انتهى معرض الرياض الدولي للكتاب أمس، لكن النقاش حول تنظيم الدورة الجديدة، وحضور الرقابة الذي طغى على ما عداه، ومستوى الفعاليات ما يزال مفتوحاً، بل يشهد تصعيداً، بخاصة عقب الفتوى التي تبناها بعض العلماء السعوديين، وتقضي بمقاطعة بعض دور النشر وتحريم اقتناء الكتب منها، وهي فتوى تناقلتها بعض المواقع الإلكترونية. ما يزال الجدل قائماً بين المثقفين في مختلف اتجاهاتهم، حول التراجع الفعلي الذي شهده المعرض هذه السنة، هذا التراجع الذي فاجأ المهتمين. وعبّر عدد من المثقفين عن استيائهم من ظاهرة الرقابة التي انتشرت بكثافة في أروقة المعرض، والتي أفسدت، بتعبير أحد المثقفين، متعة اقتناء الكتب. تعددت الرقابة في معرض هذا العام، فهناك الرقابة الرسمية وأخرى كان يقوم بها أشخاص تطوعاً. وأهاب أكثر من زائر بضرورة تدخل وزارة الثقافة والإعلام"لتحديد جهة الرقابة، وتمييزها بما يمنع تداخل الغير معها، والحد من تجاوزات الرقباء المتطوعين، الذين أساءوا إلى سمعة المعرض واللجنة المنظمة بممارساتهم الخاطئة ومنح أنفسهم حقاً لا يستند إلى مرجعية". ورصدت"الحياة"إقبال الزوار اللافت على الأعمال الروائية وكتب الفكر، خصوصاً روايات وكتب عبدالرحمن منيف وعبده خال ومحمد عابد الجابري وجورج طرابيشي وعبدالفتاح كليطو، ما دفع البعض لممارسة دور الواعظين للقائمين على دور النشر، وتحذيرهم من مغبة بيع مثل هذه الكتب المسيئة للدين بحسب وصفهم. دفع حضور الرقابة الكثيف بعض الناشرين إلى إخفاء عدد من الكتب، خشية التطاول عليها، مبدين"دهشتهم"من تحامل بعضهم على عدد من العناوين. واعتبر الشاعر علي الدميني المعرض"تظاهرة ثقافية وحضارية، تفرض علينا جميعاً الاحتفاء بها والعمل على ديمومتها وتناميها، إلا أن تدخل بعض المتحمسين والمجهولين لمنع كتاب من التوزيع أو حجبه يمثل إساءة كبيرة وتطاولاً على ما كفلته النظم والقوانين والتشريعات من حفظ حق الإنسان في العلم والمعرفة والثقافة". موضحاً أن وزارة الثقافة والإعلام"معنية برصد التجاوزات ومعالجتها في الدورات المقبلة"، مشيراً إلى"تقاطع وجهات النظر بين الرقابة وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمتطوعين". فيما أرجع الشاعر محمد زايد الألمعي التجاوزات إلى"فقدان الاحترام للنظام إن وجد"، مبدياً دهشته ممن يريدون"فرض الوصاية حتى على الرقابة المشرّعة بنظام"، مسجلاً تحفظه على الرقيب"كون المعرفة حقاً مشاعاً للجميع". وأبدى القاص فهد الخليوي استياءه من محاولة بعض زوار المعرض جرّه إلى إشكال،"حين طلب مني أحدهم كتابة تاريخ توقيعي لمجموعتي القصصية الأولى"رياح وأجراس"بالهجري، وأن ابتعد عن التاريخ الميلادي لأنه تاريخ الكفرة".