عدد من الأوراق العلمية والبحوث الأكاديمية ملامح عدة من حياة وتاريخ الملك فيصل بن عبدالعزيز، فكشفت عن مقدرات ونبوغ ونباهة، قلما توافرت في شخص واحد، إلا إذ كان قائداً وعبقرياً مثل الراحل. وقدم المشاركون في ندوة"الملك فيصل شاهد وشهيد"، التي انطلقت صباح أمس في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات في فندق الانتركوتيننتال، رؤى ووجهات نظر متنوعة، شملت ميادين وحقول عدة اهتم بها"الشهيد". فتوقف جمال محمود حجر في ورقة بعنوان:"زيارة الأمير فيصل بن عبدالعزيز الرسمية إلى انكلترا 1926"، عند الزيارة التي قام بها الأمير فيصل بن عبد العزيز إلى انكلترا، إذ كانت المحطة الأولى لزيارته إلى أوروبا. كما تناول الدكتور جوزيف كيششيان في ورقة بعنوان:"الملك فيصل والولاياتالمتحدة الأميركية"، العلاقات السعودية - الأميركية في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز، والسياسات والمواقف التي اتخذها وأبرزها سياسة التضامن الإسلامي،"التي أصبحت سياسة جديدة قبل أزمة 1973، ورؤية الملك فيصل في تحقيق التوازن في السياسة الخارجية مع الولاياتالمتحدة الأميركية من خلال اتخاذ مواقف إيجابية، من الجانب الأميركي تجاه القضية الفلسطينية". وقدم سامبي خليل ماغوسوبا استعراضاً علمياً للزيارة التاريخية التي قام بها الملك فيصل بن عبدالعزيز إلى مالي عام 1966"التي بعثت من جديد علاقات تعود جذورها إلى عمق التاريخ، إضافة إلى بناء علاقة جديدة بين البلدين في مجالات معينة وتقوية الصداقة القائمة". ثم تناول الدكتور سعيد القحطاني في بحث بعنوان:"زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز الأولى إلى أوروبا 1919 ? دراسة تاريخية وثائقية"، تطرق فيها لأسباب ونتائج زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود إلى أوروبا عام 1919 ? 1339ه بدعوة من ملك بريطانيا جورج الخامس، الذي وجّه دعوة إلى زعماء الجزيرة العربية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، عندها اختار الملك عبدالعزيز ابنه فيصل ليقوم بهذه الزيارة بدلاً منه، واستغرقت هذه الزيارة التي مرت بعدد من الدول الأوروبية ستة أشهر. وتضمن اليوم الأول من الندوة محور حول"فيصل والإعلام"أداره وكيل وزارة الثقافة والإعلام المساعد للإعلام الخارجي الدكتور عبدالعزيز بن سلمة، وتحدث فيه الدكتور عبدالرحمن الشبيلي والدكتورة باربرا ميخالك بيكولسكا من معهد الاستشراف بكراكوف في بولندا، التي توقفت عند اعتراف بولندا بالسعودية بعد زيارة الملك فيصل،"هذا الاعتراف الذي مهّد الطريق لإقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين، وكانت بولندا الدولة التاسعة التي اعترفت بالمملكة العربية السعودية". وقدم الدكتور زيدان خوليف لمحة عن الظروف الاستثنائية، التي تولى فيها الملك فيصل سدة الحكم في السعودية في تشرين الثاني نوفمبر 1964،"وكيف تغلب عليها بتطلعاته المستنيرة على المستوى الداخل والخارج، التي أعطت النتائج الإيجابية منذ السنوات الأولى لتوليه". وتطرقت الورقة العلمية الرابعة إلى الجانب الثقافي في عهد الملك فيصل من خلال"فيصليات محمد بن علي السنوسي"التي سعت إلى إبراز"مآثر الملك فيصل بن عبدالعزيز التي جسدها محمد بن علي السنوسي في"فيصلياته"، وكذلك عن علاقة الملك