قصص معاناة مرضى الفشل الكلوي كثيرة، وتتدرج المعاناة، بداية من المعاناة النفسية جراء العلم بالإصابة بالفشل، يليها المقاساة من آلام عملية الغسيل اليومية أو شبه اليومية، إلى جانب المعاناة من الآثار الجانبية لها، من دون نسيان الضغوط المادية التي تواجههم نتيجة تكاليف العلاج أو"الزراعة"في حال وجد المتبرع. أحمد البالغ من العمر 19 عاماً ولد بكلية واحدة، ولم يعانِ من أي مشكلة إلى حين بلوغه سن 14 عاماً، بعدما بدأ يشعر بالتعب والإعياء وتغير في لون بشرته. يقول شقيقه سعيد:"توجهنا إلى مركز الرعاية الصحية الأولية في منطقتنا عند ظهور هذه الأعراض عليه، وعند إجراء التحاليل اكتشفنا أنه مصاب بفشل كلوي، فكان وَقْع الخبر عليه وعلينا كالصاعقة". أكثر ما يؤلم أحمد بحسب ما يرويه شقيقه"عمليات الغسيل"، فالألم الذي يرافق كل زيارة للمركز للقيام بعملية الغسيل لا يوصف، مشيراً إلى أن حالته النفسية أحياناً تجعله"لا يتقيد بالتعليمات الطبية". وعلى رغم عمليات الغسيل المرهقة إلا أن أحمد يصر على العمل، لكنه لم يفكر في العمل لدى أي جهة، فقرر أن يسلك مجال الأعمال الحرة وبدأها ببيع الخضار والفواكه لمصلحته، فهو يرى أنه حتى إن عذره أصحاب العمل وتحملوه في البداية، فلن يصبروا عليه كثيراً. ويصف سعيد"رحلة العذاب"شبه اليومية كما يطلق عليها أحمد:"يتوجه أحمد ثلاث مرات أسبوعياً إلى مستشفى القطيف المركزي لإجراء الغسيل، وهو يوم مرهق ومتعب ومؤلم بالنسبة إليه، بداية من تركيب الجهاز وغرز الإبر والأنابيب إلى خروج الدم وتصفيته وعودته إلى جسده مرة أخرى، ليعود بعدها إلى المنزل منهكاً خائر القوى، فضلاً عن تورم يديه نتيجة الغسيل المتكرر". ويشير سعيد إلى محاولتهم بالتعاون مع الجمعيات الخيرية جمع مبلغ مالي لإجراء جراحة زرع كلية، لكنه يؤكد أن محاولتهم باءت بالفشل بعد أن عجزوا عن جمع المبلغ، مضيفاً:"قدمنا أوراقه إلى مستشفى الملك فهد التخصصي في الرياض، وتمت 3 محاولات لزرع الكلى، إلا أن النتيجة أتت في المرات الثلاث غير مطابقة". ولا يزال أحمد بانتظار تحقيق حلمه بزرع كلية. أبوحسين لا يعتبر نفسه من الأحياء أصيب"الخمسيني"أبو حسين بفشل كلوي منذ أربعة أعوام، وهو متشائم لدرجة ينفي فيها وصف"الأحياء"عن مرضى الفشل الكلوي الذي هو واحد منهم، معللاً ذلك بأن حياتهم مغايرة عن حياة الآخرين، فحلمهم"بسيط"، وهو كما يقول:"أن يعودوا طبيعيين كما كانوا قبل أن يصابوا بالفشل الكلوي". ويضيف:"تخطر في بالي دائماً فكرة زراعة كلية، وقمت بمراسلة عدد من الدول التي نجحت في جراحات الزرع، لكني أعود وأتراجع عن الفكرة، فكثيرون هم من ذهبوا إلى باكستان أو الفيليبين ونجحت، وعادوا ليعيشوا لفترة بسيطة فقط قبل أن يفارقوا الحياة، وهذا ما أخشاه". ويؤكد أن عملية الغسيل التي يجريها ثلاث مرات أسبوعياً"ليست بالسهلة، فهي الموت بعينه"، متسائلاً:"ما العمل؟ لا يوجد أمامي إلا خياران، إما الغسيل أو الزرع وأسهلهما صعب، فبعد كل عملية غسيل أصاب بحالة إغماء وأعود إلى المنزل لأستلقي على السرير لليوم الذي يليه، فهناك شباب يجرون هذه العملية ويتعبون فكيف بي وأنا في هذا العمر؟". ويعود أبو حسين لوصف معاناته فيقول:"سببت عملية الغسيل المتكررة لي تشنجات في اليد، وهبطت نسبة الدم لدي من 14 إلى 5.5، وتم نقل دم إليّ مرتين من قبل، كما أصبت بهشاشة في العظام". ويستطرد:"كل هذا يجعلني لا أحيا حياة طبيعية، ويعوقني عن القيام بأبسط الأعمال، وأرى نظرات الخوف والقلق في أعين زوجتي وأبنائي في كل مرة أجري فيها عملية الغسيل". بدرية ورحلة جمع التبرعات يتمثل الأمل الوحيد لبدرية 35 عاماً في إكمال عملية جمع التبرعات التي بدأتها"خيرية العوامية"لإجراء جراحة زرع كلى في الخارج. تقول:"أصبت بالفشل الكلوي العام الماضي، وأخبرني الطبيب المعالج بأن السبب يعود إلى إصابتي بمرضي السكري والضغط، وأصاب الفشل كليتي، فكنت أتابع علاجي في البداية بالأدوية إلى أن أخبرني الطبيب بضرورة إجراء عمليات الغسيل، لأنني أصبحت أشعر بآلام لا تطاق، لم تمكني حتى من دخول دورة المياه". وتتابع:"في البداية كان الغسيل بالإبر، لكن بعد الكشف علموا أن الشرايين لديّ دقيقة جداً، لذا يتم عمل الغسيل عن طريق قسطرة مزروعة في الصدر يتم إيصالها بالأنابيب الخاصة بالغسيل، واعتدت على وجود القسطرة، لكنها كثيراً ما تلتهب، خصوصاً عندما تزداد نسبة الرطوبة في الجو". وتشير إلى أن الآلام لا تقتصر على يوم الغسيل فقط، وإنما هناك الكثير من الأعراض التي تشعر بها بعده، منها الشعور بالدوار والغثيان والآلام المبرحة، إضافة إلى انقطاع الدورة الشهرية.