لا أعتقد أني سأكتب شيئاً جديداً عن فوضى السير في شوارعنا وطرقنا في جميع أنحاء مملكتنا الغالية من دون استثناء إذ سبقني الكثير من الإخوة الكتّاب لحالة التردي في تطبيق أنظمة السير في شوارع وطننا المترامي الأطراف، ما ينتج منها بالتالي هذا التصاعد المذهل في أعداد ضحايا حوادث السير التي نقرأها يومياً في صحافتنا ونشاهدها تقع أمام أعيننا من دون أن نجد اهتماماً جدياً وفعالاً من الإدارة العامة للمرور للقضاء على هذه الفوضى المرورية، التي"مع الأسف الشديد"تتميز بها شوارعنا من دون غيرها في الدول الأخرى سواء القريب منها أم البعيد وكأنها قدر كتب علينا فقط. ولكي نضع الأصبع على موضع الداء عله يمكن علاجه من المختصين في إدارات المرور، نود الإشارة إلى أن الواحد منا - وأجزم أن الكثير يشاطرني الرأي - إذا خرج من بيته أو من عمله وقاد سيارته إلى حيث مقصده يغشاه الكثير من الخوف وعدم الشعور بالأمان، خشية ما قد يجابهه في طريقه من أخطار وحوادث نتيجة أخطاء بعض سائقي السيارات وتهورهم في القيادة، وعدم اتباع أبسط قواعد المرور ومراعاة السلامة واحترام الآخرين، بل إن الواحد من هؤلاء المتهورين يتصرف - أثناء القيادة - وكأن الشارع ملكه الخاص ومطبقاً نظرية"الغاية تبرر الوسيلة"وهذه"المكيافلية"تجعله غير عابئ بغيره، لأنه لا يحس بمسؤوليته تجاه الآخرين، ولا يهتم بمبدأ السلامة أو لأنه - وهذا هو الأحرى - لم يجد من يردعه ويرشده إلى طريق السلامة وأصول القيادة السليمة الآمنة، ما جعله يتمادى في تصرفه الأرعن ناهيك عن عدم الالتزام بالمسار الصحيح في الوقت المناسب، ما يجعلنا نشعر بالرعب وارتفاع الضغط في دمنا وتوتر الأعصاب وتعطيل انسيابية السير، إذ نجد أن أحدهم"المتهورين"يراوغ بين السيارات يمنة ويسرة حتى انه حينما يقترب من أي مخرج على الجهة اليمنى مثلاً يفاجئك بقذف سيارته"أمامك مباشرة"قبل المخرج بأمتار قليلة منطلقاً من جهة الطريق اليسرى، ما يربك أي سائق آخر ملتزم بالمسار الصحيح ويهدد سلامته وحياته، وتمنيت أن أرى ? ولو مرة واحدة ? رجال المرور يردعون مثل ذلك الأرعن المتهور حتى يكون عبرة لأمثاله وحتى لا يكرر هذا التصرف الخطير، وان يلتزم بالمسار الصحيح مستقبلاً من أخطار وحوادث نتيجة أخطاء بعض سائقي السيارات وتهورهم في القيادة وعدم اتباع أبسط قواعد المرور ومراعاة للسلامة واحترام الآخرين. أما الظاهرة الأخرى التي لا تقل مرارة عن سابقتها ويمتاز بها سائقو السيارات عندنا فقط ويتجاهلونها بكل احترافية وإصرار هي عدم استخدام إشارة الانعطاف مطلقاً سواءً عند تغيير المسار أم عند نية الاتجاه يميناً أو شمالاً... وأظنه ليس بخافٍ على ذي لب مدى فائدة استخدام الإشارة الانعطافية ودورها المهم في السلامة المرورية والحفاظ على الأرواح. أما ثالثة الأثافي"أم الحوادث القاتلة"فهي ما يحدث أمام إشارات المرور من تجاهل لها وعدم الالتزام بها وكأنها وضعت للزينة، وصدقوني أنني لم أجد في أي بلد آخر من العالم تجاهلاً وازدراءً لإشارة المرور مثل ما يحصل عندنا، والأدهى من ذلك أن مسؤولي المرور لدينا لم يجدوا حلاً لهذه الظاهرة الخطيرة ليرغموا السائقين على الالتزام بها مثلما نجحوا في إلزام السائقين بالتقيد بربط الحزام... الذي يقل خطراً عن قطع الإشارة وتعريض الناس للموت... فهل من سبيل إلى تطبيق نظام احترام إشارة المرور؟ عبدالله بن سليمان السعيد - الرياض