يفتقد السوريون المقيمون في السعودية، بعض عاداتهم وتقاليدهم القديمة التي اعتادوا على التعايش معها في شهر رمضان المبارك، والمتوارثة عن آبائهم وأجدادهم. وإذا كان المقيمون السوريون استطاعوا التعويض عن التواصل الديني والاجتماعي في ما بينهم على رغم إقامتهم خارج بلادهم، فإن بعض العادات يصعب عليهم العثور عن بديل لها في السعودية، ومن بينها الخيم الرمضانية، التي يقصدها السوريون في بلادهم بعد صلاة التراويح والعشاء، العزاب منهم والعائلات، ليستمتع جمعيهم بهذه الأجواء الرمضانية، التي تستمر فيها الامداح والأذكار الدينية إلى ساعات الصباح الأولى، بينما يحرص بعضهم على تناول طعام السحور في الأجواء نفسها. ويفتقدون أيضاً إلى أنغام المسحراتي أو كما يطلقون عليه"أبو طبلة"، الذي يسير بطبلته وسط الأحياء مذكراً سكان الحي باقتراب وقت السحور، وضرورة استثمار أوقاتهم في هذا الشهر الفضيل بفعل الخير وكسب الحسنات. ويقول المقيم السوري عبدالكريم الحسن:"بعض العادات يفتقدها السوريون حتى في بلادهم، إذ أوشكت على الاندثار، أما ما نفتقده هنا فهي العادات الاجتماعية، واللباس المرتبط بهذا الشهر، إذ نحرص على ارتداء ملابسهم التقليدية". ويضيف:"نتلهف لإقبال هذا الشهر، إذ نستيقظ كل يوم على مدفع السحور ونغمات المسحراتي الذي يعرف ب?"أبو طبلة"، الذي يتجول في الأحياء الشعبية داعياً الصائمين إلى قيام الليل وتحضير وجبة السحور". أما مواطنه محمد المهدي، يؤكد تمسك مواطنيه في السعودية بجزء من عاداتهم، خصوصاً في ما يتعلق بالجانب الاجتماعي والغذائي، ويقول:"توحد موائد الإفطار والسحور صفوف السوريين، وبعد أداء فرائض الصلاة يتجه السوريون لأعمالهم، وفي سورية تكتظ الأسواق بباعة الحلويات الشهيرة كالكنافة والنهش، والمعجنات كالمعروك والناعم ومحال بيع الحمص والفول والسوس والمخللات، ويتنافس الجميع في طرق العرض ووسائل جذب المستهلكين". وأضاف:"يحرص السوريون على تتبع إطلاق"مدفع الإفطار"كإعلان عن حلول موعد الإفطار، ومرور"المسحراتي"من أجل إيقاظ المواطنين لتناول طعام"السحور"، وتنتشر"موائد الرحمن"التي تستضيف الفقراء وعابري السبيل، وهي عادات تعبر عن رُوح التعاون التي تسود المجتمع السوري. واعتاد السوريون على تقسيم شهر رمضان بحسب اهتماماتهم، إذ يخصص الدمشقيون اهتماماتهم في العشر الأوائل من الشهر بالجانب الغذائي، والتفنن في إعداد أشهى المأكولات، ويدل على ذلك قولهم:"العشر الأول من رمضان للمرق"، بينما يقول مثل دمشقي آخر:"العشر الأوسط للخرق"، إذ تنصب اهتماماتهم في الأيام العشرة الثانية من الشهر في شراء الملابس وكسوة العيد، أما في ما يتعلق بالعشر الأواخر، فيقول السوريون:"العشر الأواخر لصر الورق"، أي الاهتمام بإعداد حلوى العيد. أما من حيث العادات السعودية السورية المشتركة، فتعتبر من أبرزها حرص الكثيرين على فعل الخير في هذا الشهر الفضيل، إذ يحرص الميسورون في سورية على التبرع للمحتاجين والفقراء. وعلى رغم الروحانية التي يتميز بها هذا الشهر الفضيل، إلا أن السوريين يعتبرونه أيضاً شهراً للسمر والترفيه عن النفس بجانب العبادة، إذ تقتظ المقاهي في مختلف مدن سورية، التي يقصدها البعض لتدخين الشيشة الأرجيلة والاستماع إلى الحكواتي أو راوي الحكايات، وتكتظ أيضاً المتنزهات الطبيعية. ويعتبر البعض منهم أن تنوع العادات والتقاليد في سورية، وتداخلها يعود إلى انصهار الثقافات، إذ سادت لدى السوريين عادات وتقاليد منذ الفتوحات التي نشرت الإسلام في بلاد الشام، وتأثر السوريون كذلك بعادات وتقاليد شعوب أخرى التي انصهر أفرادها مع أفراد المجتمع السوري كالأكراد والتركمان والشراكس والفرس الوصقالبة والأتراك والمغاربة.