دارت قبل ايام في الأردن، كاميرا المخرج السعودي عبدالخالق الغانم لتصوير الجزء 12 من المسلسل السعودي "طاش ما طاش" الذي ينتجه الفنانان السعوديان ناصر القصبي وعبدالله السدحان ويلعبان فيه ادوار البطولة الى جانب اهم نجوم الدراما السعودية. ولم تكن هناك مفاجأة عندما تحدث الغانم للصحف المحلية والعربية عن الجديد في المسلسل، إذ انه سيتناول كما عود جمهوره "هموم المجتمع عبر قضايا الساعة، كما سيقدم حلقات عن نتائج الأعمال الإرهابية الأخيرة التي تعرضت لها البلاد". ولن يفوت "طاش" هذا العام الموضوع الذي شغل الإعلام والمجتمعات العربية - تلفزيون الواقع، وذلك في حلقة خاصة عن "ستار اكاديمي". وبحسبما قال ناصر القصبي ل"الحياة"، فإن "ستار اكاديمي سيكون على الطريقة السعودية، بإسقاطات تخص المجتمع المحلي وهمومه اكثر من الاهتمام بالبرنامج نفسه وماهيته". ومع ان التلفزيون السعودي وتلفزيون الشرق الأوسط يحتكران بث الحلقات الجديدة من المسلسل، فإن المسلسل حقق نجاحاً جماهيرياً، بدليل عرض الأجزاء السابقة في معظم القنوات الفضائية. وكان "طاش" تعرض لهجوم من جهات عدة، وصدرت دعوات لمقاطعته من على منابر المساجد، لأنه اثار حفيظة المتشددين في اكثر من حلقة، ابرزها الحلقة التي ناقشت قضية "المحرَم"، واحدة من مشكلات المرأة في المجتمع السعودي، إذ عرضت الحلقة عوائق ومضايقات تتعرض لها المرأة السعودية في حال غياب محرمها. طاش وأرسطو وفي شأن إفراد بعض الصحف المحلية حلقات مطولة تنتقد المسلسل التقت "الحياة" الفنان ناصر القصبي، في حوار قال فيه: "نحن نهتم بكل ما يكتب في الصحف، وبكل نقد يوجه إلينا، ونبحث عن التطوير بحسب إمكاناتنا المتاحة. ولا نتوانى عن القراءة لأي شخص كان، لعلنا نجد ما يفيد العمل وبالتالي الجمهور. لكن، هناك من يحمل "طاش" اكثر من حجمه الطبيعي. ويدخل في فلسفة نيتشه وعبثية كامو، ودروس ارسطو وبرغسون الكوميدية، وينظر الى سياق المسلسل سوسيولوجياً. وقد قلنا مراراً ان من ينظر إليه بهذه الطريقة يدلل الى ضيق افق في قراءته. "طاش" مسلسل او برنامج يمس شريحة معينة من المجتمع بقالب بسيط جداً، ولا يعني ذلك السطحية، لكننا نحاول قدر الإمكان البحث عن القاسم المشترك بين اكبر شريحة ممكنة من الجمهور المحلي، ولم يكن هدفنا من قبل ان نصل الى صيغة فنية ترضي المثقفين والنخبويين في العالم العربي او سواه. فنحن نقدم برنامجاً محلياً بحتاً". وفي رده على من يصف حوارات "طاش" بأنها ضعيفة ولا ترقى الى الإبداع، يقول القصبي: "هناك نقطة مهمة اود الإشارة إليها، ما يكتب في حلقات "طاش" هو افكار المجتمع نفسه، إذاً فمن يشاهد هو من يكتب. ودورنا يتوقف على التشذيب والتهذيب والانتقائية، اضافة الى اننا صلة وصلة بين المجتمع وذاته. فالمجتمع ينتقد نفسه ونظمه وسلوكه في "طاش"، ويعبّر عن همومه الخاصة، عبر حلقات ظاهرها الترفيه وجوهرها النقد الهادف. وأعتقد ان هذا هو الجميل في المسلسل البسيط، على رغم ان شهادتي مجروحة، ولا اريد ان اقول ان طموحنا محلي، فلا يستاء المرء إذا تجاوز جمهوره الى شرائح اخرى". وفي حين يدعي البعض انه كتب ل"طاش" وأسقط القائمون على المسلسل اسمه ونسبوا الكتابة الى غيره، يوضح ناصر: "قمنا بالإعلان عن طريق الصحف المحلية وسواها، عن جوائز مالية لأفضل حلقات تكتب ل"طاش"، كما اننا نستقبل من الأصدقاء وغيرهم الكثير من الفاكسات في هذا الخصوص، إلا اننا نعاني مشكلة كبيرة، إذ يظن البعض ان كتابة الحلقات مقتصرة على فكرة تكتب في جملة او جملتين، او حتى صفحة. ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، فهناك من يتصل هاتفياً ليخبرك بفكرة تصادفه في يومياته، تناسب "طاش"، وحين تطلب منه كتابتها، يتملص ويبحث عن حلقته المزعومة في حلقات "طاش" ولو بجملة، ليدعي ان الفكرة فكرته. مع العلم اننا نقوم بكتابة صاحب الفكرة في كل حلقة، اضافة الى كاتب السيناريو والحوار". وعند سؤاله عما اذا كان المسلسل فقد حسه الكوميدي، يجيب القصبي: "حقيقة لمستها عملياً ومن خلال خبرة، ما يُضحك اشخاصاً في مكان او في منطقة ما، قد لا يعني شيئاً لآخرين. وعلى رغم ان السعوديين ينتمون الى وطن واحد، فإن بعض ما يضحك الناس في الرياض لا يضحكهم في جدة. وما يعني شيئاً لأهل الدمام قد لا يفهمه اهل الجنوب. هي معادلة صعبة. كما ان الكوميديا صناعة غاية في الصعوبة. احياناً قد تضحكك جملة في الحياة الواقعية، لكنك تستخفها على التلفزيون. وقد لا يعي البعض اننا نتعامل مع شريحة كبيرة من الجمهور. والأهم من ذلك كله ان "طاش" لا يقدم الكوميديا فقط. هدف "طاش" الرئيس معالجة الموضوعات الجدية بأسلوب كوميدي ساخر وبابتسامة يرسمها على الشفاه، وهناك الكثير ممن اعجب بحلقات جدية تناقش مواضيع مهمة اكثر من اعجابهم باللقطات الطريفة". وعلى رغم كل الانتقادات وبعض الهجوم الذي يتعرض له المسلسل، فإن "طاش ما طاش" يبقى القضية الأكثر جدلاً من بين القضايا الدرامية في الأوساط السعودية المختلفة. ويظل افضل ممثل يلعب دوراً ليس في نقل الدراما السعودية الى الدول العربية المجاورة فقط، بل حتى في توضيح صور عن المجتمع السعودي في شتى انتماءاته لمن لا يعرفه عن كثب. ابراهيم بادي