الرجل الشرقي لا يزال يرفض فكرة تفوق المرأة عليه في أي مجال، مستنداً في ذلك إلى عادات وتقاليد لا تزال موجودة، تمنحه حقوقاً كاملة في العمل والطموح والنجاح، وتسلب من المرأة في المقابل حقوقاً مشابهة، وهو ما يؤدي إلى حدوث صراع خفي غير معلن، يحاول فيه بعض الرجال أن يقفوا حائلاً أمام طموح المرأة، التي ينظرون إليها على أنها كائن أقل قيمة، ومن ثم تسيطر عليهم مشاعر التفوق فقط لمجرد كونهم رجالاً، وهو ما يدفعنا إلى طرح تساؤلات عدة عن طموحات المرأة، وهل تؤثر بالفعل على الرجل؟ ولماذا يريد بعض الرجال الحد من طموحات المرأة، وتعزيز كيانهم على حسابها؟ هناك رجال كثيرون يتحدثون عن حرية المرأة وحقها في العمل، ولكن عند الارتباط يتخلون فوراً عن كل ما قالوه، وتصبح آراؤهم السابقة مجرد شعارات فارغة، ولا يتذكرون سوى ما تربوا عليه من عادات وتقاليد تمنح الرجل كامل حقوقه في العمل والطموح والنجاح، وتسلب المرأة حقوقها المشابهة في المقابل، وإذا تمردت على ذلك الوضع، وخرجت للعمل وتقدمت ونبغت، وجهوا لها اتهاماً بالإهمال في واجباتها تجاه بيتها وزوجها، وأنها تفضل العمل على الأسرة، وأنها بلا قلب ولا عاطفة، وأن شخصيتها أصبحت أقرب للرجولة، أي فقدت أنوثتها، وأمام هذا السيل من الاتهامات لا تجد الكثيرات سوى التضحية بأي من الاثنين الأسرة أو النجاح في العمل، فتختار التضحية بالعمل حفاظاً على الأسرة. هناك رجال يعترفون علناً بأن المرأة تفوقت عليهم في العمل، مثلاً يقول الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة د. صفوت العالم: على رغم أننا في عصر"الإنترنت"والأقمار الصناعية، إلا أنه مازال هناك اعتقاد شائع بين كثير من الرجال بأن عمل المرأة يمثل عائقاً أمام استمرار حياتها العائلية، حتى بعد أن أثبتت المرأة عكس ذلك، بنجاحها في تحقيق توازن بين البيت والعمل، وأكبر دليل على ذلك وجود نماذج كثيرة مشرفة تفوقت على الرجال في المجال الإعلامي بشكل ملاحظ، فمعظم الأساتذة والمبدعين في الإعلام سيدات، وأنا أرى أن قضية عمل المرأة لم تعد موضع نقاش، فقد نجحت كوزيرة وسفيرة ومدرسة، إلى جانب أمومتها، وأثبتت جدارتها، ولا يمكن أن نبخسها حقها تحقيقاً لرغبة ضعاف النفوس ممن تسيطر عليهم الأنانية. وعن كيفية نجاح المرأة في تحقيق طموحاتها يقول أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس د.عادل صادق: إن هذا مرهون بنجاح المرأة في تجنب استعراض تفوقها، وأن تحاول دائماً أن تُشعر زوجها بأن تفوقها من تفوقه، ونجاحها لا يُنقص من نجاحه، ويكون لديها استعداد لتقديم بعض التنازلات لتحافظ على أسرتها، خصوصاً إذا كان زوجها لم يتشبع بعد بروح العصر، ولم يقتنع بعد بأن المرأة إنسان يملك عقلاً وقدرة على الإبداع والإنتاج، قبل أن تكون جسداً ووعاءً للجنين. طموح المرأة لا يؤثر إلا على شخصية الرجل الضعيف فقط، لأن الرجل القوي الذي يثق في نفسه، يحترم المرأة ويساعدها على تحقيق طموحها، ويعتبرها سنداً له، لأنها أكثر قدرة على العطاء من غيرها، والرجل الذي يريد أن يحد من طموح المرأة، يهدم بذلك ركناً من أركان المجتمع، فزواج الرجل من امرأة متفوقة ونجاحه معها ليس صعباً، ولكنه يتوقف على مهارة المرأة وقدرتها على إشعار زوجها بأنها تحتاج إلى وقوفه بجانبها دائماً. ونجاح المرأة لا يقف عائقاً أمام إحساسها بأنوثتها وجمالها، لأن الجمال الحقيقي ينبع من داخل المرأة، والعمل يزيدها إحساساً بذاتها، وبالتالي يزيدها أنوثة على أنوثتها. ويرى الخبير بمركز البحوث الاجتماعية بالقاهرة د.أحمد المجدوب: أن غيرة الرجل من كفاءة المرأة هو نوع من الغيرة اللاشعورية، لأنه لا يزال يعيش في أفكار وعقليات الماضي بالنسبة لوضع الرجل في المنزل والحياة الزوجية، وليس هو المسؤول الأول عن ذلك، فالرجل يقضي طفولته وشبابه محاطاً بتقاليد قديمة، تؤمن بأن المرأة كائن أقل قيمة، لذلك يوجد لدى الرجال شعور دائم بالتفوق لمجرد كونه رجلاً، ويكره أن تتفوق عليه المرأة في أي مجال، وهو في الغالب يحجم عن الارتباط بالفتاة الطموحة، أو الناجحة في عملها، ويفضل المرأة الضعيفة الكسولة، لأنها تُرضي غرورة وتشعره دائماً أنه الأفضل. محمد بن خلف الشيخ - الرياض [email protected]