وزارة الشؤون الإسلامية السعودية خلعت الثوب والمشلح منذ سنوات وارتدت بذلة العمل، وكان آخر أعمالها تحضيراتها الرائعة لجمعة ضد الإرهاب في جميع خطب الجوامع في المملكة، وتدريب وتأهيل خطباء المساجد، كما تبنت التقنية لخدمة أهدافها، فأنشأت موقع"الإسلام"بست لغات للقيام بدور فعال في الدعوة ونشر الإسلام والحوار مع الغرب بأسلوب منهجي مدروس، وتعريف غير المسلمين بالإسلام، ولا احد ينكر انتفاضة الوزارة الخيرة في حصر أعيان الأوقاف وإثباتها، والعناية بها وتنميتها. لكن عقد انجازات الوزارة لم يكتمل بالنظر الى معضلة صغيرة لقيت فشلاً ذريعاً، على رغم التوجيهات والتنبيهات، وعلى رغم أن الموضوع يشغل الفقرة الأولى في اهتمامات ادارتها المعنية، الا اننا لم نلمس تحركاً ايجابياً في اتجاه التحكم بمكبرات الصوت في مساجد وجوامع الوزارة، التي تبلغ قرابة ال70 ألفاً تتداخل اصواتها وقراءاتها للدرجة التي تحول اداء هذه الفريضة بما تتطلبه من خشوع وسكينة وهدوء الى فاصل ضجيج وصخب يخدش قدسيتها. اصدرت الوزارة منذ عقود عشرات التعميمات بحصر استخدام مكبرات الصوت في المساجد في الأذان والإقامة من دون جدوى، وحددت خطب الجمعة والعيدين وصلاة الاستسقاء فقط لبث فعالياتها عبر المكبرات الخارجية ولم تنجح، بل انها حددت استخدام أربعة مكبرات صوت في مئذنة المسجد، وألا يكون صوتها مرتفعاً، وهو الشيء الذي لم يتم حتى يومنا هذا، والجميع يعرف ان أسعار الأراضي التي تجاور المسجد منخفضة، لأن معظمنا على رغم انه يصلي يخشى مجاورة المسجد خوفاً من الإزعاج، والصوت يفزع الكبير قبل الصغير. هذه التقنية أسيء استخدامها كوسيلة خاطئة لتحقيق هدف سام، والبعض يعتقد أن تلاوات الأئمة المتداخلة في احيائنا السكنية، تخلق اجواء روحانية بفعل اصداء متلاطمة للآيات، وهذه الأجواء هي في الحقيقة ضوضاء وإزعاج، وهذا اعتقادنا كمصلين ومرتادين للمساجد، ورحت ابحث عن منافع لمكبرات الصوت باستثناء اعلام الناس بدخول وقت الصلاة وإشعارهم بالإقامة، فوجدت من يسرد قصة لراقصة في بلد عربي اعلنت توبتها بعد سماعها تلاوة الإمام في صلاة الفجر بعد خروجها من الملهى! بالتأكيد ان هذا الدين العالمي العظيم بإعجازه ليس بحاجة لضوضاء الميكرفونات لدعوته والتمسك بعباداته، وبين يدي فتوى اصدرها الشيخ محمد الصالح العثيمين - رحمه الله ? يدعو فيها لإيقاف هذا التشويش والأذى، الذي يتعرض له الناس من مكبرات الصوت فوق المنارة، ويستثنى من ذلك المسجدان المكي والنبوي، وكذلك الجوامع في صلاة الجمعة، لأنه ربما يكون بعض المصلين خارج المسجد فيحتاجون إلى سماع صوت الإمام بشرط ألا تكون الجوامع متقاربة يشوش بعضها على بعض، فإن كانت كذلك فإنه توضع سماعات على جدار المسجد تسمع منها الخطبة والصلاة، وتلغى حينئذ سماعات المنارة لتحصل الفائدة من دون أذية للآخرين. لدينا قرارات وفتوى ولا نملك صلاحية التنفيذ! [email protected]