في أزمنة سابقة كنا لا نسأل مستوردي الأغذية عن"ثلث الثلاثة كم"، فكل ما يخلو من الكحول ومشتقات الخنزير والمخدرات يمكن فسحه بلا سؤال ولا جواب، ثم هدانا الله الى المواصفات والمقاييس، وبتنا نطبق معايير دولية للتأكد من إجازة المنتجات في العالم، نستعين فيها بتجارب لآخرين سبقونا، لإرشادنا إلى الأضرار الجانبية ونسب المحتويات والمواد الحافظة والمنكّهة، وهكذا عشنا الى أن هيأ الله لنا هيئة الغذاء والدواء السعودية قبل ثلاثة أعوام، ومنذ ذلك الحين ونحن نترقب الفتح المبين. الجميع في انتظار أن تمارس الهيئة عملها وأداء مهامها الرقابية ووضع المواصفات الخاصة بنا، والجميع يأمل بأن تنمو للهيئة أنياب ومخالب لتستطيع إيقاف التجاوزات والمخالفات، وأكثر منذ ذلك أن تعمل بأسلوب يوقف الازدواجية في الرقابة والترخيص والكشف والتحليل بمنهجية واضحة، لا تجيع الذئب من شركات جادة تتطلع لممارسة أعمالها بمواصفات واضحة، ولا تفني الغنم من مستهلكين غلابة هم اليوم في ذمة الهيئة. ما زلنا نعيش أسرى وتابعين لمنظمات دولية وهيئات أجنبية نتلقى منها التعليمات والإرشادات في ما يخص الغذاء والدواء، وما ان يصدر تحذير من تلك الجهات حتى نبادر بالتطبيق بشكل نفقد معه خصوصيتنا، ونلغي به تجربتنا. وفي مكاتبنا نتلقى"الفاكسات"أو نتلقف الأخبار من وسائل الإعلام لنعرف التطورات حول هذا المنتج وتلك السلعة، وما ألعاب الأطفال الصينية ببعيدة عما نتحدث عنه الآن. تلك الأنياب والمخالب نرجو أن تنمو سريعاً لتعالج قضايا ساخنة يتعامل معها العالم بحزم، والجميع سوانا يتحدث عن اشتراطات المشروبات الغازية المسؤولة عن كثير من المشكلات الصحية، وهي تسرح وتمرح عندنا، وهناك مواجهات حادة في دول متطورة مع كل من يستخدم"لايت"و"دايت"و"قليل الدسم"و"صحي"و"طبيعي"، وتلزمه بالتوضيح والتبيان، أما عندنا فهي مجرد ختم لك استخدامه متى شئت من دون حسيب أو رقيب. الهيئات المتخصصة في الغذاء تلاحق مشروبات"الطاقة"وتحاصرها، في الوقت الذي تملأ فيه علبها أرففنا، وتباع للصغير والكبير، وللصحيح والعليل، وهي متهمة بالتسبب في ارتفاع ضغط الدم وإحداث مخاطر تؤدي للإصابة بأمراض القلب. ولو قدر لنا فحصٌ مكثفٌ لصغارنا الذين يتناولون تلك المشروبات بلا وعي أو رقابة لهالنا معدل دقات قلوب الذين ذهبوا ضحية الترويج المكثف وحيل التسويق الفعالة وغياب الرقابة. نريد هيئة يخافها المنتجون والمستوردون، بحماية مضاعفة لمستهلكينا وصحتهم، وتقاضي المخطئين، وتمنع الواردات، ويحسب لها الجميع ألف حساب. ولا نريد هيئة من ورق تحصر مهمتها في رعاية الندوات ونشر الدراسات وتنظيم المؤتمرات، وتنسى أن مستقبلنا وصحتنا وسلامتنا مرهونة بيدها. [email protected]