ما ان يدخل شهر رمضان المبارك حتى يعود الجدل حول استخدام مكبرات الصوت في صلاة التراويح خصوصا المايكروفونات الخارجية في مساجد الفروض بين من يرى وجوبها لعدة اعتبارات يراها من أهمها إعلان روحانية الشهر الكريم وبين من يرى الاكتفاء بالسماعات الداخلية لمنع التشويش على المصلين وعدم ازعاج المرضى والمعذورين في بيوتهم وهو ما يؤيده كبار العلماء وتصدر بموجبه وزارة الشؤون الإسلامية تعميما سنويا ينص على منع مكبرات الصوت الخارجية في صلاة التراويح في مساجد الفروض، وقصر استخدامها على الجوامع فقط وبشكل غير مبالغ فيه. رأي المجيزين تأتي قناعة بعض المجيزين كما أشرنا بوجوب استخدامها لإضفاء مزيد من الروحانية وإعطاء بعد نفسي لمن يستمع لتلاوة القرآن الكريم في البيوت والأسواق وتعليم النساء اللواتي في البيوت وغيرهن من أصحاب الأعذار القرآن الكريم والأحكام والمواعظ وحصول الأجر من سماع القرآن الكريم وإعانة الناس على إدراك الصلاة جماعة في المسجد إضافة إلى اهتداء الغريب عن الحي إلى مكان المسجد. قناعة المعترضين الذين يرون عدم استخدامها بهذا الشكل ينظرون إليها من جانب أن الإفراط باستخدامها يحصل تشويشا على المصلين في المساجد الأخرى وتشتيتا لأذهانهم مما يحرمهم لذة الخشوع والتشويش كذلك على المعذورين في البيوت من مرضى ونساء وأطفال وكبار سن ممن يحتاج إلى الراحة والهدوء هذا بالإضافة إلى ما يرى فيه بعض العلماء من تداخل مع أصوات الغناء والموسيقى وما تبثه بعض القنوات في البيوت والتي يقوم البعض برفعها بشكل مفرط حتى يتمكن من متابعتها. العلماء اتفقوا على النهي عن استعمال مكبرات الصوت موقف أهل العلم كثير من علمائنا الأفاضل يرون ألا يخرج القرآن الكريم عن آداب الضراعة والخوف من الله والني به عن مواطن السمعة والرياء وأنه ليس من تنزيه كتاب الله تعالى وتوقيره أن يرفع الإمام صوته بالقرآن من خلال أجهزة المكبرات الخارجية، ويعدون ذلك من الجهر المكروه ومن المضارة بالقرآن الكريم، وهنا نورد نصا لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله وهو يرد على بعض الأسئلة المتعلقة بذلك حيث قال رحمه الله: ما ذكرتم من استعمال مكبر الصوت في الصلاة الجهرية على المنارة فإنه منهي عنه؛ لأنه يحصل به كثير من التشويش على أهل البيوت والمساجد القريبة، وقد روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ من شرح الزرقاني في باب العمل في القراءة عن البياضي فروة بن عمرو –رضي الله عنه– أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. وروى أبو داود تحت عنوان رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال في الصلاة. قال ابن عبد البر: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان.. ففي هذين الحديثين النهي عن الجهر بالقراءة في الصلاة حيث يكون فيه التشويش على الآخرين وأن في هذا أذية ينهى عنها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من مجموع الفتاوى: ليس لأحد أن يجهر بالقراءة بحيث يؤذي غيره كالمصلين، وفي جواب له من الفتاوى الكبرى: ومن فعل ما يشوش به على أهل المسجد، أو فعل ما يفضي إلى ذلك منع منه. الشيخ صالح الفوزان معالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء أوضح رأيه في (حاشية الملخص الفقهي) في قوله: بعضهم يخرج صوته بالقراءة خارج المسجد بواسطة مكبر الصوت؛ فيشوش على من حوله من المساجد وهذا لا يجوز، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من كان يقرأ القرآن والناس يصلون تطوعاً، فليس له أن يجهر جهراً يشغلهم به؛ فإن النبي خرج على أصحابه وهم يصلون في المسجد فقال: "يا أيها الناس كلكم يناجي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض في القراءة" ثم يصل فضيلته بعد إيراد عدد من الأدلة والأحاديث إلى القول: من هذا الأدب نأخذ أن ما يفعله بعض الناس اليوم أو كثير من أئمة المساجد من رفع أصوات (الميكروفونات) تشويش على جيرانهم من المساجد الأخرى، وتشويش على أهل البيوت الذين يريدون الراحة والنوم، وهذا أولاً لا يجوز لأن فيه أذية للناس، فيجعلون مثلاً أصوات (الميكروفونات) على قدر داخل المسجد، بحيث يسمعهم من هو بداخل المسجد، ولا تخرج خارج المسجد. هذا هو الأفضل والأحسن. والنبي الكريم خرج على أصحابه وهم يصلون في المسجد ويجهرون بالقراءة ؛ فقال: "كلُ منكم يناجي ربه" ثم أمرهم بالإسرار؛ لأن بعضهم يشوش على بعض. دل هذا على أنه لا يجوز أن إمام المسجد يمد صوته من خارج المسجد على المساجد الأخرى، وعلى الجيران الذين يريدون أن يصلوا في بيوتهم، فالبيوت فيها ناس يصلون، نافلة أو نساء يصلين، أو مرضى يصلون أو ناس ينامون يريدون النوم يريدون الراحة، لا يجوز ذلك أن تتجرأ وتقرأ القرآن عند واحد يريد أن ينام تقول هذه عبادة، لا، ما هي عبادة والأذى ليس بعبادة أذية الناس ليست بعبادة، فالحاصل، أنه يجب على الطلبة أن يراعوا هذه المسائل وهذه الآداب الشرعية. سباق الميكرفونات هذه الرؤية التي يجمع عليها كثير من أهل العلم المدركين للجانب الاجتماعي يقابلها نوع من اللامبالاة من بعض الأئمة خصوصا صغار السن المتحمسين وحديثي الإمامة وبالتالي صرنا نسمع هذه السباقات التي تنطلق من مكبرات مساجد بعض الاحياء والقرى غير مبالين بهذه الاراء ولا تعليمات وتعاميم وزارة الشؤون الاسلامية ويأتي أحيانا تحت ضغط من بعض جماعة المسجد أنفسهم بحجة أن الإمام أو المسجد الفلاني ليس أفضل منا. ويبلغ الحماس في بعض الأحيان وفي بعض المساجد إلى تركيب سماعات إضافية واستخدام محسنات الصوت وخاصية (الصدى) في مكبرات الصوت حتى يسمع ابعد ما يمكن.