في أقل من عشرة أيام من بداية حزيران (يونيو) الجاري، تلقت مجموعة من الإذاعات المغربية الخاصة عقوبات متنوعة على خلفية الإخلال بالمقتضيات القانونية المعمول بها في قانون الاتصال السمعي البصري الذي تسهر على تطبيقه هيئة عليا أنشئت قبل بضع سنوات في سياق تحرير قطاع الإعلام السمعي البصري. انقطع بث محطة «راديو مارس» الرياضية من 3 إلى 5 حزيران (يونيو)، وأعلنت المحطة أنها توقف خدمتها الإذاعية تطبيقاً لقرار المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري الصادر في أول الشهر الجاري، والقاضي بوقف بثها كلياً لمدة 48 ساعة ودفع غرامة مالية بقيمة 57 ألف درهم مغربي. تصريح «غير مسؤول» على الهواء في أحد البرامج الفنية المباشرة الذي استضاف في 31 أيار (مايو) الماضي مخرجاً شاباً عبّر عن أمنيته في سياق أسئلة خفيفة بأن «يصير رئيس الجمهورية المغربية»، جرّ العقوبة على الإذاعة الفتية. واعتبر المجلس التصريح «مساً بثوابت المملكة المحددة في الدستور والمتعلقة بالنظام الملكي»، وحمّل الإذاعة مسؤولية عدم تصحيح الانزلاق، إذ «لم تقدم أي دليل على التحكم في البث كما هو منصوص عليه في دفتر تحملات المحطة». وغاب برنامج «بصراحة» الاجتماعي الذي تبثه كل من إذاعتي «راديو بلوس مراكش» و «راديو بلوس أكادير» المناطقيتين المملوكتين للمتعهد ذاته (راديو بلوس) مدة أسبوع (من 04 إلى 10 حزيران) مع عقوبة مالية (30 ألف درهم)، إثر بثهما حلقتين في نيسان (أبريل) الماضي حول الاستغلال الجنسي للأطفال وتغطية لجريمة قتل. واعتبر المجلس أن إحدى الحلقتين «لم تراعِ الوضعية النفسية الصعبة للطفل الذي أخذت شهادته وعرضت سلامته النفسية للخطر»، وأن الأخرى «لم تحترم قرينة البراءة، وعدم الكشف عن هوية الأشخاص المعنيين بالمسطرة القضائية، كما لم يُتح لهم أو لممثليهم التعبير عن وجهة نظرهم». وعادت إذاعة «هيت راديو» الموسيقية الشبابية إلى واجهة الجدل مجدداً، بعدما كانت راكمت «سوابق» لدى الهيئة عامي 2007 و2008. وبالتالي، جاء القرار الأخير للمجلس والصادر في 9 حزيران (يونيو) الجاري بعقوبة غير مسبوقة منذ الترخيص عام 2006 لقطاع الإذاعات الخاصة «تتلاءم مع خطورة المخالفات المرصودة وكذا حالة العود». وعاقب المجلس المحطة بمراجعة عقد الترخيص وخفضه سنة واحدة، أي من 5 سنوات إلى أربع، وعقوبة مالية على الشركة (70 ألف درهم)، بعدما كانت العقوبات السابقة تتضمن توقيف البث لمدة معينة وغرامات مالية. وسجلت هذه المخالفات المرتبطة بالمس بالأخلاق العامة بحق المذيع الذي يتطرق إلى المواضيع الاجتماعية والعاطفية الحساسة بأسلوب «مفتوح» ومباشر يواجه انتقادات بالتمييع وإقبالاً لدى الشباب. وتعلقت المخالفة الأخيرة بحلقتين بثتا في 18 و27 أيارالماضي تضمنتا «لفظاً نابياً مخلاً بالحياء وصادماً لشعور المستمعين وفيه عدم احترام واضح للأخلاق الحميدة، ومساً بالأخلاق العامة»، ضمن فقرة تقدم أغنية مسجلة يعاد فيها وضع كلمات لأغنية أجنبية شهيرة بالعامية المغربية في قالب ترفيهي. واعتبر المجلس أن صاحب الإذاعة لم يقم بالمراقبة المسبقة، أو التحكم في البث، كما لم يقدم اعتذاراً للمستمعين. ويؤشر تتالي صدور هذه القرارات من المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، وهو سلطة إدارية مستقلة تسهر على مراقبة قطاع الإعلام السمعي البصري إلى رغبة واضحة في تأطير أداء القطاع الإذاعي الخاص الحديث النشأة، والمتميز بتنوع العرض ووفرته والإقبال عليه (19 إذاعة حرة، فضلاً عن الإذاعات الوطنية والمناطقية المملوكة للدولة)، وإلزامه بشروط وقوانين لعبة التحرير، خصوصاً أن رهان الدولة على قطع احتكارها لقطاع السمعي البصري في 2002 قام على أساس استكشاف مغامرة التحرير في مجال الإذاعات، بعيداً من التلفزيون الذي رخص فيه فقط لقناة واحدة هي «ميدي 1 سات».