اتفق المتحدثون في المنتدى العربي الأول لحماية المستهلك من الغش التجاري والتقليد أمس على ضرورة ابتكار آليات أكثر فعالية لمحاربة ما سموه"عولمة الغش"، نظراً لتطور أساليب التقليد والغش حتى طاول الدم البشري والأدوية وأصبح خطراً يهدد جوانب الحياة كافة. وحمل رئيس الفريق التفاوضي السعودي في منظمة التجارة العالمية الدكتور فواز العلمي خلال الجلسة الأولى للمنتدى الغش التجاري مسؤولية وفاة أكثر من مليون نسمة سنوياً، وقال خلال الجلسة الأولى في فعاليات المنتدى العربي الأول لحماية المستهلك من الغش التجاري أمس:"إن الغش التجاري من العوامل المساندة على الدمار في العالم، اذ يتسبب في 65 في المئة من حرائق المنازل، و25 في المئة من انهيار المنازل، و35 في المئة من حوادث الطرق". وقال ان الإحصاءات تشير إلى أن قيمة الغش التجاري بلغت العام الماضي 780 بليون دولار على مستوى العالم، كان نصيب العالم العربي منها 56 بليون دولار، وشدد على ضرورة تطبيق الأنظمة بصرامة واحترام المعاهدات الدولية ودعا الجامعة العربية إلى إدراج ذلك ضمن أجندتها. وأشار إلى ان الدين الإسلامي سبق الجميع في رعاية وحماية حقوق الملكية الفكرية، موضحاً ان الدين الإسلامي يحرم التعدي على حقوق الغير. وعدد العلمي التحديات التي يواجهها العالم في الأمن الدولي والمضاربات على النفط والاحتباس الحراري، وأوصى بضرورة تطبيق الأنظمة بصرامة ومكافأة المبادرين بالكشف عن الغش التجاري. من جانبه، أكد منسق مكافحة الغش التجاري في منظمة الجمارك العالمية، كريستوف زيمرمان ضرورة تأسيس فِرق متخصصة تستهدف تغير تقنيات الغش التجاري، مشيراً إلى تعزيز قدرات مؤسستهم ب 30 خبيراً في هذا الجانب. أما السفير الأميركي في السعودية فورد فراكر فشدد على ضرورة وضع قوانين لحماية الحقوق والحفاظ على الملكية الفكرية، مشيداً بالقوانين التي وضعتها السعودية والإمارات في مجال حماية الحقوق الفكرية، منوهاً بمبادرة أميركية - سعودية أُطلقت في هذا الشأن وقال انه سيتم عقد اجتماع خلال الأشهر المقبلة بين المملكة وأميركا بشأن حماية الملكية الفكرية. وفي المقابل، طرح رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمنظمة طلال أبو غزالة الدكتور طلال أبو غزالة اقتراحاً بوضع نظام لحماية المؤشرات الجغرافية وحماية الأسماء المشهورة، مستشهداً ببعض المناطق الجغرافية المستهدفة كالبتراء ومكة المكرمة باعتبارها تحمل قدسية خاصة. وأبدى أبو غزالة استعداد منظمته للتعاون مع الجامعة العربية لوضع نظام لحماية المؤشرات وإنشاء بنك معلومات، منوهاً بإمكان عقد اتفاق عربي بيني لحماية المؤشرات الجغرافية، وأمام ذلك أبدى كريستوفر استعداد منظمة الجمارك العالمية لتقديم الدعم والمساندة لمبادرة الدكتور أبوغزالة. وفيما أكد السفير الأميركي ضرورة تعزيز أدوار الجهات ذات العلاقة لحماية العالم من الغش التجاري، أشار منسق مكافحة الغش التجاري في منظمة الجمارك العالمية إلى أهمية تغيير المنهج ونقله من النظرية إلى التطبيق وأن نكسب الرهان على الأرض، مشيراً إلى أن الهند صادرت بين كانون الثاني يناير وتموز يوليو 2005 ما مقداره ستة أطنان من مكونات الفياغرا. ولفت إلى أن الغش التجاري طاول كل شيء، وبلغ حجم المبيدات الحشرية المقلدة 500 طن، معدداً أمثلة للغش التجاري في الأدوية ومحطات البنزين والكثير من المنتجات، التي نكاد نلمسها يومياً في حياتنا. وقال:"لا يمكن التحكم في 400 مليون حاوية في محيطات العالم و2.5 بليون حزمة بريدية، وعدد موظفي الجمارك يبلغ 800 ألف موظف فقط". من جانبه، أكد ممثل الاتحاد الأوروبي لوك ديفان، أن الاتحاد طور نظاماً خاصاً لحماية الملكية الفكرية، وأبدى استعداده للتعاون مع المبادرة، التي أطلقها أبو غزالة في مجال حماية المؤشرات الجغرافية والأسماء المشهورة. وفي الجلسة الثانية التي حملت عنوان"الخطط والسياسات والمبادئ"، وترأسها المدير العام للهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس نبيل أمين