قرارات عديدة وتوجيهات مختلفة تصدرها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ويستبشر الناس بها خيراً ويتوقون لرؤيتها واقعاً على الأرض، لكنهم يفاجأون بعدم تطبيقها، وأنها ظلت حبراً على ورق. وخير مثال لذلك القرار القاضي بتخفيض درجة صوت الميكرفونات عند الأذان وإغلاقها عند الصلاة مع الاكتفاء بالسماعات داخل المساجد، رفعاً للضرر عن بعض الذين اشتكوا من ارتفاع أصوات المساجد وما يحدثه لهم ذلك من تشويش وارتباك، ولكن هذا القرار لا زال يفتقر للتفعيل والتطبيق، لاسيما خلال صلاة التراويح والقيام في شهر رمضان الماضي، حيث لم تلتزم غالبية المساجد بالتطبيق. فعلى من تقع مسؤولية تنفيذ هذه القرارات؟ وإلى من ينبغي أن يتم توجيه اللوم: هل للمؤذنين والأئمة الذين لم يطبقوا القرارات؟ أم للوزارة التي اكتفت بإصدار الأوامر والتوجيهات وغضت النظر عن المراقبة والتفعيل؟ أسئلة حملتها الرسالة ووضعتها على منضدة بعض العلماء والمهتمين فأجابوا بما تجدونه بين السطور القادمة: تقصير مزدوج بداية يؤكد عضو هيئة التدريس بكلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز الدكتور سعود بن صالح كاتب أن عدد المساجد بجوار منزله ثلاثة مساجد وجميعها تبعد نفس المسافة وبالإمكان أن يسير لها جميعا بنفس المدة، وأضاف قائلا: أحد هذه المساجد صوت المكبرات لديه مرتفع داخل المسجد وخارجه، فبالداخل نحس بصرير الصوت من شدة علوه، علما أن هناك قرارات صدرت بهذا الشأن والغريب أن بعض الأشخاص من على منبر هذه المساجد دوما ما يطالبوا المصلين طاعة ولي الأمر وهؤلاء يتبعون لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف وهي المسؤولة عنهم ومن المفترض عليهم أن يستمعوا له ويطيعوها، واللوم هنا يقع على صنفين أولهما الأشخاص الذين يقوموا على هذه المساجد، فهؤلاء ليسوا مهتمون بهذه القرارات ويسايرون جميع الأمور وفق أهوائهم وكأنه لا يوجد هناك مرجعية يرجعون لها، وأيضا يقع اللوم على الجهة المسؤولة عنهم لعدم إجبارها لهم على القيام بتنفيذ التوجيهات الصادرة إليهم، وكذلك لا تصدر العقوبات بشأنها فهي قد أصدرت الأوامر وإن أرادوا تنفيذها فلهم ذلك وإن لم يريدوا فهم أحرار.وأبان كاتب أن القرارات لم يتم تفعيلها لعدم المتابعة المستمرة من قبل الوزارة، وكذلك عدم مسؤولية بعض الأئمة، فالبعض نجده يأخذ الموضوع من باب العناد، فهم يظنون أن رفع الصوت فيه خير وأن الناس تريد ذلك، ولكن في الواقع نرى أن الجيران يشتكون ويتذمرون من هذا الوضع فالمسجد الذي بجوار بيتي نسمع به الأذان ونسمع الصلاة الجهرية وكأن الصلاة تقام وسط المنزل، ويوميا بعد كل صلاة نجد الإمام يخطب لمدة (5-6) دقائق. ونوَّه كاتب أن هذه القرارات لن يتم تفعيلها إذا لم يكن هناك إجبار لأئمة المساجد على ذلك، وقال: في ما يتعلق بتخفيض صوت مكبرات المساجد وتجاورها، إذا ترك الأمر اختيارياً لأئمة المساجد فلن يتجاوب الأئمة، ولو تم إجبارهم على ذلك فإنني سوف أتضايق كثيراً لأن هؤلاء الأشخاص هم الذين يقفون على المنابر ويدعون الجميع لطاعة ولي الأمر ولتنفيذ القرارات الحكومية والأوامر المطلوبة مننا فإننا سنأثم، ومن باب أولى أن يقوموا هم في البداية بتنفيذ التوجيهات الصادرة إليهم، فلماذا لا يكونون قدوة للآخرين؟ واستبعد كاتب أن يكون رفع الأئمة لأصوات المكبرات نتيجة «المكابرة» لأنه كان بإمكان الأئمة رفع الصوت أكثر وأكثر، لكن لديهم قناعة أنهم مأجورون على رفع الصوت لأنه يفيد الناس المحيطين بالمسجد والذين يسمعوهم. زمن المؤسسية من جانبه يبدي أستاذ الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود ونائب رئيس الجمعية السعودية للإعلام والاتصال الدكتور عبد الله الحمود إصراره على أن عدم تطبيق هذا القرار هو نتيجة لإصرار بعض الأئمة والمؤذنين على التشبث بالموروث والتقليد والعادة وعدم احترام قرارات ولاة الأمر من جانب وعدم أداء المسؤولية والأمانة التي هم مرتبطون بها بشكل مباشر مع مرجعيتهم النظامية في الوزارة. وقال: هؤلاء الذين لا يطبقون هذه القرارات لا زالوا يعيشون في خارج التاريخ المعاصر الذي تقوم عليه المؤسسات، فنحن في زمن المؤسسات وهي التي تدير شؤون البلاد بشكل كامل، والخارجون عن العمل المؤسسي هم من بقايا الماضي وأنا شخصيا أتطلع إلى اليوم الذي لا يبقى فيه أحد من هؤلاء، فعندها سنستطيع أن نضمن السلامة والمصلحة العاملة لمجتمعنا في ظل ما تراه مؤسساتنا. وأكد الحمود أن الوزارة ملزمة بإجبار الآخرين على تنفيذ توجيهاتها، وقال: ما لم تقم وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بإجبار الآخرين على تنفيذ قراراتها بشكل حازم، سواء بفصل أو طرد الإمام أو المؤذن الذي لا يتجاوب إيجاباً مع هذا القرار فسوف تنجم عن ذلك مزيداً من الإشكالات والتخبطات لدى الناس، فهذه التوجيهات لا تزال حبراً على ورق، والدور الكبير لا يمكن أن يلقى على عاتق أي أحد، فلا يمكن القول بأن الأئمة يريدون أو لا يريدون، أو أن هناك قصوراً منهم في التطبيق من جانب المؤذنين والأئمة، فالقصور الحقيقي يقع على عاتق الجهة التي أصدرت القرار وهي وزارة الشؤون الإسلامية، وباعتقادي أن الأذرع التنفيذية والرقابية والقانونية لديها قصيرة جداً وعاجزة ويجب مواجهتها بحزم لحل هذه الإشكالية. مسؤولية الوزارة أما المستشار بالديوان الملكي الدكتور عبدالمحسن العبيكان فقد أوضح أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد هي المسؤولة والمتحدثة في هذا الأمر وهي من تستطيع أن تجاوب على هذا الموضوع فهي التي من المفترض أن تجيب على هذه المواضيع من قيام بعض الأئمة بالاهتمام بمكبرات الأصوات وتخفيضها وكذلك تقارب المساجد من بعضها البعض فأنا لا أستطيع أن أتكلم بهذا الموضوع ولن يفيد رأيي. معاقبة المخالفين من جهته أوضح عميد كرسي الأمير نايف بن عبد العزيز لدراسات الأمن الفكري في جامعة الملك سعود الدكتور خالد الدريس أن عدم تطبيق القرار يعود لضعف المتابعة من قبل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، ويقول: لو كانت هناك متابعة جادة لتطبيق القرار من قبل المراقبين في المساجد والمختصين بمراقبة الأئمة مع وجود عقوبات وحسومات من المكافآت على الأئمة الذين لا يطبقون القرارات مع توجيه لفت نظر وغير ذلك، فعندها سيتم تطبيق القرار الذي تم إصداره منذ عدة سنوات، ولكن الواقع يقول إن غالبية المساجد لم تقم بذلك، خاصة في شهر رمضان المبارك. وأبان الدريس أن هناك سببان رئيسيان هما عدم تطبيق مبدأ العقوبة الرادعة، وكذلك عدم وجود الرقابة والمتابعة في تنفيذ القرار، وقال: هناك بعض المناطق نرى تقارباً كبيراً بين بعض المساجد وفي هذا الزمن أصبحت المكبرات الحديثة قوية جداً فلم تعد مثل الماضي، وبعض الأئمة أصبحوا يتنافسون في كيفية وضع الميكرفونات