فيصل الخاصة والممتدة مع كوكبة من الشعراء". وفي محور ترأسه عميد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى الدكتور ثامر الحربي تحدث الدكتور ناصر الحارثي عن"أعمال الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعد المعمارية في مدن الحج والمشاعر المقدسة". وقدم الدكتور صالح أبوعراد قراءة للمنطلقات الرئيسية لخطب الملك فيصل، من خلال نماذج منها، مستظهراً قوة بنائها اللغوي واتزانها ودورها الذي أسهمت به في عملية البناء الحضاري للمجتمع السعودي المعاصر". وفي ما يتعلق بالشأن الاجتماعي استعرض الدكتور علي الحناكي نشاطات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية سابقاً وزارة الشؤون الاجتماعية حالياً"، في المجالات والخدمات الاجتماعية والأنظمة عهد الملك فيصل، كما عرَّج الباحث على المؤسسات الاجتماعية ومكاتب الضمان الاجتماعية التي أنشئت في عهده، وأهم القرارات والتنظيمات التي صدرت في عهده في المجال الاجتماعي. وتناولت إحدى الأوراق وقدمها محمد الموجان إنشاء أول دار لكسوة الكعبة المشرفة في مكةالمكرمة سنة 1346 1927م في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، الذي كلفّ نائبه في الحجاز ابنه فيصل بهذه المهمة، فتم إنشاء المبنى على مساحة تقدر ب1500متراً مربع في محلة جياد، وأوفد من يأتي بالفنيين المهرة من الهند لصناعة الكسوة ومتطلباتها من أنوال ومناسج وحرير وأسلاك ذهب وفضة، وغيرها مما يتطلب عمل الكسوة. وإنشاء مصنع جديد للكسوة في أم الجود بمكةالمكرمة سنة 1392 - 1927. وفي المحور الأخير حاول الدكتور محمد العصيمي، عبر المنهج الاستقرائي والاستنباطي، سبر مجموعة القيم والمؤثرات الثقافية التي حددت رؤية الملك فيصل لمحيطه العربي والإسلامي والدولي، من خلال أقواله وأفعاله. كما تحدث الدكتور غازي العارضي عن"معالم الإبداع والعبقرية في منهجية الملك فيصل بن عبدالعزيز الدعوية"إذ أبرز منحى مهم في شخصية الملك فيصل"بدا واضحاً ي اصطباغ منهجيته بشخصيته الفذة، ما قربه بقوة إلى نبض هموم الشعوب الإسلامية والعربية واستظهر الباحث صفات التنوع، والانتقاء، والتجديد في وسائله لهذا الهدف، كما أظهر معالم الإبداع والعبقرية في أساليب الفيصل من قوة التأثير، والجمالية والقبول، والشمولية". كما تناول الدكتور محمود همان في بحث بعنوان:"آثار الملك فيصل على دور صحراء فريقيا ? نيجيريا والنيجر 1964- 1975"مؤكداً تميز العلاقات بين المملكة وبعض دول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، في أوائل السبعينات الميلادية بالقوة والمتانة". وفي ورقة بعنوان:"جهود الملك فيصل بن عبدالعزيز في خدمة الإسلام والمسلمين في أفريقيا جنوب الصحراء"، تطرق علي مصطفى غي إلى أسس ومنطلقات جهود الملك فيصل في خدمة الإسلام والمسلمين في أفريقيا. أما الدكتور محمد البداح فتحدث عن"صلة الملك فيصل بن عبدالعزيز بالعلماء"، فذكر أنها"اتصفت بالمتانة حيث يظهر إجلال الملك فيصل وتوقيره لهم ورفع مكانتهم داخل المجتمع، كما قدم الباحث نماذج من مكاتبات الملك فيصل المتبادلة مع العلماء، وعلاقته الوطيدة مثل: الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبدالله بن حميد والشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمهم الله جميعاً.