حققت أمسية نادي جازان الأدبي الشعرية مساء الأربعاء الماضي، تجانساً بين أنماط القصيدة العربية، متجاوزة ما كان يعرف بالتضادية والصراع بين الشعري والنثري، وأصغى الجمهور المتشبث بمواقعه حتى منتصف الليل لقصائد باللغة العربية واللغة الإنكليزية، مسجّلاً تفاعلاً مع الإبداع الملقى على أسماعهم من شاعرات وشعراء الأمسية: فوزية أبو خالد وبديعة كشغري وعبدالله الزيد وأحمد الحربي، مؤذنين بتدشين مرحلة تصالحية تتخطى التصنيف ومسلّمة بفكرة التجديد، من دون ممانعة أو حكم على الأشخاص من خلال نصوصهم بنوايا وأجندات مسبقة. وتكامل حضور عشاق الكلمة المموسقة من أبها والباحة والمحافظات التابعة لمنطقة جازان، مشرعين باب السؤال عن سر غياب الشاعر أحمد الصالح"مسافر"وتناوب الفرسان والفارسات إلقاء نصوص نابضة بالحب والفن والإنسانية، طرب الحضور لها وصفقوا طويلاً للأحاسيس الدافئة المغلفة للمفردات الساخنة لتنتصب مع فنار البحر نار الشعر الحيّة، منطلقة في البدء على لسان الشاعر أحمد الحربي في قصائد عدة منها"أنا قلب متيم وأمان نابضات ومهجة تتجدد". تلته الشاعرة بديعة كشغري بنصوص نثرية ألقت أحدها باللغة الإنكليزية وتفاعل معها السامعون متذوقين موسيقى النصوص الداخلية، بعيداً عن الوزن والقافية ومنها واقفةً - مازلتُ - على مفترق العمر، ومرساتي تنزف أياماً لا كالأيام. فيما احتفظ الشاعر عبدالله الزيد بخاصية الاختيار وخصوصية الإلقاء، ليكون محط أنظار الجميع مترقبين في كل جولة ما سيدفقه وجدان تعتّق في محيط الإنسانية، متفرداً بقوة الحضور ومن نصه مشهد:"يقعي سارد الهم ممتثلاً لسواد طويته، يقعي سارد الغم منفعلاً بحكاياه وأقاصيصه وبقايا هويته"، مختتماً النص ب"أيها السارد الآن في خطرات حكايته وفصول روايته مجد كل الكلام المجيد". من جهتها تفردت كلمات أبي خالد بالنثرية المتقنة، لتمنح قصيدتها مشروعية في أسماع لم تألف هذا النسق من قبل، ومن مزنة"مزنة طفلة من ماء المطر، التقيتها مثلي غريبة في ساحة المدرسة كانت كل منا تنكمش على نفسها كأنها تخشى أن تتحول إلى فراشة". واختتمت الأمسية بمداخلات وأسئلة عدة شارك بها نخبة من النقاد والشعراء، ليخرج الجميع من القاعة مخلفين وراءهم الإعجاب والإطراء لنادي جازان على جودة الإنتاج وبراعة المنتج.