أجمع عدد من المسؤولين السعوديين على نجاح موسم حج هذا العام، مشيرين إلى أن ما تحقق من"نجاح باهر"يعكس توجه القيادة السعودية لتوفير أفضل وأرقى الخدمات، وتذليل جميع المصاعب والعقبات، لتمكين حجاج بيت الله الحرام من أداء شعائرهم بكل يسر وسهولة، لينعموا بالأجواء الروحانية داخل مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة. وعزا وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية الأمين العام المكلف للهيئة العليا لتطوير منطقتي مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة الدكتور حبيب بن زين العابدين، نجاح موسم الحج الحالي إلى"توفيق الله عز وجل في المقام الأول، تليه الاستعدادات المبكرة التي أطلقتها الحكومة السعودية لموسم الحج، والتي بدأت منذ بداية السنة الهجرية الحالية، بعقد سلسلة من ورش العمل والاجتماعات التنسيقية والتحضيرية"، مشيراً إلى أن منشأة الجمرات وحدها خصص لها أكثر من 11 ورشة عمل، بواقع ورشة عمل شهرياً خلافاً لسلسلة من الاجتماعات الأخرى المتعلقة بها. وشدّد زين العابدين على أهمية"التلاحم الكبير"بين مختلف الجهات المشاركة في موسم الحج، والذي أثمر تعاوناً مشتركاً أسهم بجلاء في تكاتف الجهود وتعاضدها لتحقيق الغاية المنشودة، والمتمثلة في نجاح الموسم، وتمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم في أجواء مفعمة بالروحانية والأمان. وأشار وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى الدور التوعوي، منوهاً إلى أهميته الكبيرة ومساهمته الفعالة في نجاح الموسم، كاشفاً عن طبع مئات الآلاف من المطويات بتسع لغات مختلفة بغية معالجة المشكلات التي كانت موجودة في مواسم الحج الماضية، مثل: الافتراش وحمل الأمتعة، إضافة إلى مطويات أخرى تشرح المسارات المؤدية إلى الجمرات، وأهمية تقنين تدفق الحجاج وضرورة التزامهم بالجداول الزمنية المعدة مسبقاً لتنظيم عملية تفويجهم لرمي الجمرات. وأضاف:"تم أيضاً إعداد فيلم للتوعية يدفع الحاج ليقارن بنفسه بين الصورة القديمة البشعة، بالصورة الحضارية الجميلة للمسلمين وهم يؤدون شعائرهم الدينية بكل نظام وأمان". ولفت وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى أهمية البنية التحتية التي تم توفيرها، والتي تعتمد على فكرة تفكيك الكتل، مشيراً إلى أن الحجاج كانوا يفدون في الماضي من جميع الاتجاهات إلى مدخل واحد ومخرج واحد بجسر الجمرات، لافتاً إلى توافر 12 مدخلاً و12 مخرجاً في مستويات متعددة وأماكن مختلفة في منشأة جسر الجمرات الجديد، إضافة إلى تعدد وسائل الوصول والمغادرة، ومنها المنحدرات والممرات والسلالم العادية والمتحركة الكهربائية، إلى جانب السيارات الكهربائية. وقال زين العابدين:"وفرنا سيارات للعجزة وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، كما لا ننسى قضية مهمة تتمثل في الجدولة الزمنية لتفويج الحجاج إلى جسر الجمرات، إذ شكلنا مع وزارة الحج فريقاً يضم 1200 شخص لضبط التفويج في المخيمات". وأضاف:"في هذا العام كانت البشائر مطمئنة ومبشرة جداً بوجود انضباط كبير جداً مقارنة بالعام الماضي، إذ إن الحجاج والمطوفين على حد سواء تعاونوا في الالتزام بالجدول الزمني، وإن شاء الله سنحقق نتائج أفضل في موسم الحج المقبل". وأكد أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار، أن التخطيط الدقيق والمسبق والتعاطي مع جل الأمور بعلمية فائقة ودراسة مستفيضة، إلى جانب المتابعة الحثيثة من الحكومة السعودية كانت عوامل رئيسة لنجاح موسم الحج. وأكد