على منارات المساجد. ذات مرة وأنا بأحد المساجد بمدينة الرياض فوجئت بأن بعض المصلين الذين معي قاموا بالركوع ظناً منهم أن الإمام كبَّر للركوع ولكن للأسف كان هذا الصوت من مسجد آخر ولكن شدة علو المكبر هي جعلت الصوت يصل للمسجد الآخر، فهناك بعض الصفوف توضع خارج بناية المساجد مما يجعل الأصوات تتداخل في بعضها البعض. وأوضح الدريس أن المراد من استخدام مكبرات الصوت هو الإبلاغ والتبليغ ولكن لا يصل لدرجة الإزعاج والتلبيس على الناس في الصلاة، ويقول: للأسف فإن هذا الأمر واقع حالياً، وفي مدينة الرياض تحديداً فإن الصورة واضحة بشكل كبير لتقارب المساجد ببعضها البعض بشكل لافت وأصبحت المسافات بينها قريبة جداً، والأمر الآخر أن أغلب هذه المساجد تمتلك مكبرات قوية وأصبح بعض من يبني المساجد يهتمون بإكثار هذه المكبرات لكي تصل لأكبر مدى، ولا شك أن وراء هذا الأمر نوايا خيرة، ولكن ليس كل من نوى الخير أستطاع إصابته، فهنا تأتي الإشكالية ومن المؤكد أن معالي الوزير الشيخ صالح لم يتخذ هذا القرار إلا بعد دراسة وشكاوى متعددة من المصلين ومراعاة للمصلحة، فبعد إقامة الصلاة يتم إقفال المكبرات ويكفى بالمكبرات داخل المساجد فقط. الإمام قدوة أما عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض الدكتور أحمد بن محمد الخضيري فيشدد على أهمية أن تكون هناك جهة رقابية وإشرافية على المساجد لمتابعة ما إذا كانت بعض المساجد لم تطبق هذا الأمر وتنظر في علاجه. وقال: ليس لدي معرفة بآلية وصول القرارات لأئمة المساجد ولكن بشكل عام فإن أي قرار يصدر ينبغي أن تدرس آلية وصوله لأصحاب الشأن وأن يكون هناك تمهيد لتطبيقه، فالناس إذا تعودوا على شيء معين لفترة طويلة جداً ويأتي قرار المنع في فترة قصيرة جداً وسريعة، قد لا يتقبلها البعض خلال هذه الفترة القصيرة، ولكن هذا الأمر بحاجة إلى تدرج وإلى تمهيد وإلى نوع من المتابعة لكي يقتنع الناس قناعة تامة بهذا الأمر. وقدم الخضيري نصيحة لهؤلاء الأئمة وهي أن يتقوا الله عز وجل وأن يصلوا الرسالة الموضوعة على أعناقهم إلى الناس بالطريقة الصحيحة وأن يكونوا قدوة لغيرهم وأن يبدوا حرصهم على تحقيق المصلحة العامة بقدر استطاعتهم. استخدام التقنية أما الأستاذ المشارك بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود وإمام أحد المساجد بمدينة الرياض الدكتور هشام بن عبد الملك آل الشيخ فقد أوضح قائلا: أنا إمام لأحد المساجد ولكن لم يصلني هذا التعميم وكذلك بعض الأئمة لم يصله هذا الأمر، حتى إذا وصلت هذه القرارات للبعض ربما لا يتضح من صيغتها الإلزام بإغلاق الميكرفونات الخارجية وقت الصلاة، فالأئمة لن ينفذوا هذا القرار، والوزارة لديها آلية في هذا الأمر ولكن كثرة المساجد في مدينة الرياض وبقية المدن هي التي تحول دون تطبيق هذا القرار، كذلك فإن عدم وجود الرادع القوي من قبل الوزارة لمن يخالف هذا القرار يجعل بعض الأئمة يتساهلون في تنفيذه، فعند وجود الأمرين السابقين من متابعة وزارة الشؤون الإسلامية وكذلك وجود الرادع القوي فيمن يخالف هذا القرار، هذا طريق يجعل هذا القرار نافعاً وقابلاً للتنفيذ. ومضى آل الشيخ قائلاً: على أئمة المساجد تقوى الله عز وجل وإتباع ما يصدر من قبل وزير الشؤون الإسلامية وكذلك تنفيذ التعليمات التي تصدر، وعلى المراقبين في المساجد تبليغ الأئمة بكل صدق وأمانة، فكثير من المراقبين وللأسف