في 19 من جمادى الآخرة الماضي، فارقتنا جدتي الحبيبة الغالية حصة عبدالكريم البعيجان، التي تركت فراغاً كبيراً في حياتنا وحياة جميع من يحبها ويعزها، بعد صراع طويل ومؤلم مع مرضها، فهي مثال للإنسانة الصبورة التي ظلت تكافح مرضها وآلامها. سيجف قلمي قبل أن أنتهي من تسطير ما أشعر به تجاه أغلى وأحب الناس إلى قلبي، ولن يستطيع أي شخص أن يعوضني عنها. ولكن أحب أن أشارك حزننا وألمنا على فقيدتنا الغالية، أمي حصة، لأنها كانت فريدة من نوعها، شعرت في يوم فراقها عنا أن الرياض كلها حزينة عليها، وكل من أراه حولي يبكي عليها، لأنها كانت حنونة جداً، إنني مازلت أسمع نبرة ضحكتها المميزة في أذني، تجعلني أنظر إلى هذه الدنيا بصورة وردية لما فيها من تسامح ورقة في مشاعرها. حزننا وألمنا ليس جزعاً أو اعتراضاً على حكم رب العالمين، فهي بين يدي أرحم الراحمين، داعية ربي أن يرفع درجاتها ويجعل مثواها جنات الفردوس الأعلى، وألا يحرمنا من لقائها، ففي حديث رسولنا صلى الله عليه وسلم عند وفاة ابنه إبراهيم، فإذا ابنه إبراهيم في حجر أمه يجود بنفسه، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره، ثم قال?:? ?"?يا إبراهيم، إنا لا نغني عنك من الله شيئاً?"? ثم ذرفت عيناه، ثم قال?:? ?"?يا إبراهيم، لولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وأن آخرنا سيلحق أولنا، لحزنا عليك حزناً هو أشد من هذا، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون، تبكي العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب?"??.? فألمنا هو على فراقها المر وشوقنا الحار لها، فأينما وُجدت أمي حصة يشعر الإنسان بحيويتها وحلاوة لسانها وحنانها الفائض على أولادها وأحفادها وجميع من حولها، أحبوها صغاراً وكباراً، الأقرباء والغرباء، وتشوقوا لأحاديثها الطريفة وتعليقاتها الذكية والمضحكة، وترحيبها الحار لنا دائماً، وحبها الذي كانت تغمرنا به من دون مقابل، كل جزء في منزلها ينطق بأمي حصة، وأرى وجهها الجميل المريح في كل مرآة تزينت بها في المنزل، الذي يجتمع فيه جميع أفراد عائلتها حول مائدة طعامها المميزة في كل يوم أربعاء، وفي نهاية الليلة تودعنا على بابها مطلة برأسها ونسمع صوتها الحنون من داخل سياراتنا وهي توصينا بربط الأحزمة، متمنية لنا ليلة سعيدة. وكان يوم الأربعاء هو يوم توديعنا لأمي حصة... و"إنا لله وإنا إليه راجعون". مي رافع الزهير - الرياض