أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله أمراً كريماً ب"سعودة"قطاع الأجرة العامة اعتباراً من عام 1425ه والاستغناء عن العمالة الأجنبية العاملة في هذا المجال، وهذا أمر لا يستغرب من هذه القيادة الحكيمة، أيدها الله؟ المحبة لبلدها، والتي تعلم يقيناً بنظرتها البعيدة للأمور انه"ماحك ظهرك مثل ظفرك".والمشكلة هنا لها جانبان، الأول: أن أصحاب الشركات بعد انتهاء المهلة، أي عند نهاية عام 1424ه، احتجوا وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وذهبوا إلى ولاة الأمر وطلبوا إعطاءهم مهلة لتسديد ما عليهم من التزامات مالية، جراء شرائهم إعداداً كبيرة من السيارات ويحتاجون إلى بعض الوقت للوفاء بالتزاماتهم المالية لشركات السيارات، فأعطاهم أيده الله مهلة لمدة عامين، أي إلى نهاية عام 1426ه. والغريب انه خلال هذه المدة قام أصحاب الشركات بشراء سيارات جديدة من أحدث الموديلات، فبالله عليكم متى سينتهون من التزاماتهم المالية، إذا كانوا كل عام يشترون عدداً كبيراً من السيارات؟ وبعد نهاية هذه المهلة عاد أصحاب الشركات وطالبوا بمهلة أخرى ليوفوا بزعمهم بما عليهم من مديونيات لشركات السيارات، وأعطوا مهلة أخرى لنهاية عام 1428ه، وعادوا واشتروا أعداداً كبيرة من السيارات ليعمل عليها أجانب. سبحان الله ما هذه الأنانية والنظرة الدونية؟ هل أعمى المال بصيرتهم عن مصلحة أوطانهم وأبنائهم؟أليس هذا الوطن وطنهم وهم من أبنائه؟ ألا يأكلون من خيره ويستظلون بظله؟ أليس شباب هذه البلاد أحق من الأجنبي بخيراتها؟، ألم نذق الويلات من هذه العمالة، خصوصاً في قطاع الأجرة؟ كم انتهكوا من الأعراض، وكم افسدوا من أخلاق شبابنا وفتياتنا، كم روجوا من مخدرات ومسكرات، وكم باعوا الرذيلة وفتكوا بهذا المجتمع الذي أعطاهم فتنكروا له، وقابلوا معروفه نكراناً وجحوداً وقسوة وإجراماً، واذهب إن شئت إلى احد أقسام الشرطة أو مراكز الهيئة لترى بعينيك ماذا يفعل هؤلاء في بلادنا. ثم إذا كنت صاحب نظرة مادية بحتة كم من البلايين تحوَّل من بلادنا سنوياً إلى الخارج على أيدي هذه العمالة، أليس شبابنا وبلادنا أحق بهذه الأموال، كم من الوظائف ستوفر هذه المهنة، كم من البيوت ستفتح، كم من الشباب العاطل سيستقيم ويكف عن التفكير في الأعمال المشينة، كم من الأموال ستبقى في بلادنا؟ أين ستذهب هذه الأموال التي يحصل عليها المواطن من هذه المهنة، ألن يصرفها في بلده على نفسه ومن يعول؟ والجانب الآخر من المشكلة هو عدم تغطية حاجات السوق من سيارات الأجرة بعد"السعودة"، هنا يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا وان نعلم أن هذه المشكلة لن تدوم، ألم تأتِ هذه العمالة إلى بلادنا لا تعرف شيئاً عن أحيائنا وشوارعنا، وجلهم لا يعرف قيادة السيارة، وصبرنا على أذاهم فلم لا نصبر على أبنائنا إن شاب بعضهم النقص أو التقصير. والحل أن يكون هناك وقفة حازمة من المسؤولين وأصحاب القرار لكل خير ل"سعودة"هذا القطاع الحيوي الحساس الذي يمس أفراد المجتمع كافة، ثم لماذا لا تكون"السعودة"نسبية، ففي العام الأول تكون نسبة السعوديين 50 في المئة، وفي العام التالي تكون 100 في المئة، وعندما يرى أبناء هذا الوطن الدخل الجيد لهذه المهنة وانها توفر ما يحتاجون إليه للعيش حياة كريمة سنجد الإقبال الكبير منهم على العمل، وستحل هذه المشكلة بإذن الله، وبهذا نكون وفرنا عملاً شريفاً يغنيهم عن الانحراف، ووفرنا لاقتصادنا أموالاً تستثمر في بلادنا، وسلمنا من هذه العمالة وويلاتها، وتنهض بلادنا على سواعد أبنائها. وأخيراً ما هي إلا أشهر وتنتهي هذه المهلة، فهل سنراها واقعاً نحسه ونعيشه؟ حمود محمد المواش الرياض [email protected]