ملا، طالب الرئيس التنفيذي لشركة حماية عبدالعزيز بن عبدالله بن عثيمين، بضرورة التوعية من الغش التجاري، وشدد على أهمية تفعيل التعاون والتنسيق مع من سبقنا في مكافحة الغش التجاري، وقال إن الغش مشكلة عالمية لا يمكن القضاء عليها، وإنما الحد منها. من جانبه، أكد نائب رئيس شركة مايكروسوفت في الشرق الأوسط وأفريقيا علي الفرماوي، ان التوعية تبدأ من المدارس، مطالباً بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، من أجل وضع الحلول الكفيلة للقضاء على الغش التجاري. أما خبير الملكية الفكرية في السفارة الأميركية لدى القاهرة محمد شلتوت، فطالب بآلية فعالة لتبادل المعلومات بين الدول، مشيراً الى ان السعودية مقتنعة بأهمية الموضوع، وتسعى بحرص وجدية لتطبيقها، في حين قال ممثل مكتب براءة الاختراع والعلامات التجارية الأميركية، إن القراصنة يحصلون على أرباح مضاعفة، والقلة منهم يتعرضون للملاحقة. وأضاف"ان مكتب براءة الاختراع يتبع برامج عدة، منها بناء القدرات في الدول، ومحاولة إشراكها في مناقشة تلك البرامج". أما المدير العام لمصلحة الجمارك صالح بن الخليوي، فأكد في الجلسة الثالثة ضرورة إيجاد موازنة فاعلة بين الحاجة للسلعة وحماية المستهلك من السلع المقلدة، وقال:"إن المحفز الرئيسي على التقليد يتمثل في الربح الرخيص، من خلال اختلاف معادلة الأسعار، لذا يجب خفض أسعار السلع الأصلية، حماية لحقوق أصحاب السلعة وحقوق المستهلك من أضرار التقليد". من جهته، نوّه المدير العام في جمارك البحرين محمد علي طالب بأهمية وضع نظام موحد للغش التجاري في دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى اهتمام البحرين بمكافحة الغش التجاري في ظل استراتيجية تقوم على تطبيق التشريعات والقوانين الرادعة، وتأهيل موظفي الجمارك ومراقبة مصدر البضائع. وخلال الجلسة استعرض مساعد المدير العام للشؤون الجمركية في مصلحة الجمارك السعودية سعود بن سليمان الفهد، دور الجمارك السعودية في مكافحة الغش التجاري والتقليد، وقال ان مصلحة الجمارك تحارب الظاهرة بعدد من الوسائل، منها نظام الجمارك الموحد، ونظام مكافحة الغش التجاري، ونظام العلامات التجارية والوكالات التجارية والمعايير والمقاييس. وخلص إلى ضرورة تفعيل العمل بالأنظمة والتركيز الكامل على التهريب، وعدم إصدار سجلات تجارية متعددة للشركات وربط السجلات التجارية برقم الهوية الوطنية، وتزويد المنافذ بالمختبرات المجهزة، ورفع كفاءة موظفي الجمارك، والنظر في تبني عقوبات على الدول التي تنتج وتصدر البضائع المغشوشة. "القرصنة" تمنع إقامة 4 آلاف شركة جديدة في الشرق الأوسط كشف نائب رئيس مايكروسوفت في الشرق الأوسط علي الفرماوي عن ان الخسائر الناتجة من عمليات القرصنة في الشرق الأوسط في مجال برامج الحاسب الآلي تبلغ بليوني دولار. وقال إنه يمكن توفير 210 ألف وظيفة، و4 آلاف شركة جديدة في مجال تكنولوجيا المعلومات في الشرق الوسط،"لكن لو استمرت معدلات القرصنة بشكلها الحالي، لن نستطيع الوصول إلى هذه الأرقام". وزاد:"تقدر حجم استثمارات مايكروسوفت لمكافحة القرصنة بملايين الدولارات وملايين ساعات العمل"، مشيراً إلى اهتمامهم"بشكل المنتج من الناحية الهندسية، وكيفية الترخيص وشكله الخارجي، وأيضاً في التسويق والتوعية الصحيحة بالمنتج"، إضافة إلى العمل الذي يتم مع السلطات التشريعية والتنفيذية في جميع البلاد". وأضاف أن"من 15 إلى 20 في المئة من موازنة كل فرع تتحرك نحو التثقيف والتوعية". وتابع أن"المسؤولية مشتركة بين الحكومة والشركات". وعن الاقتراحات للحد من هذه الظاهرة، تحدث عن"البُعد التعلمي بمختلف مستوياته مثل المدرسة والتلفاز، ويجب وجود درجة عالية من الدراية بأهمية الالتزام بالمنتج". وعن الشق القانوني قال"يوجد هناك قانون لحماية الملكية الفكرية في المملكة واضح وصريح، لكن يجب أن تكون العقوبات بحجم الجريمة أو المخالفة نفسها"، وشدد على أهمية"إظهار بعض القدوة الحسنة للناس، سواءً كانت الحكومة أم القطاع