الشديد يأتي ويضع التعميم عند باب المسجد أو المحراب فهذه هي المشكلة. ولكن على المراقب أن يقابل الإمام ويعطيه التعميم ويتناقش معه بخصوصه ويبلغه توجيه الوزارة، ولكن وللأسف الآن عند صعودي للمنبر يوم الجمعة أجد خطاباً على المحراب تطلب فيه الوزارة أن أتحدث على موضوع معين في نفس اليوم فهذه هي المشكلة، وعلى العاملين في الوزارة أن يتقوا الله عز وجل وأن يعملوا بجد ونشاط وأمانة في تبليغ ما كلِّفوا به. فأنا شخصيا عند صعودي للمنبر يوم الجمعة وعند سلامي على الناس أجد ورقة على المنبر وتكون خطابا من الوزارة في نفس اليوم مما يضطرني لقراءته وأنا جالس أثناء الآذان أرى أنها تريدني التحدث في موضوع معين في نفس اللحظة أو تخصيص جزء معين. والمشكلة أنه الآن لم يتم الاستفادة من التقنيات الحديثة فكل إمام لديه جوال ولديه بريد إليكتروني وعليهم إرسال التعاميم عن طريق البريد والجوال، ولكن إن أصبحت على الطريقة العشوائية التي يسيروا عليها الآن من إرسال للتعاميم برسالة توضع المراقب على المنبر فهذه طريقة تقليدية قديمة المفترض تجاوزها في زمننا الحالي. حقوق الجار وبدوره يوضح الشيخ عبد العزيز الصالح إمام أحد المساجد بمدينة جدة أن هذا القرار جميل جداً وحكيم ولكن كثير من أئمة المساجد لا يطبقوه، ويقول: عندما كنت أقطن بجوار أحد المساجد بحي النسيم كانت تحدث لنا مضايقات بسبب علو الصوت، حيث إن جدتي كانت مريضة ويزعجها هذا الصوت، ومن حقوق الجار ألا نؤذيه، فبعض المساجد أصواتها العالية تسبب مضايقة وأذى لبعض القاطنين بجوار هذه المساجد، فهناك مشاكل وقعت وقام البعض بتقديم شكاوى عند الأوقاف ضد أئمة المساجد بسبب علو الصوت مما تسبب في إيقاف بعض الأئمة. وأوضح الصالح أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف عليهم كم هائل من المشاغل والمواضيع ولكن متابعتها ضعيفة، ويقول: نحن نقدرهم ونحترمهم ولكن الأوقاف وخاصة في جدة بها ضعف شديد وخاصة في اتخاذ القرارات وروتينها الشديد وكذلك مطالبتها بأعمال إضافية على الأئمة، فعندما تكلم الوزير ونائبه بأن هناك لجنة تقوم بمراقبة المساجد لم نر من ذلك شيئاً، فعلينا ألا نلقي اللوم على هؤلاء الأئمة ونتناسى أن المشكلة تكمن في الوزارة. بعض المساجد التي بها مشاكل لا نجد أن الوزارة تراجعها أو تسأل عنها، فعند إمامتي للمسجد لم يأتيني مراقب إلا منذ فترة طويلة جداً؟ وأضاف الصالح: هناك إشكالية موجودة داخل إدارة الأوقاف، فالتقنية وصلت لدرجة متقدمة جداً، وهناك قرارات تأتي في أوقات متضاربة، ففي الليلة السادسة أو السابعة والعشرين من شهر رمضان أتانا قرار بتوحيد ختم القرآن مع الحرم وهذا الأمر شبه مستحيل لأن كل إمام قد جهز نفسه منذ بداية رمضان، ومن الصعب جداً أن يؤجل قرار ختم القرآن في هذا الوقت العصيب. ما أريد قوله هو أن هذا القرار هو أحد القرارات المتضاربة في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف وطريقة عملها المتخبط. والقرار الذي وصلني أتاني من رقم جوال غريب لا أعرف مصدره ولا أدري عن صحته أم لا وعند مكالمتي للإخوان في الوزارة تبين أن القرار صحيح فهذه مشكلة أخرى وهي عدم الاهتمام بالتقنيات الحديثة. وتحسر الصالح على ما يحدث من تضارب، ضاربا لذلك مثلاً بأن بعض المراقبين يأتي ويعطي الإمام مجموعة من القرارات ليوقع عليها باستلامه لها ولكن المفاجأة تكمن عند فتح الخطاب