الدكتور البار استمرار العمل الدؤوب والتخطيط العلمي السليم لموسم الحج المقبل، بغية الاستفادة من نتائج موسم الحج الحالي، وخصوصاً الإيجابيات التي توجت نجاحه، وتلافي السلبيات"المحدودة جداً"التي حصلت خلال الموسم. وأكد أمين العاصمة المقدسة أن الدعم اللامحدود الذي وجدته الأمانة من قبل ولاة الأمر أثمر عن نجاحها في خدماتها المقدمة للحجاج، على رغم تأكيده أن الوصول إلى الرضا الكامل أمر غاية في الصعوبة، مشدداً على استمرارية العمل ومواصلة بذل الجهود وتقديم الخدمات، بغية الوصول إلى مستويات أفضل في السنوات المقبلة. وعن أبرز المصاعب التي واجهت فرق الأمانة في موسم الحج الحالي، كشف الدكتور البار أنها تمثلت في انتقال ظاهرة الافتراش إلى مواقع جديدة في وادي محسر ومنطقة شرق الوادي، ما أعاق جهود فرق الأمانة لتقديم الأداء الأمثل، إضافة إلى صعوبة تقديم الخدمات في بعض مناطق حجاج الداخل في يوم العيد الأضحى، بسبب استحالة الوصول إليها، بعد أن أغلقت الحافلات التابعة لتلك المخيمات الطرق المؤدية لها. ملايين الحجاج توافدوا على المسجد الحرام ... معلنين انتهاء الموسم استقبل المسجد الحرام خلال اليومين الماضيين ملايين الحجاج، والذين توافدوا عليه بغزارة متعددي المآرب، منهم من قدم لأداء طواف الإفاضة، وآخرون احتشدوا بين جنباته لأداء طواف الوداع، معلنين رسمياً انتهاء شعائر الحج، استعداداً للمغادرة إلى أوطانهم. واكتظت جنبات بيت الله الحرام طوال اليومين الماضيين، لدرجة دفعت القائمين عليه من رئاسة شؤون الحرمين وقوات أمن الحرم إلى التدخل للحفاظ على سلامة أرواح الحجاج، بتنظيم سير الحشود، وتقنين حركة الجموع المتدفقة بغزارة صوبه. وكشف شاهد عيان ل"الحياة"أن أداء شعيرة الطواف داخل المسجد الحرام يمر بصعوبات عدة، بسبب التكتلات البشرية الكبيرة التي تشل الحركة للحظات قبل أن تدب من جديد داخل صحن الطواف المحيط بالكعبة المشرفة، موضحاً أن التوقيت الزمني للطواف أول من أمس استغرق وقتاً زاد على ثلاث ساعات ونصف، في حين أكد أحد الحجاج أنه أدى الطواف خلال ساعتين أمس. وأوضح مصدر رسمي في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ل"الحياة"أن الطاقة الاستيعابية للطواف في الحرم تتجاوز 52 ألف طائف في الساعة، بواقع 30 ألف طائف في صحن الطواف، و22 ألفاً في الطوابق العلوية. وأشار المصدر إلى أن الطاقة الاستيعابية للسعي داخل المسجد الحرام تصل طوال اليوم إلى 2.88 مليون ساع ،مشيراً إلى أن المساحة الإجمالية للمسجد الحرام تتجاوز 3600 متر مربع. إلى ذلك، كشف قائد قوات أمن الحرم اللواء يوسف مطر ل"الحياة"، أن الفرق الأمنية الموجودة في المسجد الحرام نجحت في التعامل مع إدارة الحشود الكبيرة المتدفقة بكثافة صوب المسجد الحرام، إذ قامت بتفويجهم على دفعات حفاظاً على سلامتهم، ومنعاً لتعرضهم لأي حالات اختناق أو اندفاعات أو أية مشكلات أخرى. وقال:"إن الخطة المعتمدة من قبل مدير الأمن العام الفريق سعيد القحطاني، اعتمدت على التحكم في إدارة الحشود المتوجهة إلى بيت الله الحرام عبر مراحل عدة، تبدأ من الساحات الخارجية المحيطة بالمسجد الحرام، مروراً بالبوابات الخاصة بالمسجد، وصولاً إلى الأروقة الداخلية للبيت العتيق، وانتهاءً بصحن الطواف". من جانبها، أعلنت جمعية الهلال الأحمر عدم تسجيل أي إصابات مرضية أو حالات وفاة داخل أروقة المسجد الحرام، مؤكدة التواجد الكامل لفرق الهلال الأحمر، واستعدادها المتواصل على مدار الساعة داخل المسجد الحرام وخارجه لتقديم الخدمات الإسعافية كافة للحجاج.