عندما يكون النقد ممزوجاً بالفكاهة تكون سرعة وصوله للمتلقي قياسية ومرغوبة، اعتدنا منذ خمسة عشر عاماً أن نتابع بكل حواسنا مسلسل"طاش ما طاش"، والحقيقة أن الممثلين ناصر القصبي وعبدالله السدحان قدما ما يزعمان أنه إسهام في طرح قضايا المجتمع رغبة في إيجاد حلول لها، هذا ما اعتقده شخصياً، لكن في السنوات الأخيرة أصبح"طاش ما طاش"عرضة للنقد غير الممزوج بالفكاهة، كما يفعل فريق طاش، بل بالغضب والتوتر، لأن البعض يرى أن هذا المسلسل تجاوز النقد الموضوعي، كيف حدث ذلك؟ عندما يتم عرض إحدى حلقات"طاش ما طاش"التي تتناول مواضيع لها علاقة برجال الدين أو بجهات شرعية، يقوم بعض الإخوة بمهاجمة هذا المسلسل ومهاجمة القائمين عليه من خلال وسائل الإعلام أو بعض المنابر ويطالبون بإيقاف طاش أو إيقاف الممثلين فيه مع توجيه التهم لهم بالإساءة لرجال الحسبة أو للجهات الشرعية، هذه الحساسية المفرطة لدى بعض الإخوة تجاه كل شيء له علاقة بالدين هي التي تكبر الصغير وتعطي دعاية أوسع وابرز لهذا المسلسل أو غيره، فليس كل حلقات طاش تمثل قضايا المجتمع السعودي، ولا كل من هاجم هذا المسلسل يكون هجومه في محله، ولا كل شخص ملتحٍ يمثل طلبة العلم أو رجال الحسبة الحقيقيين، وليس هناك احد معصوم من الخطأ، هذا الأمر الذي يعرفه الجميع، لكن البعض لا يقبله. هناك ملاحظات على مسلسل طاش، لكنها حتى الآن لا ترتقي لمستوى المنابر، ولا بح الحناجر، ولو كانت تلك الاعتراضات على بعض الحلقات في محلها، لما استطاع فريق طاش أن يستمروا في تسجيل حلقاتهم على هذا النحو، وإذا كان طاش ينتقد سلوكيات البعض منا لاحظوا كلمة البعض سواء مثقفين أو مسؤولين أو رجال حسبة، فليكن، إذا كان الهدف من ذلك هو التنبيه من خطر هذا السلوك أو ذاك طالما انه سلوك سيئ وموجود وواضح للعيان، أما إذا كانت المسألة انتقائية، فهناك قنوات فضائية عدة ترحب بالمواضيع الانتقائية غير المفيدة، ونحن لدينا حساسية من أي شيء انتقائي. كما أن الحلقات العشر الأولى من طاش 15 وهي الحلقات التي شاهدتها حتى الآن، اثببت مبدئياً أن طاش مسلسل قد يطيش أحياناً، فعلى سبيل المثال الحلقة التي تناولوا فيها قصة الفتاة العنود التي أصيبت بدوخة وركبت في سيارة غير سيارتها عن طريق الخطأ وذهب بها قائد السيارة إلى منطقة برّية من دون أن يعلم أنها راكبة معه، وبعد أن اكتشف ذلك وكانوا قد تعطلوا ليوم كامل استطاعوا العودة إلى المدينة ليواجهوا اتهاماً بالخلوة من الجهات الرسمية وتهديد الفتاة من أخيها بالقتل... الخ. ما المقصود من هذه الحلقة؟ وهل يحدث مثل هذه القضية مرة من بين كل مليون قضية، هذه ليست قضية متكررة ومنتشرة أو هي ظاهرة يجب علاجها، بل هي من الحالات الفردية النادرة التي ليس لها مكان في مثل هذا المسلسل إذا كان يهدف لعلاج القضايا الاجتماعية... تأملوا ما الهدف من الحلقة؟ وأنا واثق من حصافة القارئ وقدرته على الفهم. رياض إبراهيم [email protected]