نجد أن بعضها قد انتهى تاريخه!! فلماذا لا يكون عمل الوزارة عن طريق البريد الإلكتروني الذي يجيده معظم الناس حالياً. واختتم الصالح بالقول: مشكلة ارتفاع مكبرات الأصوات وتقارب المساجد من بعضها البعض يعود إلى نقطتين وهما: ضعف في تنفيذ قرارات الوزارة، وأن أئمة المساجد يواجهون مطالبات من جيران المسجد بضعف الصوت فنراه يقوم بعمل سماعة خارجية جديدة وليس هذا فحسب بل نجده يقوم بتمديد سلك للعمارة المجاورة ويضع سماعات عليها. الخضوع للتعليمات من جانبه يؤكد الشيخ محمد الغزالي إمام أحد المساجد بمدينة جدة أن القرار الذي وصله لا يتعلق بتخفيض أصوات المكبرات، ويقول: ما وصلني هو الاكتفاء بوجود أربعة سماعات خارجية للمسجد وسرعان ما التزمت بهذا الأمر، حيث إن هذه المكبرات صوتها معتدل جداً وليس مرتفعاً أو منخفضاً، فهذا القرار أتانا منذ فترة طويلة وقمنا بتطبيقه. **** .. والوزارة تتهرب من الرد ..!! من جانبها وسعياً لإيضاح القضية بصورة كاملة حاولت «الرسالة» الاتصال بوكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق السديري عن طريق الفاكس بناء على طلبهم بعد محادثة هاتفية ليقوموا بإيضاح وجهة نظرهم، وظللنا في انتظارهم منذ السبت الماضي، وفي يوم الأربعاء أفادونا بأنهم لن يستطيعوا الرد على هذا الموضوع. كذلك قمنا بالاتصال على الدكتور عبد الله آل الشيخ المسؤول بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف فأفادنا بأن الوزير خارج المملكة العربية السعودية وأنهم يتعاملون عن طريق الفاكس ولابد من موافقة الوزير. ***** المصلح: علينا مناصحة المخالفين ثم اتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم أما أستاذ الفقه المشارك بجامعة القصيم الدكتور خالد المصلح فقد بين أن هناك أسبابا قد يستند إليها من لم يفعل هذا القرار ولكن تختلف المسوغات التي يستندون إليها، وقال: الواجب على أئمة المساجد أن يفعلوا هذه القرارات وإن كانت لهم وجهة نظر مخالفة فهذا لا يبرر عدم الالتزام بتنفيذ القرارات، ومن كان له رأي فعليه أن يتواصل مع الجهات ذات الاختصاص لشرح وجهة نظره. أما مخالفة بعض الأئمة وعدم تنفيذهم للتوجيهات لتحفظهم على بعض جوانب هذه القرارات، فهذا لا يسوغ عدم الالتزام. وطالب المصلح أن يسلك في هذا الموضوع مسلكين أولهما هو الإقناع والحوار وتفهُّم المنطلقات التي يستند إليها من لم يستجيب، والأمر الآخر هو الإلزام بتفعيل القرار باتخاذ الإجراءات الإدارية والنظامية التي تضمن التزام الأئمة بهذه القرارات. واختتم المصلح بنصيحة موجهة لأئمة المساجد مطالباً إياهم بالالتزام بما يصدر من الجهات المختصة، وأن يعلموا أن الغرض والغاية من مثل هذه القرارات هو تحقيق النفع للصالح العالم وقال: لا يلزم من هذا أن يكون ما يخالف هذا القرار وفيه مصلحة للكلية وفي مثل هذه المواقع تجري موازنة بين المصالح والمفاسد فإذا غلبت المصالح يوجه جانب من الجوانب والآن المسألة محسومة من الوزارة بإغلاق هذه المكبرات أثناء الصلاة لما في ذلك من التشويش ومن ذلك المفاسد التي قد تقابلها المصالح ولكن مفاسدها أكثر من مصالحها، والمسؤول على تنفيذ القرار عليه الحرص على الرفق والمتابعة والعمل بما يحقق المصلحة دون أن يكون هناك تنافر وتباعد في القلوب وإثارة الفتنة بين الناس. ***** الهرفي: دور الوزارة ضعيف جداً فهي تصدر القرارات دون متابعتها ويشير