سجّل مثقفون سعوديون انطباعاتهم المتباينة وتطلعاتهم المتفائلة ومشاعرهم الذاتية حول نهاية عام 2008 ومطلع عام 2009، وصولاً إلى حال توافق بخصوص فجيعة رحيل الشاعر العربي محمود درويش، وابتهاجهم بانطلاق الحراك الثقافي المتسامح محلياً وعالمياً، مؤملين تحقيق المزيد من المنجزات داخل الوطن وخارجه. ولعل أبرز حدث يسجله هؤلاء هو قصف الطائرات الإسرائيلية للفلسطينيين، بصفته نسفاً لكل أحلام العام الجديد في عالم يسوده السلام والأمن. ويقول الشاعر علي الحازمي عن تطلعاته للعام الجديد:"هي لا تعدو كونها مجرد أمنيات وأحلام أكثر من كونها تطلعات، حلمنا القديم والجديد في آن هو أن تنعم البلدان العربية بالأمن والاستقرار الضروريين، وأن تنال شعوبها حقوقها الكاملة في العيش الكريم في أجواء من الحرية والعدل والمساواة، لكن الطائرات الإسرائيلية على ما يبدو قامت مبكراً هذه المرة بنسف كل الأحلام المتعلقة بتطلعاتنا للعام الجديد". وانتهى الحازمي قبل أشهر من كتابة مجموعته الشعرية الجديدة"مطمئناً على الحافة"، التي ستصدر في شهر اذار مارس المقبل عن طريق إحدى الدور العربية في بيروت، وستكون حاضرة في معرض الرياض للكتاب هذا العام. وتسنى له قراءة"العديد من الأعمال الإبداعية المميزة التي استمتعت بقراءتها خلال هذا العام، في الرواية أذكر لك على سبيل المثال رواية"شيطنات الطفلة الخبيثة"لماريو بارغاس يوسا، و"طعم أسود رائحة سوداء"للروائي اليمني علي المقري، وفي القصة أعجبتني كثيراً مجموعة قصصية صدرت عن دار الجمل للروائي باتريك زوسكيند". أما في ما يتعلق بالشعر، فهناك مجموعة شعرية بعنوان"أرض معزولة بالنوم"للشاعر اللبناني ناظم السيد، ومجموعة أخرى بعنوان"إجازة جيري"للشاعر اليمني محمد اللوزي، وأظنهما من أجمل الأعمال الشعرية التي قرأت هذا العام. وبالنسبة لأبرز حدث على الصعيد الثقافي، فبلا شك يظل رحيل الشاعر الكبير محمود درويش هو الحدث الأبرز والأهم في عام 2008. ويعتبر الشاعر احمد قران الزهراني، أن أهم حدث دولي في تصوري"هو انتخاب أوباما وقذف الرئيس الأميركي جورج بوش بالحذاء، والمصالحة اللبنانية والانهيار الاقتصادي ورحيل محمود درويش واتهام المثقفين الأميركيين لجائزة نوبل بالتحيز وزلزال الصين، الذي أودى بحياة 68 ألف تقريباً". ويقول إن الأحداث المحلية في 2008 كثيرة"ويحضرني الآن رحيل عبدالله الجفري، ومناقشة اللائحة الأدبية للأندية الأدبية السعودية، وعودة سوق عكاظ بشكل أكثر تنظيماً، وصدور المجموعة الكاملة لشيخ النقاد السعوديين الأستاذ عبدالله عبدالجبار". كما أن أهم كتاب قرأته وأضاف لي الكثير هو رواية ميلان كونديرا"كائن لا تحتمل خفته". واعتبر الدكتور خالد الحليبي، أبرز ما قرأه خلال العام 2008، هو كتاب"حوار الحضارات"لأحمد زويل، الذي يتناول"قدرة الحضارات المختلفة على إنتاج مبدع، حين تجتمع في إنسان ما"، وعدّ"تخلق الأندية الأدبية، والصراع الذي تمر به مرحلة البدايات"أبرز حدث