الهبة هي إعطاء شخص لآخر ما يملكه من مكيل أو موزون أو مال مقوم، ولا تقع الهبة إلا بالقبض الفعلي أو بسند رسمي يفيد ذلك، فقد اتفق الصحابة الكرام أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي على أن الهبة لا تصح إلا مقبوضة ولا يجوز للواهب الرجوع في هبته لقوله صلى الله عليه وسلم العائد في هبته كالعائد في قينه لان ذلك يعتبر إزالة لملك ثبت من دون أن يصحبه مقابل، باستثنناء الوالد الذي يجوز له الرجوع في ما وهب لولده. ويمكن تعريف الهبة بأنها "عقد يتم بين الأحياء وبموجبه يتصرف الواهب في ما يملكه دون عوض بنية التبرع"، ولذلك تكون أركان الهبة ثلاثة هي: التراضي أن يصدر قول قبول من الموهوب له في مواجهة إيجاب الواهب وأن يكونا متطابقين، ولذلك لا بد من أن يقبل الموهوب له الهبة صراحة، لكي ينعقد العقد، إذ لا انعقاد بإرادة منفردة ممثلة في ايجاب الواهب، لكن قبول الموهوب له قد لا يكون لازماً إذا ما تأكد أن الهبة نافعة له من دون أدنى شك في ذلك وعندها يكون المطلوب منه فقط إقراره بالهبة. محل الهبة وهو الشيء الموهوب، وهذا ما يجعل الهبة عقداً ملزماً لجانب واحد هو جانب الواهب، وقد يكون لها محل آخر هو العوض في حال اشتراط الواهب في الهبة عوضاً أو التزامات أخرى في جانب الموهوب له. وينبغي أن يكون الشيء الموهوب مما يصلح التعامل فيه وغير مخالف للنظام العام أو الآداب، وتعتبر هبة الأموال المستقبلة باطلة وصحيحة في الأموال الحاضرة والهبة الواردة على شيء معين بالذات وغير مملوك للواهب لا تكون هبة مال مستقبلي، إنما تعتبر هبة لملك الغير، وقد يتعرض المالك الحقيقي للموهوب له فلا تنتقل الملكية إليه إلا إذا أجازها المالك الحقيقي برضاه. سبب الهبة وهو ما يحث ويدفع الواهب على التبرع بما يملكه وينبغي أن يكون هذا الدافع مشروعاً، ولا يهم بعد ذلك إذا كان الموهوب له عالماً بهذا الدافع أم لا، ويجب أن يكون الواهب بكامل وعيه وعقله مدركاً لحقيقة ما يفعله في ما يملك وطائعاً مختاراً وليس مجبراً أو مكرهاً وإلا بطلت الهبة، إلا إذا وصل إلى علم الواهب فعندها تنعقد الهبة، أما إذا رجع الواهب عن ايجابه قبل أن يصل إليه قبول الموهوب له فلا تنعقد الهبة، لأن القبول لم يصادف إيجاباً يقترن به، ولكن قد يعتبر هذا القبول إيجاباً جديداً من الموهوب له، فإذا قبله الواهب تكون الهبة قد انعقدت، وإذا مات الواهب أو فقد أهليته قبل أن يصل ايجابه إلى علم الموهوب له، لا تتم الهبة، وكذلك الأمر إذا مات الموهوب له أو فقد أهليته قبل أن يصدر منه قبول فإن الهبة لا تنعقد، لانعدام المحل الذي ينعقد به الإيجاب. إن الهبة من التصرفات ذات الطابع الشكلي، فالورقة الرسمية قد تكشف لورثة الواهب حقيقة ما يقدم عليه موروثهم وما يلحق بهم من ضرر نتيجة تصرفه هذا، فيسعون لإقناعه بالرجوع عن ايجابة قبل أن يقترن به قبول الموهوب له، بينما الهبة بالنسبة للموهوب له نافع نفعاً محضاً والورقة الرسمية بالهبة حماية لتملكه في مواجهة الغير، وهبة المنقول تتم بالقبض أو بالورقة الرسمية، أما هبة العقار فتتم بالورقة الرسمية من المحكمة ومن سجلات الشهر العقاري الذي يفيد تغيير سجل الملكية من الواهب إلى اسمه. * محام ومستشار قانوني.