الكاتب والإعلامي المعروف الدكتور محمد الهرفي إلى أن بعض التعميمات التي تصدرها وزارة الشؤون الإسلامية أو التعميمات التي تصدرها فروعها في مختلف مناطق المملكة هي تعميمات صريحة وواضحة في مسائل إغلاق المكبرات، خاصة في صلاة التراويح والقيام في رمضان، ويقول: الإشكالية ليست في الصلوات العادية، وباعتقادي أن بعض الأئمة يجهل المقاصد الشرعية والهدف من المكبرات، فالهدف من هذه المكبرات هو إشعار الناس بأن هذا وقت صلاة فإذا تحقق هذا الهدف لم يعد هناك أي لزوم، فالناس عند سماعها لقراءة القرآن قد تعطي مردوداً عكسي لأن الناس قد يكونون في حالة نوم خاصة في شهر رمضان المبارك ولأن هذه المشكلة دوماً ما تبرز في رمضان، فصلاة التراويح والقيام ليست واجبة على الناس وبالتالي لا يجوز أن نسبب إزعاج للناس خاصة المريض والمتضرر منهم. وأضاف الهرفي: هناك سببان في عدم التزام الأئمة بهذه القرارات أولهما: هو جهل بعض الأئمة في قضية أن إسماع الناس لصلاتي التراويح والقيام ليست ضرورية، والقضية الثانية هي ضعف الرقابة من قبل وزارة الشؤون الإسلامية، فالوزارة تطلق تعاميم منذ عدة سنوات ولكنها للأسف لا تتابعها، وقد سألت مدراء الفروع عن هذا الأمر فكان جوابهم: الأئمة لا يستجيبون لهذه القرارات. فما هو دور الوزارة إذاً؟ للأسف فإن دور الوزارة ضعيف جدا وهناك بعض المجاملات ومن الصعوبة الكتابة إلى إمام مسجد وهو خطيب لهذا الجامع، أو يصعب عليهم الكتابة عن إمام إذا كان يعمل قاضيا أو له وجاهة في المنطقة، فعندئذ نرى أن المجاملات تلعب دوراً هاماً في الموضوع، وبعض الأخوان قد ذكر لي سبباً مهماً وهو من أكثر الأسباب إساءة لفروع الوزارة في المناطق وهي أنهم عند كتابتهم للوزارة أن الإمام لم يلتزم بالأوامر ومن المفترض أن تقوم الوزارة بعمل أي شيء وهي التي أصدرت هذه القرارات، ولكن للأسف تجد مكاتباتنا الإهمال التام، وهذا التجاهل يحرجنا أمام الناس ويضعفنا أمام الجميع ولا يجردنا من أي سلطة، ومثل هذه المعلومات تتناقل بين المناطق وبالتالي كل شخص يقول في نفسه: لماذا أتخذ هذا القرار طالما أن الوزارة لن تقوم بتنفيذه؟ وهنا يكون الصمت المطلق في جميع مناطق المملكة، وهذا ما لاحظناه في معظم مناطق المملكة. واختتم الهرفي بالقول: على وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف أو من ينوب عنه الالتقاء بالخطباء وأئمة المساجد على الأقل مرة أو مرتان في السنة، وأن يبينوا لهم هذه المسائل، وكذلك على مدراء الفروع المتابعة الجيدة، وعلى المسؤولين في الوزارة الالتزام بمساعدة هؤلاء بتطبيق القرارات، وبدون ذلك ستصدر الوزارة هذه القرارات ولكنها في نفس الوقت غير قابلة للتطبيق. بإمكان الشخص المتضرر مخاطبة فرع الوزارة أو الوزير وإن لم تنفع معه هذه الأمور فبإمكانه اللجوء إلى القضاء ولكنه من الصعب وقد يكون من المستحيل أن يفعل الشخص هذه المسائل ولكن عليه أن يبدأ بمراسلة مدير فرع الوزارة ليكتب للوزير فهذا من الممكن وأتمنى من الناس التحرك العاجل لكي تفعل هذه المسألة ولكن الصمت هو الذي يجعل هذه القضية غير قابلة للتطبيق وعلى الوزارة ألا تلجئ الناس لذلك. *** مبالاة وعدم اهتمام وبدوره يوضح النائب السابق لرئيس مجلس الشورى الدكتور عبد الله بن عمر نصيف أن الإهمال وعدم المبالاة هو السبب الرئيسي في عدم تنفيذ القرار الخاص بتخفيض أصوات مكبرات الصوت، ويقول: عدم