"الإقبال هنا يتميز بأن المشتري يأتي وهو يعرف ما يريد، لديه قائمة إصدارات في ذهنه لاقتنائها". بهذه العبارة يلخص خالد دعيبس من دار المدى، طبيعة وحركة البيع والشراء في رابع أيام معرض جدة الدولي للكتاب، غير أن دعيبس يؤكد أن هذا لن يصادر حتى الآن تقدم معرض الرياض من حيث الكم في شراء واقتناء الكتب. وهو ما يتفق معه عماد عبدالحميد المدير التنفيذي لدار "جداول"، الذي قال ل"الوطن" بمنتهى الثقة "معرض الرياض هو الأول عربيا من حيث الدخل والقوة الشرائية، وبعده المراكز الثانية والثالثة والرابعة شاغرة، فأي معرض عربي يمكن أن يحتل المركز الخامس من حيث الإقبال الجماهيري". لكن أبرز ما يمكن ملاحظته في اليوم الرابع هو ما وصفه البعض بعشوائية الفسح، كذلك كان للأحداث السياسية التي تعصف بالمنطقة العربية حضورا لافتا في إصدارات المعرض. المنع العشوائي يزعج الناشرين بدا صاحب ومدير المؤسسة العربية للدراسات والنشر ماهر الكيالي الشهير ب"عميد الناشرين" العرب، سعيدا بعودة معرض جدة من جديد، إذ حضر وشارك في آخر معرض شهدته المدينة في 2006، مبديا تفاؤله بنجاح هذا المعرض، ومؤكدا أن السوق السعودية هي المفضلة والمحببة لكل الناشرين العرب، غير أن الكيالي أبدى شيئا من الامتعاض إزاء ما عده "عشوائية في الرقابة وفسح الكتب"، ما تسبب في حجز عناوين عدة لعدد من الناشرين حتى الآن. وكانت المفارقة أن هناك عناوين لكتب مفسوحة سلفا وتباع في المكتبات السعودية، لكنها منعت من المشاركة في المعرض، ومنها رواية "مقامات النساء" للروائي عبدالعزيز الصقعبي، الذي ناقش الأمر مع مدير الدار الناشرة، والذي أكد له أن الرواية لم تفسح، ذاهبا إلى احتمال أن تفسح في اليومين القادمين، خاصة وأنها مفسوحة مسبقا، وتباع في السوق. الصقعبي قال ل"الوطن": يبدو الأمر غريبا جدا بين الأمس واليوم، لا يمكننا أن نعقد المقارنة فيما يخص الرقابة، لأنها تتراجع وتعصف عصفا بالكتب، وتتخوف من كلمة أو جملة في متن كتاب ما، ربما لا يستطيع المراقبون تصنيفها أو تضمينها أو تفسيرها، وبالتالي يأتي المنع والمصادرة كأداة سهلة لإراحة الذهن من التفكير، وبالتالي الهروب المسبق من المساءلة، ويرى بعض المراقبين أن عناوين معينة قد تؤدي إلى الصداع، والحل الأسلم... المنع! من جهته، برر عوض الشهري من إدارة الرقابة بوزارة الثقافة والإعلام، الأمر ب"ضيق الوقت"، وأن بعض العناوين أحيانا، قد توقع الرقيب في حيرة من أمره، لكنه وعد بتجاوز المسالة في فترة قريبة، مؤكدا حساسية الظرف الزمني الذي تمر به المنطقة، خاصة إزاء بعض العناوين على حد قوله. في حين رأى الكيالي أن الناشر ومن خلال تجاربه الطويلة مع المعارض، أسس في نفسه رقيبا ذاتيا، يجعله يفكر في أي كتاب يصطحبه معه إلى المعرض، وانه لو شك - مجرد الشك - في عنوان أي كتاب ورأى أن محتواه ربما يتعرض للمصادرة، أو مساءلة الرقيب، تجده في الحال يستبعده من المشاركة، ولا يهم وقتها أن القارئ في انتظاره، أو أنه سيؤثر على سوق الكتب من خلال امتناعه عن إحضار كتاب مهم وضروري يثري مكتبة القراء. القارئ السعودي الأول عربيا كانت للناشر السعودي الشاب عبدالله الغبين من دار "أثر"رؤية مختلفة في طبيعة الجمهور وبدا ميالا إلى أن المستهلك في معرض الرياض يتميز أيضا بحس نوعي وثقافة عالية في اقتناء الكتب، إضافة إلى الإقبال الأكثر على الشراء. بينما أجمع معظم الناشرين على أن السوق السعودية سواء في جدة أو الرياض، تظل الأولى عربيا، كقوة شرائية وإقبال جماهير، وتظل المعارض السعودية المفضلة لأي ناشر، وفي هذا السياق يقول عماد عبدالحميد: يوم الافتتاح فقط في الرياض - مثلا - يحقق مبيعات توازي مبيعات 4 أيام في معرض بأي دولة خليجية، لافتا إلى تراجع في مستويات معارض أبوظبي والشارقة والكويت. من جهته، رفض الغبين تبرير اللجنة المنظمة لعدم دعوة ضيوف وأسماء مثقفين من الخارج للمشاركة في فعاليات البرنامج الثقافي، بضيق الوقت، ذاكرا أنه كان يمكن عن طريق جهات عليا تدبر هذا الأمر، منتقدا ما عده ضعفا وهزالا للبرنامج الثقافي المصاحب للمعرض.