حالات جديدة تروى لنا.. وقصص انتظار مستمرة نعيشها مع مرضى الفشل الكلوي، يطاردهم الموت في كل دقيقة ويتجرعون الألم بكل مرارة، معاناة دائمة تقبع في حياتهم، الآم نفسية وجسدية واجتماعية، زيادة في أعداد المصابين ووفيات شبه يومية، يعيشون تحت رحمة جهاز الغسيل الصناعي، ومن على الأسرة البيضاء في مركز الجبر للكلى بالأحساء ننقل في هذا التحقيق معاناة هؤلاء المرضى التي تحدثوا عنها ل « اليوم » بعبارات حارقة، فيما كل مريض يحمل معه قصة طويلة تختزل فصولها معاناته مع هذا المرض الذي أنهك أنفسهم وأبدانهم ولازالوا يحلمون بالتخلص منه منتظرين التبرع بالأعضاء لإنقاذ حياتهم، متمنين في الوقت نفسه من أفراد المجتمع أن يتفهموا حاجتهم لأعضاء المتوفين دماغيا ، تفاصيل أكثر في ثنايا هذا التحقيق فإلى التفاصيل : معنويات مرتفعة في البداية التقينا ب أحمد موسى الجغيمان والذي يعتبر من أقدم مرضى الكلى بالأحساء فمازال يواصل حصص علاج تصفية الدم على كرسي الغسيل منذ 25عاما، ويقوم بعملية الغسيل بانتظام بواقع 3 أيام في الأسبوع وبمعدل ثلاث ساعات يوميا، بالإضافة إلى أنه ينتظم على الغسيل حسب برنامجه الذي تعود عليه، كما طبق برنامج التغذية بالشكل الذي طلب منه مما ساهم في المحافظة على ثبات صحته، إلى جانب ارتفاع معنوياته التي انعكست مباشرة على الجانب الاجتماعي، والجانب النفسي الذي يعتبر عنصرا مهماً لكل من يعاني من مرض الفشل الكلوي. صديق السرير الأبيض أما محمد الحمدان الذي تخطى السبعين من عمره، يروي هو الآخر معاناته مع المرض الذي وصفه ب «اللعين» فيقول» أصبح السرير الأبيض صديقاً لي وذلك بعد تجربتي زراعة الكلى في دولتي الفلبين وباكستان والتي لم تكلل بالنجاح، فأنا أرافق جهاز الغسيل 3 ساعات يومياَ لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، تعتمد حياتي وحياة الآخرين من أمثالي المرضى على هذه الأجهزة التي تخلص أجسامنا من السموم ونحمد الله رب العالمين على ما أصابنا به، معاناتي ستستمر طول الحياة، فالتقارير الطبية أثبتت أنه من غير الممكن إجراء عملية زراعة كلى خصوصا أنني أعاني من مرض تصلب الشرايين وبالتالي لا تنطبق علي شروط عملية زراعة الكلى. خدمات مستمرة الشاب سعد صلاح المال البالغ من العمر 16 سنه لم يستثنيه المرض من ناحية عمره الصغير فهو مصاب بهذا المرض على الرغم من صغر سنه وجلوسه على مقاعد الدراسة في المرحلة المتوسطة روى لنا حكايته مع هذا المرض فقال :» ابتليت بمرض الفشل الكلوي التام منذ أربع سنوات بسبب ارتفاع في ضغط الدم، ومازلت على قائمة الانتظار لزراعة الكلى، المرض أثر على حياتي اليومية وحرمني كثيرا من الاستمتاع بحياتي خصوصا أني في بداية مرحلة الشباب، تعودت على جلسات الغسيل التي أتلقاها ضمن الرعاية الطبية التي تقدم إلينا في مركز الجبر لأمراض الكلى هنا في محافظة الأحساء، ألقى كل الاهتمام في هذا المركز وخاصة من الخدمات الطبية التي يقدمها طاقم المركز لي على مدار الأربع سنوات الماضية من مرضي،وأضاف:» أملي في الله كبير للحصول على متبرع يخلصني من معاناتي المريرة مع الفشل الكلوي ونسيان آلامه الكبيرة. الثقافة الصحية .. ضرورة المريضة أم عبدالله والتي تترك منزلها وعائلتها ثلاث مرات في الأسبوع لتتلقى العلاج في مركز الجبر حيث تقضي هي الأخرى 4 ساعات متواصلة لأخذ جلسة الغسيل التي تواظب عليها حتى تحصل على متبرع جديد لإجراء عملية الزراعة وإنهاء معاناتها، أكدت