لا صوت في نادي الاتحاد يعلو هذه الأيام من بين اللاعبين المميزين على صوت القائد محمد نور، ولا شعبية ومكانة جماهيرية في عميد الأندية السعودية تتفوق على تلك التي يحظى بها المبدع الأسمراني نور، ولا أهمية عناصرية ونواحي تأثيرية في كتيبة النمور من شأنها أن تسهم في تحقيق الانتصارات والبطولات تقارن بموهبة نور، فالكنز الاتحادي هو ساحر الكرة وعنوان الإبداع وصانع الفرح وراسم الابتسامة في الكيان العريق طوال المواسم الكروية الأخيرة. ويندرج نور من عائلة اتحادية تسكن في مكةالمكرمة في حي شارع المنصور وتحديداً في حارة"الطندباوي"، وهي: حارة قديمة ذات شوارع ضيّقة ومنازل شعبية تراثية، وشقيقه الأكبر آدم لعب في نادي الإتحاد واشتهر في مركز حراسة المرمى لأعوام عدة، وشقيقه الأصغر سعود يشارك حالياً مع فريق أولمبي الاتحاد، وانتقل القائد محمد نور قبل عامين إلى الفيلا الجديدة الخاصة به والواقعة في حي الشوقية في مكةالمكرمة على طريق الليث بعد تجديد عقده مع النادي. وجاءت بدايات الموهوب الأسمراني نور من الحارة، وظهرت موهبته من سن باكرة مع فريق الأفراح أحد أشهر فرق الحواري في العاصمة المقدسة، وعندما أحس ببزوغ نجمه وتطور موهبته، ذهب إلى نادي الوحدة وتدرب مع فريق الناشئين بغية التسجيل رسمياً في كشوفات الفرسان، إلا أنه صدم بالواقع المرير وطرد من النادي بحجة أن إمكاناته الفنية لا تؤهله إلى الانضمام إلى صفوف ناشئي الوحدة، ليشد نور الرحال صوب الاتحاد وهناك لقي اهتماماً كبيراً وعناية فائقة وسجل في كشوفات الاتحاد لفئة الناشئين ثم تدرج إلى الشباب حتى وصل إلى الفريق الأول. ولم تكن بدايات نور مع الفريق الاتحادي الأول مشجعة، ولم يسجل تلك النجاحات، التي تشفع له بالاستمرار مع الفريق، بعدما أجبر على اللعب في مركز المحور، وبعد عامين من المحاولات المستميتة لإثبات الوجود تحول نور إلى مركز الوسط الأيمن ثم إلى صناعة اللعب ومن يومها فتح اللاعب صفحة جديدة من التألق والإبداع والتوهج والنجومية وبات رقماً صعباً في الكتيبة الاتحادية وعنصراً فاعلاً لا يستغني عنه أي مدرب يتسلم مهمة التدريب في الفريق. وواصل نور تقديم مستوياته الأدائية المميزة مع فريقه وأصبح معشوق الجماهير الاتحادية الدائم ولاعبها المفضل، الذي يتغنى باسمه كثير في المدرجات وترفع لافتات وشعارات تحمل اسمه NOOR ورقم فانيلته الشهير 18، لينضم اللاعب سريعاً إلى صفوف المنتخب السعودي الأول، وهناك بدأ رحلة جديدة من التوهج والإبداع والذهب والبطولات في المحافل الخارجية. وأسهم نور في تحقيق كثير من الألقاب والإنجازات مع الاتحاد ومنتخب بلاده، إذ قاد العميد لحصد كأس دوري أبطال آسيا في عامين متتاليين ودوري أبطال العرب وكأس دوري خادم الحرمين الشريفين في الموسم الرياضي الماضي، كما أسهم مع المنتخب السعودي في تحقيقه لكأس العرب وكأس الخليج ال 16، التي أقيمت في الكويت، وأسهم كذلك في تأهله إلى نهائيات كأس العالم الأخيرة في ألمانيا، ولعب دوراً مؤثراً في لقاء تونس بالمونديال العالمي الأخير عندما جهّز الهدف الأول بتمريرة رائعة أودعها القناص ياسر القحطاني في شباك الحارس التونسي علي بو منيجل في النزال الكروي الافتتاحي، الذي انتهى بالتعادل الإيجابي بهدفين لكلا الفريقين. ويتمتع الموهوب محمد نور بإمكانات فنية من أعلى طراز، وقدرات بدنية عالية وقوام جسماني رفيع، وذكاء ودهاء قلّما تجده في لاعبي الجيل الحالي، وقدرة كبيرة في صناعة الكرات وقيادة الهجمات والتسديد من مسافات بعيدة وتسجيل الأهداف بالقدمين والرأس من مواقع مختلفة من الملعب، وهو يشكل قلب الاتحاد النابض في المستطيل الأخضر والرئة التي يتنفس بها فريقه، والرسام الذي يرسم بريشة الإبداع في أرض الميدان، والعقل المفكر الذي يقود النمور دائماً وأبداً إلى البطولات والإنجازات، ومع ذلك لا يزال الساحر نور بعيداً عن أجندة مدرب المنتخب السعودي الحالي البرازيلي هيليو دوس آنغوس، الذي يصر على إبعاده عن الأخضر لأسباب فنية.