ينظم المجلس الأعلى للسمعي البصري في فرنسا ما يبث على جميع المحطات التلفزيونية الخاصة منها والعامة، ويصدر من فترة إلى أخرى تنبيهات أو إنذارات تتعلق بتجاوزات يرى أنها حصلت من قبل بعض المحطات. ويتعلق أكثر هذه بالإعلانات من حيث تجاوز الزمن المحدد لكل قناة، أو عدم احترامها لفترات قطع الأفلام المحددة بفترتين إعلانيتين فقط. كما يشير باستمرار إلى دعاية «مخفية» في برنامج ما كالإشارة إلى نوع من أنواع الكحول من دون أن يتم ذلك وفق الإجراءات المتبعة للإعلان. وينبه باستمرار إلى ضرورة احترام الدعايات للتوصيات المتعلقة بضرورة حضّ الشاشة الصغيرة المشاهدين على اتّباع نظام صحي في التغذية وبث إرشادات عن وجوب تناول خمسة أنواع من الخضار والفواكه يومياً مع ممارسة الرياضة ووضع عبارة «الإكثار من السكر يسيء إلى الصحة» مع كل دعاية عن الحلويات. ولكن المجلس في المقابل لا يكتفي بالتحذير والإنذار بل يثني حين يستوجب الأمر. ويصدر سنوياً جردات حساب لكل المحطات تتعلق بما تم الالتزام به من قرارات أصدرها المجلس. مثلاً بث المحطات برامجَ تبدي التنوع الثقافي للشعب الفرنسي وللشعوب الأخرى. وأيضاً احترام تلك المحطات التنوعَ «الإنساني» في تطبيقها نظام الحصص في التوظيف لفسح المجال أكثر لمن يجد صعوبات في الوصول إلى هذه المهن كأبناء الضواحي الفرنسية مثلاً من ذوي الأصول العربية والأفارقة. وهذا ما بتنا نراه واضحاً وقد أشار إليه المجلس أخيراً في بيان صحافي حيا فيه التزام معظم المحطات الفرنسية بهذا التعهد. أما آخر إصداراته فكانت جردة حساب لما يجري في برامج تلقزيون الواقع وهذا بعد استشارات تمت مع معاهد دراسات ومحترفين من السمعي البصري وممثلين عن جمعيات عائلية، ليعطوا توصيات بهذا الخصوص. وكان أهم ما دعوا إليه تعزيز الحماية «المتوافرة أصلاً» لفئتين تمسهما «مخاطر» هذه البرامج وهما الشباب والمشاركون في بعض البرامج. ونبهوا في شكل خاص إلى اختيار المرشحين في البرامج القائمة على الحبس في «أماكن مغلقة»، فحضّوا على حماية الصغار المشاركين وهؤلاء الهشين نفسياً أكثر من غيرهم. وطلبوا أن يستفيد المشاركون من متابعة طبية ونفسية قبل وخلال أشهر بعد التصوير وألا يساء إليهم بإظهارهم في مواقف مهينة أو مذلة. ودعا المجلس إلى حماية الجمهور الشاب أيضاً عبر دعوة المنتجين والموزعين للتفكير بمسؤولياتهم الاجتماعية المتعلقة بالقيم التي يمررها هذا النوع من البرامج. ولفتوا النظر في شكل خاص إلى تدخل الجمهور والمخاطر التي يثيرها تحرك الشباب في الإنترنت «لحذف» و «إلغاء» و «ترشيح» البعض. ترى أوليس من شأن هذا كلّه أن يشعرنا نحن العرب بالغيرة ويدفعنا إلى التساؤل حول من ينظم الفوضى الفضائية على الشاشات العربية من الفواصل الإعلانية التي لا تحترم برنامجاً ولا جمهوراً، إلى الدعايات «المخفية» لثياب ومطربين في المسلسلات كما في برامج الواقع...؟ أما الحض على الطعام الصحي الخالي من الشحوم والسكريات من خلال دعايات الحلويات وبرامج الحلويات، فلهذا حديث آخر...