أرجع عدد من خبراء النفط الأسباب التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط بصورة دراماتيكية في الفترة الأخيرة إلى مجموعة من الأمور من بينها المخاوف من كساد عالمي، إضافة إلى إحجام المستثمرين عن المضاربة، بسبب الحال القاتمة للاقتصاد العالمي، مبدين تخوفاً من ان تواصل الأسعار تراجعها إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل مع فتح الأسواق غداً. وأشاروا في حديثهم الى"الحياة"إلى أنه من الصعب وضع تقديرات حول الأسعار على المدى القصير، إلا أنهم أوضحوا أن ذلك سيرتبط ارتباطاً وثيقاً بنجاح الجهود التي تبذلها الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية لاحتواء الأزمة المالية، مؤكدين أن ظهور النتائج الأولية للخطط التي سيتم تنفيذها، سينعكس على أسعار النفط والذهب. وقال رئيس قطاع الطاقة في الهيئة العامة للاستثمار الدكتور عبدالوهاب السعدون، إن عدم الوضوح في الرؤية دفع بالمستثمرين إلى الإحجام عن سوق النفط، مشيراً إلى أنهم، وكأمر طبيعي، يلجأون في مثل هذه الأوضاع إلى السلع التي تعتبر ملاذاً آمناً مثل الذهب. وأوضح أن المخاوف التي سببتها الأزمة المالية أثرت في النفط بشكل مباشر، وقال:"إنه من المنطقي القول ان من الأسباب التي أدت إلى انخفاض أسعار النفط، إضافة إلى المخاوف من ركود اقتصادي عالمي، تراجع حجم المضاربة على النفط، والذي رأت الدول المنتجة خلال ارتفاع الأسعار ووصوله إلى 147 دولاراً للبرميل أنه سبب رئيسي في ارتفاع الأسعار". يذكر أن الولاياتالمتحدة كانت لا ترى في المضاربات على النفط سبباً رئيسياً لارتفاع الأسعار، وتراجعت أسعار النفط من مرتفعات قياسية قرب 150 دولاراً للبرميل في تموز يوليو، لتغلق في معاملات نيويورك أول من أمس عند حوالى 80 دولاراً للبرميل. من جهته، أشار الخبير النفطي الدكتور طارق المجيد إلى أن انخفاض أسعار النفط بهذه الصورة سيدفع بمنظمة أوبك إلى درس الوضع النفطي وحجم العرض، مخافة أن يستمر انخفاض أسعار النفط في ظل كمية المعروض الحالي إلى أن تنهار أسعاره هي الأخرى. وأضاف أن تراجع الأسعار كان من بين الأمور المتوقعة، إذ تم وضع مستوى له بين 80 و90 دولاراً، إلا أنه خلال اليومين الماضيين لامس 75 دولاراً، وهو ما يعني انه قد ينخفض أكثر من المتوقع في ظل استمرار الأزمة المالية العالمية. وذكر أن حدوث كساد اقتصادي أو تباطؤ في النمو العالمي من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط إلى مستويات لم تكن تتوقها الدول المنتجة، ما يؤدي إلى تباطؤ في نموها بسبب انخفاض مداخيلها، وهذا ما قاله مدير البنك الدولي لشؤون التنمية الاقتصادية في المنطقة فاروق إقبال أمس من أن"النفط كان مساهماً رئيسياً في النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا على مدى العامين الأخيرين، لكن إذا استمر تراجع الأسعار فسينخفض النمو أيضاً". وأضاف:"قال خبراء اقتصاديون لدى البنك الدولي، إن استمرار تراجع سعر الخام وانخفاض التحويلات المالية من جراء الأزمة المالية العالمية، سيفضيان إلى تباطؤ النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وان خبراء الاقتصاد لدى البنك يعملون الآن على أساس توقعات أن يبلغ متوسط سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2009". وخفض البنك الدولي توقعاته للنمو في المنطقة منذ تسارعت الأزمة المالية العالمية، وتبلغ تقديراته الحالية للسنة الحالية نحو أربعة في المئة نزولاً من متوسط قدره 5.7 في المئة في 2007، في حين خفضت وكالة الطاقة الدولية تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2008 الى أدنى معدلاته منذ عام 1993، كما خفضت توقعاتها للنمو في 2009 بواقع 190 ألف برميل يومياً.