أن على المجتمع أن يعي خطورة مرض الفشل الكلوي وأن عليه المبادرة بحملة توضح مدى أهمية وحاجة هذه الشريحة من المرضى لأعضاء المتوفين دماغيا، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه يجب زرع تلك الثقافة بين أوساط المجتمع بشتى الطرق، فالأموات لن يعودوا بعد الموت أبدا، والمتبرع سيحصل على الأجر والثواب الكبيرين من الله سبحانه وتعالى في الدنيا والآخرة. فصول المرض الستيني أحمد الصباح هو مريض آخر لم يفقده المرض عزيمته ولا روحه المرحة متهماً السكر والضغط بأنهما هما من أجلساه على جهاز الغسيل، ذاكراً بأن المرض حوّل نمط حياته رأسا على عقب، وأدخله في دوامة استطاع الخروج منها بفضل العلاج الطبي، والغذائي، والجرعات الإرشادية التي قدمها المختصون في مركز الجبر، مشيدا بمستوى العناية الطبية التي يقدمها المركز لجميع المرضى، ولا تختلف فصول قصة المريض سالم بن علي بإصابته بالفشل الكلوي عن زميله الصباح الذي يلقاه في جلسات الغسيل، بينما حسين علي والذي أكد من جانبه أنه أصيب بالمرض منذ 4 سنوات ومازال يجلس على كرسي الغسيل من ذلك الوقت بمعدل 4 ساعات يومياً لثلاثة أيام في الأسبوع، إلى ذلك ينتظر يوسف أحمد الحداد «47عاما» متبرعا بعد معاناة امتدت ل 7سنوات تحمل فيها آلام المرض على جهاز الغسيل، متمنيا الحصول على متبرع في أسرع وقت ممكن. فلترة صناعية الدكتور إسماعيل الذبيح أخصائي الكلى في مركز الجبر للكلى بالأحساء أكد من جانبه إلى أن 78 بالمائة من المصابين بالسعودية بهذا المرض سببه داء السكري والضغط، مشيراً إلى أن عملية الغسيل للمريض هي عبارة عن تصفية وترشيح للسموم وطردها من داخل جسم المريض عبر جهاز الفلترة الصناعي، أو ما تسمى «بالديلزة الدموية»، موضحا بأن هناك نوع آخر من الغسيل يسمى الغسيل «البريتوني» يتم من خلاله سحب السموم عبر الغشاء البروتيني المبطن بتجويف البطن، حيث يتم تركيب أنبوبة داخل التجويف يتم توصيلها بالمريض عبر جهاز وتتم عملية الغسيل يوميا في المنزل بمعدل 8 إلى 10 ساعات أثناء نوم المريض، وعن المشاكل التي تصيب مرضى الغسيل الدموي والتي فسرها بوجود مشاكل نفسية لدى المصابين بهذا المرض ووجود أمراض أخرى في أجسامهم، والتي ذكر منها: الالتهابات المتكررة، وضعف الجهاز المناعي، وتكرار تخثر الدم، وأعراض ارتفاع هرمون الغدة جار الدرقية، فهذا كله يؤثر على بنية العظام لجميع الأعمار، بالإضافة إلى ما يصاحب هؤلاء المرضى أثناء عملية الغسيل من هبوط في ضغط الدم، ونزول معدل السكر وغير ذلك. القعيمي : نعالج 300 مريض .. وخدمات المركز امتدت إلى المنازل صالح بن سعد القعيمي مدير مركز الجبر لأمراض الكلى بالأحساء تحدث لنا حول محور الموضوع فقال: معاناة مرضى الكلى متعددة الجوانب فهي تشمل الجانب الصحي، والنفسي، والاجتماعي، كما أن رعاية المريض تتمثل عبر ثلاثة محاور في مقدمتها الجانب العلاجي الشامل، والبرنامج الغذائي، إضافة إلى التوعية وإرشاد المريض، مؤكدا أنه لا بد من تقديم الرعاية الطبية المتكاملة لهؤلاء المرضى، لافتا أن المركز يستقبل بشكل يومي حالات متعددة لمرضى الفشل الكلوي يترددون على جميع الأقسام، إلى جانب وجود أكثر من 300مريض حالياً يتلقون العلاج من خلال أحدث أجهزة الغسيل الالكترونية المتطورة، كما أن خدمات المركز تمتد إلى منازل المرضى من خلال توفير جهاز الغسيل البريتوني مجانا، والذي يوفر جلسات الغسيل في المنزل بدلا عن المستشفى.