وصف الباحث محمد القشعمي فترة صحافة الأفراد بالعصر الذهبي للصحافة السعودية، مؤكداً أنها أفضل بكثير من صحافة المؤسسات اليوم، التي تغير الاتجاه فيها تماماً، وتحولت لعملية تجارية بحتة. وقال القشعمي إن المعوقات الرقابية تكاد تكون معدومة أيام صحافة الأفراد ولا يمكن مقارنتها بما يحدث اليوم، إذ كانت الرقابة لدى ملاك الصحف (رؤساء التحرير) ذاتية قبل أن تكون مؤسسية اليوم. وركزّ القشعمي على صحف المنطقة الشرقية بحجة توفر مادتها أثناء الإعداد للمحاضرة في وقت ضيق، مقارنة بمحدودية صحف المنطقة الوسطى، وصحف المنطقة الغربية التي تحتاج وقتاً أطول للبحث، لافتاً إلى الدور التنويري الذي كانت تلعبه صحف «أخبار الظهران» (عبدالكريم الجهيمان) و«الفجر الجديد» (يعقوب الشيخ) والإشعاع (سعد البواردي)، وكذلك صحيفة «الخليج العربي»، من خلال سرده نتفاً لأجزاء من مقالاتها وبعضاً من عناوينها المهمة، التي أظهرت اهتمامها بالشأن الاجتماعي وتناولها النقدي لعمل جهات حكومية ووزارات وبلديات وشركات بمواضيع شملت الحرية والتنمية وتعليم المرأة، إضافة إلى تناول الصراع العربي الإسرائيلي، وإن كان جل ما ينشر فيها لم يسلم من طغيان الأسماء المستعارة وتكرر من يكتب في العدد الواحد تحت أكثر من اسم. وتوقف القشعمي، بعد أن قدم عرضاً توثيقياً مساء السبت الماضي في «منبر الحوار» في النادي الأدبي بالرياض أداره خالد الرفاعي، بعنوان «الصحف المحتجبة والدور التنويري»، عند بدايات نشوء بعضاً من صحف الأفراد وإجراءات فسحها السريعة، إضافة إلى أسلوب التحرير والنشر المباشر على مسؤولية المالك ورئيس التحرير وبالتالي ما يتبعه توقيف للمالك وإيقاف وحجب للصحيفة. وشارك في العرض الذي حضره صحافيون وإعلاميون وأكاديميون صاحب مكتبة قيس الوثائقية الباحث محمد الحمدان، وقدّم جانباً مهماً من تاريخ صحف المنطقة الغربية مثل «القبلة» و«بريد الحجاز» و«أم القرى» و«المدينة» (آل حافظ) و«عرفات» و«صوت الحجاز» التي تحولت إلى البلاد، إضافة ل«الرائد» (عبدالفتاح أبو مدين) و«قريش» (أحمد السباعي) و«عكاظ» (أحمد عبد الغفور عطار) و«لندوة»، وكذلك صحيفة «القصيم» (العُمري) قبل أن يصدر قانون المطبوعات الذي أوقف صحافة الأفراد وعمل بصحافة المؤسسات. وعرض على الحضور صوراً لتوديعات رؤساء التحرير صحافة الأفراد بعد ذلك القانون. فيما أنتقد كتاباً تداخلوا في المحاضرة غياب الحرية في الصحافة ما عدا حرية التجارة، فيما أكد الكاتب محمد السحيمي أن النخب التي كانت تقود المجتمع البسيط في السابق توارت الآن، في ظل تطور المجتمع وتقدمه عليها وحتى على وزارة الإعلام نفسها. معجب الزهراني: صحافة «الشرقية» و «الوسطى» لم تكن تنويرية!