اختتم وزراء الداخلية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس، أعمال لقائهم التشاوري الثامن، الذي عقد برئاسة وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز في قصر المؤتمرات في مدينة الرياض. وقال الأمير نايف في كلمة له:"ينعقد لقاؤنا هذا العام في ظل ظروف أمنية بالغة الخطورة تحيط بمنطقتنا، فالأوضاع الأمنية في العراق تزداد تدهوراً، وظاهرة الإرهاب تتنامى فيه، حتى أصبح أرضاً خصبة لصناعة جيل من الإرهابيين يتعلمون ويمارسون أساليب القتل والتدمير كافة، كما أن الاقتتال الطائفي بين أبنائه أمر ينذر بشر مستطير وفتنة يعظم خطرها". وأوضح أن انفلات الأوضاع الأمنية في العراق له مخاطر كبيرة على منطقتنا واستقرار الأوضاع الأمنية في دولنا. فعمليات التسلل والتهريب تزداد، ونُذُر النازحين من العراق بسبب تردي الأوضاع الأمنية تلوح بالأفق، ومسؤولياتنا الأمنية تتعاظم لمواجهة هذه الأخطار، وهو ما يستوجب وضع الخطط الكفيلة لحماية شعوبنا ودولنا من تلك المخاطر، وفي مكان آخر غير بعيد نلاحظ الوضع المتأزم بين إيرانوالأممالمتحدة بسبب برنامجها النووي وتداعياته السلبية على دول المنطقة. وأشار إلى أن خطر الإرهاب ما زال يهدد أمننا ويروع مواطنينا بوحشيته المتناهية وأساليب مرتكبيه البشعة، وما كان له أن يتنامى في مجتمعاتنا لولا وجود غطاء يتستر على مرتكبيه ويزين لهم أفعالهم من دعاه مغرضين وإعلام مضلل ووسائل اتصال مشبوهة يسوؤها استقرار الأوضاع الأمنية في دولنا، وما تعيشه شعوبنا من نعمة الأمن والاستقرار ورغد في العيش، وعلينا كمسوؤلين ومشتغلين بالهم الأمني أن نأخذ جميع الاحتياطات اللازمة ونبذل كل الجهود الممكنة لضرب أوكار الإرهاب وبؤره والقضاء عليها في مهدها، وهذه المسؤولية لا تقتصر على أجهزة الأمن فقط، ولكنها مسؤولية يجب أن يشترك فيها شرائح المجتمع كافة ومؤسساته الرسمية والمدنية، وخصوصاً موجهي الرأي العام من علماء ومفكرين وأدباء ومثقفين وكتاب وأولياء أمور ومعلمي النشء في المدارس والجامعات، وكذلك أئمة المساجد وخطباء الجمع، لكي تتضافر الجهود لمواجهة هذا الخطر البغيض. وقال تعلمون أن لقاءاتنا التشاورية التي اعتدنا أن نعقدها منتصف كل عام ليس لها جدول أعمال يحدد مواضيع البحث والمناقشة، وإنما الغرض الرئيسي منها هو التشاور وبحث أوجه تعزيز التعاون والتنسيق بين بلداننا وأجهزتنا الأمنية، والوقوف على آخر المستجدات ذات الانعكاسات والتأثيرات الأمنية في الصعيد الإقليمي والدولي، وتبادل وجهات النظر في شأن القضايا الأمنية الطارئة، لكي نتمكن من تنسيق الجهود وتحديد المواقف واتخاذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة لتعزيز الأمن في بلداننا. وعبر الوزراء في ختام الاجتماع عن شكرهم وتقديرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون، ولنائب الملك ولي العهد وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، ولوزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود على كرم الضيافة وحسن الوفادة وعلى الجهود المميزة في الإعداد والترتيب لعقد هذا اللقاء التشاوري المبارك. ونوه الوزراء بنتائج أعمال اللقاء التشاوري التاسع لقادة دول المجلس الذي انعقد في الرياض يوم الثلثاء 15 ايار مايو 2007 والهادفة لتعزيز مسيرة العمل المشترك المباركة. كما أشاد الوزراء بالكفاءة العالية للأجهزة الأمنية في السعودية في مواجهة الأحداث الإرهابية وقدراتها الاستباقية في إحباط مخططات العناصر الإرهابية الضالة والمتمثلة في ضبط الخلايا الإرهابية السبع أخيراً والتي تستهدف زعزعة الاستقرار والأمن، مجددين دعمهم وتأييدهم للإجراءات التي تتخذها المملكة العربية السعودية في التعامل مع تلك الأحداث والعناصر الضالة. من جهته، قال الأمين العام لمجلس التعاون عبدالرحمن بن حمد العطية في كلمته بالجلسة الافتتاحية إن الإرهاب والعنف والتطرف لم يعد ظاهرة، وإنما واقعاً يهدد المجتمع البشري بأكمله، وبدأ العالم يدرك أن الإرهاب قضية فكرية وعالمية، وأن أمر مواجهتها يتطلب جهداً دولياً مشتركاً وصادقاً، وإذ كانت دول مجلس التعاون اتخذت العديد من الخطوات والآليات لمواجهته والتصدي له من خلال اعتمادها الاستراتيجيات والاتفاقات وعقد المؤتمرات، وتوقيعها للاتفاقات وانضمامها للبرتوكولات الإقليمية والدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، فإن العالم لا يزال عاجزاً عن بلورة موقف مشترك وموحد لمواجهته. وأضاف الأمين العام لمجلس التعاون ان العجز عن بلورة موقف دولي مشترك وموحد لمواجهة الإرهاب، لا يعني التوقف عن الاستمرار في الجهود والبحث والتنسيق والسعي لمواجهة هذا الخطر الداهم. وأشار العطية في كلمته، إلى ان قرار المجلس الأعلى لمجلس التعاون، الموقر، وتوجيهه بمتابعة موضع إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأممالمتحدة ليؤكد ويعبر عن مواقف دول المجلس التي تنبذ الإرهاب بمختلف أشكاله وعملها بكل جهد يحقق الأمن والسلام الدوليين. وقال يطيب لنا في الأمانة العامة الترحيب والإشادة بالخطوة التي اتفقت فيها كل من السعودية والإمارات أخيراً في الرياض أول الشهر الجاري على تنقل مواطني الدولتين بينهما بالبطاقة الشخصية، والتي سبقها اتفاق مماثل بين السعودية وعمان وستتلوها خطوات مماثلة مع بقية الدول الأعضاء، وتستكمل حلقة تنقل المواطنين بالبطاقة الشخصية بين جميع الدول الأعضاء. ويسعدني في هذا المقام التهنئة الخالصة والإشادة بالإنجازات الأمنية المهمة التي حققتها قوات الأمن في السعودية بالكشف أخيراً عن الخلايا الإرهابية الضالة، وإحباط مخططاتها التي تستهدف تعكير صفو الأمن والاستقرار، وما ذلك إلا دليل على كفاءة الأجهزة الأمنية وقدرتها على رصد وملاحقة تلك العناصر الإرهابية، والقبض عليها وتقديمها للعدالة. وهذا لا يعني التوقف عن الاستمرار في الجهود والبحث والتنسيق والسعي لمواجهة هذا الخطر الداهم، ولعل في قرار المجلس الأعلى الموقر وتوجيهه بمتابعة موضوع إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأممالمتحدة ما يعبر عن مواقف دول المجلس التي تنبذ الإرهاب بمختلف أشكاله وعممها بكل جهد يحقق الأمن والسلام الدوليين.