أثارت الأحاديث والأخبار المتناقلة عن تغييرات طاولت الزي المدرسي للطالبات أخيراً، جدل لم ينته بعد، بين أولياء الأمور وأصحاب محال بيع"المراييل"المدرسية، على رغم بدء العام الدراسي، وتوضيحات وزارة التربية والتعليم المتضمنة تأكيداً على بقاء الزي كما هو عليه منذ أعوام عدة. تجار الأقمشة، يؤكدون أن"سوق المراييل ما زال مهزوزاً، نظراً لارتباك أولياء الأمور وعدم تأكدهم من الزي المعتمد في المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، خصوصاً أن التغيير المتداول، شمل تعديل عدد القطع من واحدة إلى اثنتين". يقول أحد هؤلاء التجار فضل عدم ذكر اسمه"استعدينا لبيع أقمشة الزي الاعتيادية، بعقود تصنيع مع مصانع الأقمشة في عدد من دول العالم، قبل بدء الإجازة بشهر تقريباً، وتم دفع المبالغ على أساس الألوان الرصاصي والكحلي، وبعض الألوان الخاصة في بعض المناطق مثل البني والزيتي". وتابع:"مع تردد الحديث عن التغيير، لم يعد ممكناً تغيير الألوان أو تصميم الزي، حتى إن كان أمر التغيير صحيحاً، إلا أن الكثير من الطالبات اشترين التصاميم المعروفة، ولم يلتفتن لتلك الأقاويل". إلى ذلك، أكد عدد من تجار التجزئة أن"السوق بدأ مرتبكاً قبل بدء الدراسة، إلا أنه استعاد توازنه المعتاد مع انطلاقتها". وأشار محمد علي الذي يعمل في سوق الأقمشة منذ عشر سنوات إلى أن"عملية البيع بدأت بطريقة اعتيادية في أول الأمر، إلى أن صدرت بعض التصريحات التي جعلت بعض المشترين يقومون بإرجاع الأقمشة وتبديلها بأخرى طبقاً لما يتردد بين الطالبات والمعلمات". وقال:"من الطريف أن بعض المشترين استعد لاختلاف الآراء بشراء اللون الحالي واللون المقترح". وفي جانب آخر، أكد عدد من الخياطين أن الإقبال على محال الخياطة"قل كثيراً عن مثيله في الأعوام السابقة، بسبب عدم تأكد الطالبات وأولياء أمورهن من الزي المطلوب". وأوضح عبدالعليم محمد، الذي يعمل في أحد محال الخياطة أن"موسم خياطة المراييل يبدأ قبل بدء الدارسة بثلاثة أسابيع تقريباً ويزداد في الأسبوع الأخير، وهو ما لم نلحظه هذه السنة بسبب تردد الناس في الزي المطلوب". أما البائع سليم أحمد، فيشير إلى أنه"يشتري عادة من 15 إلى 20 طاقة قماش من تجار الجملة، تباع جميعها قبل بدء الدراسة، في حين أنني لم أبع سوى 7 طاقات هذا الموسم". في المقابل، تزاحمت العديد من الطالبات في مشاغل الخياطة النسائية ، على اختيار أنواع أقمشة"المراييل"المدرسية المميزة، ما دفع بعضهن إلى البحث عن التفرد وجذب الأنظار من خلال"موديل"أو تصميم لافت. وبعيداً من الصورة النمطية للمريول المدرسي، تحاول الطالبات الخروج بزي مغاير يكسر حاجز المساواة الاعتيادية عن طريق التفكير المتواصل واستشارة ذوي الاختصاص، وصولاً إلى الاقتباس من"كتالوجات الأزياء"أو الاستعانة بتصاميم دارجة بين الطالبات. وتصر نورة البرغش طالبة المرحلة الثانوية على أهمية تميز مريولها المدرسي عن بقية الطالبات. وتقول:"لا أقبل بمريول عادي، لازم أكشخ، خصوصاً مع القيود التي نعيشها في المدرسة". وتشترط البرغش أن"يواكب مريولها موضة السنة الحالية، خصوصاً في تصميم الأكمام"، والتي تعتبرها"واجهة الزي الذي تضع فيه كل جهدها". وتضيف:"أحب أن يكون الكم رجالياً لأضع الكبك الذي أخفيه في حقيبتي إلى حين دخولي المدرسة". وتغامر أسماء السليم بالشروع في تفصيل مريول"رجالي بحت". وتوضح:"ذهبت إلى محال بيع أقمشة رجالية واشتريت الأمتار اللازمة، ووضعت ثوب أخي داخل الكيس، وبعد شرحي للخياط التصميم الذي أريده، قابلني بالدهشة والرفض التام، مشترطاً تخصير المريول". ومع زحف"موجة"ارتفاع الأسعار لتشمل المراييل المدرسية، باتت بعض الأسر حائرةً في إقناع بناتها الطالبات بالموافقة على اختيار زي بسيط، وهو ما تؤيده سارة السليم بقولها:"لا أحب التكلف، فماذا أستفيد من دفع مبلغ مالي كبير في مقابل مريول موقت سأتخلص منه بعد أشهر عدة". وتستغرب حنان العمري، والتي لا تزال تحتفظ بمريولها في الصف الأول ابتدائي"لأنه ذكرى جميلة"، من النقلة التي حصلت لموديلات المراييل. وتقول:"عندما أنظر إلى مريولي القديم، وما تضمه السوق اليوم، أجد فارقاً كبيراً، لذا أحرص على إضافة ألوان مخالفة في القماش، خصوصاً الياقات والأكمام لأبدو مميزة بتعدد الألوان"، مشيرةً إلى أن"التساهل الإداري في مدرستي الخاصة، ساعدني على التفصيل كما أريد". وترى حصة الدخيل مساعدة مديرة في المرحلة المتوسطة أن أكثر ما تعانيه المعلمات من مشكلات الطالبات"يكمن في بداية العام الدراسي، فكثير من الطالبات يبحثن عن مريول مميز قدر الإمكان، على رغم تأكيدنا عليهن بضرورة الالتزام والتقيد بالزي المتعارف عليه". وتضيف:"مع بداية العام الدراسي، نفاجأ بعكس ما قمنا بتعميمه، إذ نجد اختلافات وفروقاً مادية بين الطالبات، فهناك الغنية والفقيرة، لذلك قامت الوزارة بتوحيد الزي إلغاءً للتقليد والشعور بالنقص". وتشير الدخيل إلى أن سبب إصرار الطالبات على الظهور بتصاميم مبالغ فيها، خصوصاً من حيث التكلفة المادية،"يرجع لكون بعض الفئات اعتادت على شراء ماركات وأقمشة معينة، ولا تستطيع تغيير ذلك، ويساعد على هذا، مرحلة المراهقة التي تتركز فيها رغبات حب الظهور والتغيير الشخصي".