الخاص". وعن مسألة"أسعار منتجاتهم"، أكد أنهم يقومون بتوفير البرامج التعليمية بأسعار مخفضة، وهناك تعاون بينهم وبين"وزارة التربية والتعليم السعودية، من أفضل النماذج على الالتزام والتعاون"، وذلك من الناحية التعليمية والتوعوية، إضافة إلى استخدام البرامج الأصلية. وأضاف أن القطاع التعليمي له أسعار مخفضة، إضافة إلى وجود أسعار أرخص للقطاع التعليمي الحكومي. أما ب"النسبة للاتفاقات الحكومية، تتم فيها نسبة الخفض، بناءً على تقديرات البنك الدولي بحسب الدخل القومي". وقال رداً على سؤال ل"الحياة"، أن دور مايكروسوفت في توجه الحكومة السعودية في جعلها إلكترونية، هو"دور استشاري وتقديم خبراتنا لها، لاختصار الطريق والابتداء من حيث انتهى الآخرون". و"تقديم طريقة واضحة وسهلة لفحص البرمجيات اللازمة لتقديم الخدمات الحكومية الإلكترونية"، وأشار إلى الدور الذي يمكن لتكنولوجيا المعلومات أن تلعبه في قطاعات الدول المختلفة"مثل قطاع التعليم، ليكون المنتج التعليمي العربي مواكباً للتقدم، وتأثيره الإيجابي على الشخصية العربية، والأطفال خصوصاً، وتنمية قدرتهم على البحث والعمل والتواصل مع ثقافات وحضارات أخرى". وتحدث عن"دور تكنولوجيا المعلومات في تطوير الأداء الحكومي وتوفير قدر عالي من الشفافية ودقة المعلومات لمتخذ القرار، وتوفير وتقديم خدمات ميسرة للمواطنين، بأسرع طريقة ممكنة"، إضافة إلى دورها في"الصناعات المتوسطة والصغيرة، وهي أحوج ما تكون إلى التنمية، وتحتاج لربطها بالصناعات التي هي أكبر منها، أو تتعدى حدودها سواءً في عملية الاستيراد، وعملية تصدير من خلال التجارة الإلكترونية". ورأى أن"الغش والقرصنة وعدم الالتزام، تمثل معوقات أمام الطموحات التي تقدمها تكنولوجيا المعلومات"، مشيراً إلى أن"هذا هو السبب في مشاركتي للمنتدى". 80 في المئة من السلع المقلدة في العالم صينية أوضح المسؤول التقني لمكافحة الغش التجاري والقرصنة في المنظمة العالمية للجمارك كريستوف زيمر أن ما بين 60 و80 في المئة من السلع المقلدة في العالم مصدره الصين. وحذر من ان الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الأسواق العالمية ستؤثر في القدرة الشرائية للمستهلك، وبالتالي سيزيد الاتجاه للمقلد، ما يزيد من حجم السلع المقلدة، مشيراً الى ان المبالغ المخصصة للحماية الفكرية ستتقلص، ما يستوجب التدخل السريع ووضع الحلول حتى تقوم بمهامها. وطالب بضمانات أكثر للحماية الفكرية ووضع قوانين أكثر صرامة، إذ إن القوانين الحالية أقل من حجم المشكلة الفعلي، ووضع حلول سياسية تتواءم وحجم المشكلة، مشيراً الى ان أكثر مخاطر السلع التي تقلد هي في المواد الغذائية والأدوية وقطع غيار السيارات والاجهزة الكهربائية والالكترونية، فالكل معرض للخطر سواء على مستوى الأفراد أو الدول أو الشركات. من جهة أخرى، كشف المدير العام لجمرك مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينةالمنورة محمد بن علي حجر الغامدي عن نجاح جمرك المطار أخيراً في ضبط أكثر من ستة آلاف ساعة مقلدة وكميات كبيرة من مستحضرات الأعشاب والأدوية المغشوشة، تم التحفظ عليها والتحقيق في مصدرها، مشيراً إلى ضبط كميات أخرى خلال الفترات الماضية. وأوضح في تصريح ل"الحياة"أن المنتدى العربي الأول لحماية المستهلك من الغش التجاري يعد هدفاً من أهداف العمل العربي المشترك لحماية المستهلك العربي. وأضاف أن التقليد التجاري وقرصنة المنتجات والأفكار في العالم تشكل خطراً على الاقتصاد العالمي، إذ بلغت الخسائر المادية قرابة 70 بليون دولار بحسب معلومات اتحاد الصناعة الدولي. وأشار إلى أن هذه الظاهرة تشهد تنامياً وتزداد سنوياً في الأسواق بشكل ملحوظ، ومن هنا بادرت الجامعة لعقد هذا المنتدى الذي يتضمن جلسات ولقاءات تهدف إلى توعية المجتمع العربي بهذا الخطر الكبير الذي طاول أغلب حاجات المستهلك في جميع أنحاء العالم، ووضع الأطر القانونية لمحاربة هذه الجرائم والآلية اللازمة إجرائياً وقانونياً لملاحقتهم ومتابعتهم.