يمكن القول اليوم إن الذكاء الاصطناعي بمنزلة دُرة تاج عصر المعلومات، والثمرة الرائعة لعصر المعرفة والإبداع التقني، ولم يعد مجالًا للنقاش ما يجري ويطور من استخدامات إيجابية لأدوات الذكاء الاصطناعي في مجالات كثيرة سواء من قبل المؤسسات أو الأفراد، ولكن ما الحل إذ وقعت بعض هذه الأدوات العبقرية بيد الحمقى والمغفلين الذين اتخذوا منها وسائل لهو وتسلية ويدربون هذه العقول الجبارة بالتافه من الكلام والتصرفات والعبارات، ستشاهد (ربما شاهدت) على جوانب طرقات عصر المعلومات مجموعات المتسكعين من الحمقى والحمقاوات مع مجاميع أخرى من التافهين والتافهات على مدار الساعة وهم يصدرون حماقاتهم وكل تفاهاتهم من وإلى مخازن الذكاء الاصطناعي التي أفنت أجيالا من العباقرة حياتها وعقولها لوضع برمجياتها وخوارزمياتها لتخدم بها البشرية. تُرى من يتطوع لإبلاغ هؤلاء الحمقى أنهم حينما يمارسون تفاهاتهم ويعلمون أنموذجات الذكاء الاصطناعي بانحرافاتهم ويزودونها بمعلومات وبيانات مضللة أو تافهة أو سخيفة مثل أصحابها فهم بذلك يعيدون إنتاج التفاهة ويروجونها باسم الذكاء الاصطناعي، شاهدت (ولعلكم شاهدتم) أكثر من رقيع ومعه أقرانه وهم يدربون برامج الذكاء الاصطناعي صوتيًا على صنع "المقالب" وتوليد نكات عن "فلان" والقبيلة الفلانية ومن حولهم يتضاحكون معهم ببلاهة، وربما شاهدتم كم من كائن بائس يقضي سهرات الليل أمام "شلة الاستراحة" وهو يطلب من الذكاء الاصطناعي ابتكار قصائد نبطية بتوظيف كلمات هابطة في المدح والهجاء لهذا أو ذاك. ولا تنس أن تترحم على حال تلك المسكينة التائهة التي تراها كل يوم وهي تبث خواءها النفسي والعاطفي مع هذه التقنية العبقرية وفي كل مرة تراها تناشد تطبيق الذكاء الاصطناعي ليخاطبها بعبارات شاعرية ويتغزل فيها بشكل يثير الشفقة. حالات كثيرة تشاهدها (وستشاهدها) كلما بحثت عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والمحزن أكثر أن يتفرغ حمقى وعابثون لملء محتوى حساباتهم بمخرجات ما يُعرف بالتزييف العميق دون اعتبار أخلاقي أو قانوني، أو حتى أدنى حساب للعواقب التي من أعظمها إضعاف الثقة بأي محتوى رقمي، فضلًا على الإضرار بالأفراد والمؤسسات المستهدفة سواء كان ذلك هزلا أو بشكل جدي، وحين نطق الذكاء الاصطناعي شاكيًا قال إن: بعض هؤلاء يستخدمونه لإنشاء محتوى مثير أو "ممتع" فقط لجذب الانتباه على وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة التفاعل، دون اعتبار لما تعنيه قيمة المحتوى. والنتيجة أن بعض هذه الأنموذجات المدربة تنشئ مضمونًا دراميًا مثيرًا لأن هذا النوع من المحتوى يحظى بتفاعل كبير، وبذلك يصبح المضمون التافه أكثر انتشارًا. كما تشكو هذه الخدْمَات الرائعة -حين سألتُها- من واقع إن بعض الأشخاص يستخدمونها لإنشاء تعليقات آلية على المنشورات، أو إنتاج رسائل ترويجية لمحتوى غير ذي قيمة، أو لإغراق المنصات بآراء سطحية تفتقر إلى العمق وتجعل من الصعب الوصول إلى المحتوى الهادف. ومما يئن به صدر الذكاء الاصطناعي شكواه مما يحصل في أحيان كثيرة، حين يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى "إبداعي" مثل قصائد أو صور أو قصص بلا مغزى أو هدف، فقط لإظهار قدرة الذكاء الاصطناعي، لكن الواقع يقول إن هذا المحتوى غالبًا ما يفتقر إلى العمق ولكنه يستهلك وقت الناس واهتمامهم دون إضافة قيمة حقيقية ويؤثر على جودة مخرجات الذكاء الاصطناعي. * قال ومضى: لا تشر إلى جمال شروق الشمس أمام أحمق؛ فسيشغلك بالسؤال عن سر غياب القمر.