ثقافي في هذا العام. وتطلع إلى"عالم يسوده الأمن الثقافي"، متأملاً أن"تتوقف عمليات استخدام الثقافة للإضرار بالإنسان، من أجل تحقيق مآرب سياسية مسيئة". ولا ينحصر أبرز ما قرأه الشاعر أحمد الواصل في كتاب، بل ثلاثة هي:"الإسلام والتحليل النفسي"، لفتحي بن سلامة، و"مذكرات دولة السياسة والتاريخ والهوية الجامعية في العراق الحديث"، لإريك دافيس، وأخيراً"وقع العولمة في مجتمعات الخليج العربي: دبيوالرياض أنموذجان"، لبدرية البشر. وتكمن تطلعاته الثقافية للعام المقبل، في"تحقق المزيد من رعاية وجدان وعقل الإنسان العربي، في السياسة والاقتصاد والثقافة والدين". ورأى القاص جعفر البحراني، في كتاب"مشكلة الحديث"للباحث المفكر الإسلامي يحيى محمد،"أفضل كتاب قرأته في العام الماضي"، أما أبرز حدث ثقافي بحسب رأيه فهي ندوة"التنوير... إرث المستقبل"، التي أُقيمت في الكويت، على مدى يومين، متضمنة فعاليات معمقة ومكثفة، شارك فيها نخبة من المفكرين والنقاد الخليجيين. وأكد أن"المثقف ليس بمعزل عن أحداث العالم، وبالتالي فإنه سيتأثر بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية". كتابات الجسد الطاغية فيما يوظّف القاص والإعلامي محمد عبدالله الغامدي جل وقته لإصدار روايته"صيدة"، مشيراً إلى أن آخر ما كتب قصيدة شعرية غزلية، أما أجمل ما قرأ فهو"ديوان الغجر"عن دار الانتشار العربي، مبدياً تحفظه على كتابات الجسد الطاغية على الإصدارات في العالم العربي.فيما عدّ حادثة الحذاء"تأخذ الحيز الأكبر لدى العرب"، موضحاً أنه لا يتابع"سوى مباريات الاتحاد والهلال، وأدع الأحداث الثقافية الأخرى لأصحابها. إلا من معارض الكتاب". وتقول الشاعرة علا باوزير إنها قرأت نصوصاً أدبية كثيرة ومقالات متنوعة،"إنما هناك نصوص تأبى أن ننساها، مثل رواية الشاعر لمصطفى لطفي المنفلوطي". وبخصوص كاتبها المفضل، أوضحت أنه لا يوجد كاتب محدد، عدا كتابات المفكر برهان غليون. واختار الكاتب عبدالله الملحم،"أحادية الآخر اللغوية"لجاك دريدا،"الأفضل"من بين ما قرأه خلال العام الماضي، أما الحدث الثقافي الأبرز فهو"نجاح رواية"هاري بوتر"لكاثلين رولينغ، في تحقيق مبيعات تجاوزت بليون دولار". وتنحصر تطلعاته للعام المقبل في"تجديد حسن الظن في أمانينا إلى المستقبل، التي عُودنا أن تكون كترنيمة المتنبي"عيد بأية حال عدت يا عيد". وأهم ما اقتناه الخطاط عباس بومجداد، خلال هذا العام، هو كتاب"نور عيني"للخطاط محمد أوزجاي، الذي يتناول"تجربة الخطاط في مسيرته الفنية، عبر شواهد من لوحاته". أما أبرز حدث ثقافي مر به، فهو"الاجتماع التأسيسي للجمعية السعودية للخط العربي". أما الشاعرة حليمة مظفر فوجدت في مهرجان المسرحيين الرابع، الذي اقيم بالرياض، هو الابرز لأنه توسع بإدخال المشاركات العربية وكان افضل ما قرأت كتاب غير متوافر في السعودية هو"سنة الأولين"لابن قرناس، وتطلعت مظفر بأن يُنظر للمثقفة ككائن كامل الأهلية وليست تابعة للمثقف ورغبت في المساواة الكاملة بين المثقف والمثقفة في الحقوق والواجبات". ويعتقد المسرحي علي دعبوش"أن وصول المسرح السعودي، ومسرح"فنون جدة"تحديداً إلى المتلقيات العربية وعروضنا المتعددة في عدد من الدول العربية، إضافة إلى السماح بعرض السينما في السعودية والحضور الكبير لفيلم مناحي، كل ذلك يمكن اعتباره من الانجازات المحلية".