إن وزارة الداخلية السعودية تحتضن الآن ثلاث قضايا في مستوى واحد من الأهمية، لا تستطيع أن تغفل على أي واحدة منها ألا وهي الإرهاب، المخدرات، والإصلاح... وأعتقد أن قضية الإرهاب أخذت نصيب الأسد من تلك القضايا سواءً على مستوى الاهتمام الداخلي بين الموطنين في شد أنظارهم، أو على المستوى الإعلامي الدولي. كما أننا بدأنا نفكر بجدية في وضع الآليات المهمة من أجل حماية شبابنا من هذا المرض الفتاك الذي يأكل من جسد الشعب السعودي كونه يستقطع فئة الشباب منه. لكن ما أقول هنا إن قضيتي المخدرات والإصلاح مهمة أيضاً، ولا تقل أهمية، بل وتسير على خطى الإرهاب في استقطاعها القسم الأكبر من الشباب الذين يشغلون تقريباً ثلثي المجتمع السعودي بكامله. وللعلم فأنا لا أنقص هنا من دور وزارة الداخلية الحثيث في مسألة معالجتها، والخطوات التي تقوم بها وتشهد لها بالذكاء الباهر تجاه مثل هذه القضايا. لنقترب قليلاً من نافذة المخدرات ونحاول أن نفتحها ونتحدث عنها. ومثل ما استطعنا أن نقبض على الإرهابيين قبل حدوث أي عملية إرهابية، وكما استطعنا قبض الأسلحة التي كانت بحوزتهم وهنا ينتهي أمرهم خلال ساعات، علينا أيضاً في البحث عن المجرمين الذين يمكن أن نضعهم في الصف الأول من خلال تهريب المخدرات من وإلى داخل السعودية. صحيح أننا نسمع كل يوم عن ضبط كميات كبيرة كانت أم صغيرة من المخدرات والمدمنين وزجهم في السجون. لكن في رأيي ما الفائدة طالما الرؤوس المدبرة لهذا الإجرام ترقد في محل آمن كما هم يعتقدون؟ وما الفائدة من إدخالنا المدمنين السجون وبعد فترة قصيرة وربما يأتي عفو يشملهم ويخرجون منها ويعودون الكرة مرة أخرى. لا يوجد علاج ناجع ولا قانون حازم ولا حتى خطوات عملية فعالة تعيدهم للعيش في رغد وصحة وسلام. كذلك الإصلاح، وقبل أن نتطرق إلى ذلك، نشير إلى أن سياسة"اللامبالاة":"قل ما شئت فنحن غير آبهين لما تقول"، باتت لا تنفع... لماذا؟ أولاً: لأن ما يقولون اليوم يعرض على التلفزيون ولا يجد المتفرج أدنى صعوبة في برمجتها وإيجادها والاستماع لها والتكلم فيها. ثانياً: تلقى جل اهتمامها بشريحة الشباب، خصوصاً العاطلين عن العمل واليائسين حتى في إيجادها. نعلم أن منهم حفنة من الحاقدين المارقين، وهمهم الأول والأخير هو نقض مضجع الأمن، وقلب الموازين والطاولة. لكن هيهات، فالشعب السعودي يشعر بالأمن والاطمئنان ومتماسك من الجذور إلى الأطراف، وكل ما يحدث خارج البلاد من قيل وقال ما هي إلا أحقاد وضغائن ليس لها علينا من سلطان، لكن علينا أن نتحرك ضد هؤلاء ليس من طريق إقفال التلفزيون أو تغيير القناة أو كل ما يحتويه من أقاويل ما هي إلا إشاعات وكذب وافتراء، بل بسلاح الأفكار الموزونة والإقناع الذي نحارب به. وهكذا فإن الإرهاب والمخدرات الإصلاح ثلاث قضايا كبيرة ومعقدة بل ضخمة بضخامة البركان، والسعودية بأكملها تقف وسطها، بعضها في حال غليان والبعض الآخر خامد خمود الأبد... لكن في الأخير يطلق عليه بركان.