تفشل كل المنتخبات والأندية العربية في الاحتفاظ "بخط الرجعة" لذا تأتي صدمة الخسارة أيا كانت عنيفة ومدمرة أحياناً، وهذا هو الفرق الحقيقي بين الفكر الإداري الأوروبي والفكر الإداري العربي. الفكر الإداري العربي يستطيع حفظ "خط البلدة" و "خط الستة" وينسى عنوةً "خط الرجعة" وهو الأهم في مشوار البناء الرياضي ومن دونه تكون الهزات العنيفة في أروقة العمل الجماعي مربكة بل مدمرة وتتجاوز هذه الهزة 7 درجات بمقياس ريختر، لأننا هكذا لا نهيئ أنفسنا لكل الاحتمالات. جميل جداً تنمية ثقافة الفوز ورفع الفكر الأدائي عند اللاعبين من أجل تحقيق أجمل نتيجة في كرة القدم وهي الفوز، ولكن الأجمل غرس ثقافة الرياضة بمعناها الشمولي من فوز وخسارة وتعادل فلا يوجد فريق أو منتخب في العالم يفوز على طول الخط ولا تعترف الكرة بالأسماء الرنانة ولا التاريخ ولا الجغرافيا. النصر كنموذج يعاني من الإفراط في التفاؤل قبل اللقاءات المهمة ويُشعرون جماهيرهم بأن الفوز حاصل لا محالة ومسألة وقت فقط كما حدث في مباراتهم الدورية أمام الهلال ثم في بطولة الخليج التي تحولت بفعل التصريحات الرنانة إلى بطولة نصراوية محسومة، وكأنه لا يوجد فريق مقابل نهائياً، وعندما انكشف الواقع كان رد الفعل عنيفاً، والهزة رجّت أركان النادي ولخبطت الشارع النصراوي غير المهيأ لمثل هذه المواقف، ويقابل المشهد في الجانب الآخر فريق الاتحاد الكروي الذي يتصدر الدوري ولم يخسر أي لقاء إلى الآن، وعلى رغم هذا كان رد الفعل بعد التعادل مع الحزم عنيفاً ووصل إلى تهميش جهد موسم كامل وبعثرة العمل الفني الكبير بقيادة المدير الفني كالديرون الذي قدّم توليفة رائعة وتصدر الدوري من أول جولة إلى الآن، ولا يزال متقدماً على أخطر المنافسين "الهلال" ولم يقدم كل ما لديه وينتظر مراحل الحسم المقبلة ليعلن هوية فريقه الفعلية، لكن بركان خط الرجعة قد يعجل بالإطاحة به وعندها سيدفع النادي الكيان الثمن وحده، ويبقى المشهد الجنائزي من دون مشاركة الذي قتل القتيل. أفضل فريق عمل هذا الموسم في الهلال ويأتي من بعده الأهلي والاتفاق والشباب بثلاثة أطوال فالهلال تعرض لهزات من بداية الموسم كان أصعبها الهزيمة المفاجئة والمؤثرة على مسيرة الفريق إلى الآن من فريق نجران ثم تعرض الفريق لهزة التعادل على أرضه وبين جمهوره من الأهلي ثم الوحدة، وعلى رغم هذا استمر العمل يتجه إلى التحسن والتدرج إلى الأعلى، وهذا نتاج فكر إداري هادئ ومتزن جعل الفريق يصل لأفضل حالاته الفنية ولولا التوقف لشق الفريق طريقه للصدارة بسهولة تامة. الاحتفاظ بخط الرجعة عنوان للعمل المثالي وبقية الخطوط تهوي بالعمل وتشوّه المشوار وتنثر الأوراق في كل الاتجاهات بل تضعها في مهب الريح. [email protected]