دفعت الفكرة الراسخة في عقل المبتعث السعودي معلى ع أن الشعب الأميركي يملك صورة ذهنية خاطئة عن العرب والمسلمين إلى الظن أن أقرانه من الأميركيين سيتجنبون الاحتكاك معه، أو اتخاذه صديقاً لهم، هذه التوجسات والأحكام المسبقة أصبحت تحول بينه وبين نظرائه الأميركيين. هذه الحال تندرج على كثير من المبتعثين السعوديين، وأوجدت لديهم حاسة سادسة تلتقط علامات عدم الاستحسان والنفور، كما يقول المبتعث فارس الغامدي:"لاحظت على كثير من زملائي هذا الهاجس من رفض الآخر". ويضيف أن زميله السعودي معلى، أصبح على حد قوله، مراقباً لرفض الآخرين ومستعداً له عندما تلمس قرون استشعاره ردود فعل سلبية، ممثلاً على ذلك بقوله:"عندما نذهب للتنزه في أماكن مكتظة أنا وزميلي معلى فإنه من السهل أن يخطئ التأويلات والتلميحات التي يبديها الآخرون تجاهه، فعندما يرمقه شخص ما بنظرة جفاء فإنها تفسر تلقائياً من قبله بأنها نظرة عدائية بسبب ملامحه العربية، وتبدأ هنا محاولاتي لإقناعه بأن هذا الشخص ربما يعاني من مشكلة خاصة أو يشكو مزاجاً سيئاً دفعه إلى ذلك، وليس بالضرورة أن يكون تفسيرك لنظرته صحيحاً"، ويردف"غالباً ما تبوء محاولاتي لإقناع صديقي بالفشل". ويكشف الغامدي أن الحديث يكثر بين الطلبة السعوديين عن أفضلية الدراسة في الولايات الأميركية الشمالية عن ولايات الجنوب، لجهة تعامل أهالي هذه الولايات مع العرب والمسلمين، فتجد النقاش في هذه المواضيع يمتد، وتخرج التوصيات من بعض الطلبة بتجنب هذه الولاية والإقبال على تلك. ويؤكد أنه حتى لو صحت أقوال المتناقشين حول اختلاف معاملة الأهالي من ولاية إلى أخرى مع من أسهم الإعلام الأميركي بترسيخ صورة ذهنية لديهم عن العرب والمسلمين، فإنه يعتقد أن الطالب هو الذي يفرض نفسه أينما ذهب مهما كان دينه أو عرقه، وذلك من خلال تعاملاته وأخلاقه واجتهاده في التحصيل الدراسي، فكل هذا سيسهم في تحسين صورة الطالب السعودي خصوصاً والمسلمين والعرب عموماً. ومروراً بتجربة المبتعث تركي بصفر، التي تمتد إلى فصلين دراسيين قضاهما في جامعة سياتل، كوّن خلالهما صداقات عدة مع أبناء المجتمع الذي يعيش فيه، حتى أضحى حاضراً في مناسباتهم وأعيادهم، ومرجعاً عندما يخطر تساؤل لدى أحدهم حول السعودية. ويشير بصفر إلى أنه من خلال احتكاكه بالطلبة الأميركيين وجد أن لديهم اهتماماً خاصاً بما يدور في الشرق الأوسط، ويحملون استفسارات كثيرة حوله وحول الدين الإسلامي، فتجدهم ينتهزون الفرصة لتوجيه هذه الاستفسارات إلينا لقناعتهم بأننا أدرى بالشرق الأوسط، ومطبقين المثل القائل"أهل مكة أدرى بشعابها". ويرجع أسباب هذا التنامي بالاهتمام بالشرق الأوسط لدى الطلبة الأميركيين إلى تركيز الإعلام الأميركي أخيراً بعد حرب العراق على قضايا المنطقة، إذ تفرد غالبية الصحف اليومية المحلية مساحات كبيرة للحديث عن قضايا الشرق الأوسط، وكثيراً ما تتصدر هذه القضايا الصفحات الأولى فيها. ويحمل بصفر قناعة بأن الحكومة السعودية عندما ابتعثت طلبة سعوديين إلى دول حول العالم لم تهدف فقط إلى عودة هؤلاء المبتعثين بشهادات دراسية فقط، بل هدفت إلى اطلاع هؤلاء الطلبة على عادات الشعوب وثقافاتهم ما يسهم في مسيرة التنمية في السعودية.