تطبيق هذا القرار من قبل بعض أئمة المساجد يعود لإهمالهم وجهلهم، فهؤلاء الأئمة لا يدركون أن ارتفاع هذه الأصوات يسبب إزعاجاً للآخرين، وكذلك أو أن تقارب المساجد يحدث تضارباً وتشويشاً على السكان، فمكبرات هذه المساجد مخصصة بالأساس لإشعار الناس بدخول وقت الصلاة فقط، فتخفيض هذه المكبرات به فوائد وليس مضار، فالناس في منازلهم قد لا يسمعون هذه الأصوات بسبب وجود أجهزة التكييف ولهذا فإن ارتفاع الصوت يؤثر على من هم بالخارج ويشوش عليهم. بدعة أم ثواب؟ من جانبه أوضح العضو السابق بمجلس الشورى الدكتور محمد آل زلفة أن قضية مكبرات المساجد كثر بها الجدل وتمت مناقشتها بشكل دائم ومتكرر وقال: الناس تحدثوا عنها ولكن للأسف حتى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف تقف عاجزة أمام عدم تطبيق توجيهاتها للأئمة في موضوع مكبرات الصوت. بعض أئمة المساجد يعتقد أن هذه المكبرات من الثوابت في الإسلام، ولكن في الماضي عندما بدأت هذه المكبرات وعند بداية استخدامها كان العلماء يعتقدون أنها من البدع، فهل البدعة أصبحت ثواباً في الوقت الحالي؟ وأضاف آل زلفة: كل حي به عدة مساجد وأغلب هذه المساجد تختلط أصواتها بسبب العلو والارتفاع مما يسبب إزعاجاً لسكان الحي، فالمساكن التي بجوار المساجد الآن أصبحت رخيصة في أسعارها بسبب الإزعاج، وبعد أن كان المسجد مصدر رحمة وطمأنينة وراحة أصبح الآن من خلال هذه المكبرات العالية مكاننا يتحاشاه الناس، فعلى الوزارة أن تكون أكثر حزماً وشدة في التعامل مع هؤلاء الأئمة، علماً بأن 99% من أئمة المساجد موظفين رسميين لدى الوزارة، وأي إمام لا يطبق هذا القرار من المفترض أن يوقف أو يخصم من راتبه بواسطة الوزارة كي يتم تطبيق هذا القرار. واختتم آل زلفة بالقول: على الأئمة ألا يسايروا أصحاب الأهواء والآراء والحركيين، وعليهم تنفيذ أمر الوزارة وأن يسمعوا ويطيعوا، وطالما أن رفع الأصوات به ضرر على الناس عليهم ألا يكابروا، فبعض الناس عليه ضغوط ولا يأتيه النوم إلا بشق الأنفس وهناك نساء وأطفال قد يستيقظون من نومهم بمجرد رفع الآذان. عدم تطبيق هذا القرار من قبل بعض الأئمة لا يخدم أحداً وكأنهم في حالة حرب وتحدي. مسؤولية الوزارة من جهته أوضح عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية الدكتور هاني أحمد فقيه أن بعض الأئمة ربما لا تتوفر لديه القناعة الكافية لتنفيذ توجيهات الوزارة، وقال: بعض هؤلاء ليس لديهم قناعة تامة بمشروعية خفض أصوات مكبرات الصوت ولهذا لا نجده يطبق القرار الصادر من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، مع أنه لا يوجد في الشرع ما يمنع خفض الأصوات، فالمقصود بهذه المكبرات هو الإعلام بدخول وقت الصلاة وقد يصاحب علو صوت هذه المكبرات لمسافات بعيدة أذى لبعض المسلمين، فهناك أناس خارج المسجد قد يعانون من بعض الأمراض وهناك كبار السن والنساء والأطفال وهؤلاء ليسوا مطالبون بالصلاة في المسجد. ولم يخفي فقيه أن يكون جهل الأئمة هي أحد أسباب عدم تطبيق القرار، وقال: من المفترض على الوزارة متابعة الأئمة ومعاقبتهم إن كانوا مقصرين لو لزم الأمر، فالوزارة هنا تتحمل جزءا من المسؤولية. وربما لم يصل الأمر المتعلق بالمكبرات أو تداخلها لبعض الأئمة، فالمسؤولية هنا تقع على الوزارة. وختاماً لا بد أن تكون القرارات مقنعة ومفصلة ومشروحة، وعلى الأئمة أن يوضحوها للناس ويبينوها.