لا يختلف اثنان على نجاح القمة العربية التاسعة عشرة التي اختتمت أعمالها أمس في الرياض، في كونها ليست دورة عادية أو قمة عادية جمعت القادة والزعماء، ولكنها كانت قمة ناجحة بكل المقاييس والمعايير الدولية، سواء على الصعيد السياسي أم المنظمات والمؤسسات الدولية، وشملت الأفراد والمجتمع الدولي، فكانت بحق قمة التضامن العربي اجتمعت في البيت العربي عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض. ونجح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الملك السادس للمملكة العربية السعودية كعادته في لمّ الشمل العربي وتوحيد الصفوف، وإضافة هذا النجاح إلى نجاحاته السابقة التي جمعت القادة الفلسطينيين في مكة ونتائجه التي سرعان ما تبلورت على الساحة وتمخضت نتائجها بإعلان الوحدة الفلسطينية. القمة العربية الحالية في دورتها ال 19 لم تكن قمة قرارات، وإنما قمة إصلاحات في البيت العربي، وكعهد خادم الحرمين الشريفين في التنفيذ أولاً ثم القول. وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، التزام المملكة العربية السعودية، بمسؤولياتها كافة تجاه القضايا العربية وسعيها الدؤوب للمّ الشمل العربي، مشيراً إلى أن المملكة تتحمل مسؤوليتها دائما برئاسة أو من دونها. وأعرب موسى قبيل اختتام أعمال القمة العربية التاسعة عشرة أمس عن تفاؤله بنتائج أعمال القمة في ذاتها، والجو العام الذي ساد مداولاتها، والمشاورات التي تمت في إطارها التي أسهمت في تضييق الفجوات. وتعليقاً على رفض شمعون بيريز الصيغة الحالية للمبادرة العربية قال عمر موسى:"فليقل ما يريد، نحن لسنا مقتنعين بالموقف الإسرائيلي... ولن نتعامل معه ما لم يكن لديهم تحرك وتغير في سياستهم نحو السلام، كما أننا نرفض رفضاً قاطعاً تعديلاتهم". وعن اللقاء الذي جمعه بالرئيس السوداني عمر البشير، قال:"تم خلاله الاتفاق على عدد من النقاط، وهناك تقدم في هذا الملف"، مشيراً في هذا الصدد إلى أن الرئيس السوداني قبل بعدد من المقترحات المقدمة، ومنها ما يتعلق بالقوات الدولية. وتطرق في حديثه للصحافيين حول الشأن الصومالي، مؤكداً انه حظي باهتمام قادة الدول العربية فجرى الاتفاق على عدد من النقاط التي ستسهم في استقراره. من جانبه، وصف وزير الخارجية السوري وليد المعلم القمة العربية بأنها"ناجحة وممتازة". بدوره، نوّه منسق السياسة الخارجية الأوروبية خافير سولانا بدور المملكة العربية السعودية الإقليمي والدولي ومساهمتها الناجعة في الدفع لبسط الاستقرار في المنطقة وإنعاش عملية السلام. وقال سولانا في مداخلة له امام لجنة الشؤون الخارجية الأوروبية ان المملكة العربية السعودية تمتلك وتلعب دوراً إقيلمياً ريادياً، وتسهم في ادارة ايجابية لشؤون المنطقة. وأشار سولانا إلى الاتصالات التي أجراها على هامش قمة الرياض العربية، وشدد على ضرورة بذل مزيد من الجهود لانعاش فعلي لعملية السلام في الشرق الاوسط. وقال ان الموقف النهائي الأوروبي من الحكومة الفلسطينية الجديدة سيتحدد وفق ما تلتزم به هذه الحكومة. من جهته، أكد وزير الإعلام السوري محسن بلال أن التضامن العربي هو عنوان القمة العربية المنعقدة في الرياض، لافتاً إلى أن هذه القمة سيكون لها وقع تاريخي نتيجة للظروف التي تمر بها الأمة العربية. وأضاف بلال في حديث للقناة الفضائية السورية أول من أمس أن المبادرة العربية للسلام التي تم تبنيها وتفعيلها مجدداً من الزعماء العرب هي مبادرة توضح للعالم أن العرب طلاب سلام. وأشار إلى أن السلام الذي ينشده العرب بناء على مبادرتهم هو السلام القائم على الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن ومبدأ الأرض في مقابل السلام. فيما أدلى مسؤولون لبنانيون وشخصيات سياسية ودينية وأهلية بتصريحات عدة تناولت انعقاد القمة العربية في مدينة الرياض، أجمعت على الإشادة بدور المملكة العربية السعودية الفاعل من اجل معالجة مختلف الأزمات في المنطقة وتحقيق التضامن العربي. وأمّل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي في تصريح له ان تنبثق من القمة العربية مقررات ايجابية، وان يبدأ الفرقاء اللبنانيون بحوار ينعكس انفراجاً للازمة في بيروت. وقال:"إن انعقاد القمة العربية في المملكة في هذا التوقيت بالذات وفي حضور ومشاركة عدد كبير من القادة العرب يكتسب دلالات ايجابية بالنظر الى موقع المملكة على الصعد العربية والدولية والاسلامية وحرصها الدائم على ايجاد الحلول العادلة للقضايا العربية، ومنها اخيراً اتفاق مكةالمكرمة الذي ارسى التفاهم الفلسطيني ? الفلسطيني، وطوى صفحة مؤلمة من الصراع الفلسطيني الداخلي، فجاء تمثيل الفلسطينيين في القمة بوفد موحد". واضاف:"اننا ننتظر ان تخرج القمة بمقررات على مستوى تطلعات الشعوب العربية، التي عبرت عنها مبادرة الملك عبدالله في قمة بيروت في العام 2002، وان هذه المبادرة لا تزال تشكل في رأينا الاطار الانسب لحل النزاع العربي- الاسرائيلي على نحو يحفظ حقوق الفلسطينيين ويرسي اسس السلام الدائم". من جهته، اكد وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون، ان اللبنانيين يتطلعون الى قمة الرياض كقمة مفصلية على صعيد تثبيت ومعالجة القضايا العربية، داعياً إلى دفع مبادرة السلام التي اطلقت في قمة بيروت، مجدداً الثقة برئاسة وادارة وحكمة المملكة في مواجهة التحديات. بينما أعرب مسؤول بارز في جامعة الدول العربية عن ارتياحه الشديد لنجاح مؤتمر القمة العربي في الرياض. وقال رئيس مكتب الامين العام للجامعة العربية هشام يوسف، ان من أهم النتائج الايجابية لقمة الرياض اكتمال النصاب القانوني لإقامة مجلس الأمن والسلم العربي.