ويقول الشاعر ياسر حجازي:"كثيرة هي أحداث هذا العام الدولية، التي يمكن أن يتأمّلها المرؤ، انتخاب باراك أوباما مثلاً وما له من أهمية. وقد تأثّر قلب العربي بما لا يقدر على حمله جرّاء فَقْدِهِ اسمين كانا يضعان الوطن بهمومه وأسئلته في غرفات القلب الصغيرة يوسف شاهين ومحمود درويش. واجد محلياً أنّ وفاة عبدالله الجفري أبو الصحافة المحليّة الحديثة، هو حدث جللٌ ومصابٌ على مستوى الوطن، ومن أهم الكتب التي قرأتها هذا العام"بين الوطن والمنفى"مذكرات شفيق الحوت، وانتهيت حالياً من مراجعة ديواني الشعري"كتاب النهاوند"الذي سيصدر قريباً عن النادي الأدبي الثقافي في جدّة". ويرى الشاعر إبراهيم الجريفاني أن الأجمل هو الحركة النشيطة في الأندية الأدبية،"وإيجاد حراك ثقافي متنوع يلبي حاجة الثقافة والمهتمين بها في السعودية، والسماح لبعض النقاد والكتاب العرب ودعوتهم للمشاركة في فعاليات الأندية، كما حدث في ملتقى الرواية في الباحة. كما ان إصدار ديواني الثاني"أنسنة الحرف"عن دار بيسان 2008 كان انجازاً شخصياً". ويقول التشكيلي صلاح أبو عوض إن العام الماضي:"حفل بالعديد من الأحداث، التي كان بعضها مفاجئاً كوفاة الشاعر الكبير محمود درويش، ووفاة الفنان التشكيلي السوداني احمد عبدالعال، وإقامة المهرجان العربي للاعمال الفنية الصغيرة في جدة، وعلى المستوى الشخصي إقامة معرضي الأخير في صالة"خزامى الرياض"، وأيضا مشاركتي في بينالي الكويت مع عدد من الفنانين الكبار". وترى الكاتبة بثينة إدريس أن أهم حدث ثقافي"أن تشّرع الجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة أبوابها للعناصر النسائية عبر منبرها الثقافي، وذلك بدعوتها لحضور معظم النشاطات الثقافية، التي تقيمها سواء كانت محاضرات وندوات أم حتى ملتقيات". وفضلت إدريس كتاب"اعرف نفسك"للكاتب أحمد سالم بادويلان. أما الفنان المسرحي محمد راضي فقد وجد كتاب"العادات السبع"لستيفن كوفي من افضل الكتب، ويعتبر أن مهرجان المسرحيين كان الاهم في هذا العام. من جانبه، قال الدكتور حاتم طه إن أبرز حدث هو تبني خادم الحرمين الشريفين رعاية الجامعات"فهي اكبر خطوة"، لأن"فيها تأهيل الشاب الجامعي الذي يعتبر الركيزة للمجتمع لتأهيله في العمل التنموي المستقبلي". ويرى طه"أن أفضل ما قرأ في عام 2008 هي"الكتب الرقمية""الإي بوك - e-book". وقالت التشكيلية عواطف المالكي إن أجمل ما قرأت في 2008 هو المجموعة الكاملة للشاعر فاروق جويدة كذلك كتاب"رحمة للعالمين"للقاضي محمد سليمان، وكان الحدث الابرز من وجهة نظرها هو مهرجان الجنادرية.