لم يكن يوم الخميس الموافق 27/9/1430ه من رمضان يوماً اعتيادياً لأسرتي فنحن جميعاً فقدنا امرأة عزيزة وشخصية مؤثرة متميزة أحبها البعيد قبل القريب وقدرها من تعامل معها واحترمها من سمع عنها أو سمع بها تلك هي جدتي الحنون أم فهد (هيلة بنت عبدالعزيز التويجري) رحمها الله وأسكنها فسيح جناته. كنت أحاول يا جدتي أن أكتب عنك وعن صبرك وإيمانك وتحملك لآلام المرض على الرغم من شدته، دون شكوى أو تذمر، والآن أفلا يحق لقلمي أن يكتب عنك اليوم. فقد كنت يا جدتي قبل أن أدخل عليك وأنت على سرير المرض قد احتوتني كثير من مشاعر الحزن والألم كنت لا أدري كيف أحدثك وأسلم عليك فإذا بي أقبل عليك أغالب دموعي وأخفيها فأجدك أمامي متفائلة قوية الإيمان بالله على الرغم من شدة الألم فأسألك عن صحتك فتحمدين الله، وتسألين أنت عن صحتي ووالدتي وأخواتي فلا تتكلمين عن آلامك وما تشعرين به فقط كنت تحمدين الله وتشكرينه، عُرف عنك (يا جدتي) الزهد وحب الفقراء، وحب المساكين وعمل الخير فقد كنت أم المحتاجين وأنت تذهبين بنفسك للتعرف على أحوال الأسر والتصدق عليهم وتوفاك الله وأنت على ذلك (أحسبك كذلك والله حسيبك) خاتمتك الحسنة إن شاء الله هي ما خففت الحزن علينا، كنت (ماما هيلة) توجهينا بهدوء وتحثينا على الطاعة لله ولرسوله وبر الوالدين، وإذا سألك أحد كانت إجابتك شافية دون جرح أو ازعاج فقد كنت مدرسة لنا جميعاً نتعلم منك الصبر والوفاء وصلة الرحم والإحسان للفقراء، والمساكين، حتى الصغار كانوا يقبلون عليك ليجدوا لديك ما يسرهم من الحلوى أو الهدايا، لن أنسى (ماما هيلة) تلك الأيام أيام دراستي (الابتدائية) وأنا عائدة من المدرسة تقابليني بابتسامة يصعب وصفها ونظرات صادقة ومحبة يصعب أن أراها في غيرك وأنا أتحدث ماذا فعلت في ذلك اليوم وتصغين إلي بكل اهتمام تشعريني بحنانك فقد كنت الجدة والأم، ولن أنسى جدتي ذلك اليوم عندما وزعت علينا رقاع دعوات العيد قبل أسبوع من وفاتك لتفرحين أحفادك لنعلم فيما بعد أنك تدعيننا لحضور عزائك، فأنت الآن يا جدتي (سكنت الثرى) ولكنك سكنت قبله قلوبنا وستظلين فيها ندعو لك ما حيينا. فيا رب يا حي يا قيوم أربط على قلوبنا وأنزل علينا السكينة، وأدخل غاليتنا جنات الفردوس وأجعل قبرها فسحة وسروراً، وأحشرها تحت لواء نبيك الأمين، وفي زمرة السابقين مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. ولا نقول إلا ما قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا جدتي لمحزونون. فلله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى. (إنا لله وإنا إليه راجعون)