الملاحظ لدينا أننا نختلف عن شعوب الأرض كافة بالعزوف عن العمل التطوعي لخدمة المجتمع، ففي أقطار المعمورة كافة تجد أناساً يتطوعون لخدمة مجتمعاتهم، ويتسابقون لنيل شرف هذا العمل الإنساني الجليل في مجالات كثيرة، أذكر منها البيئة والشجرة والهلال الأحمر وأصحاب الحاجات الخاصة والمسنين والشباب والمرور والشرطة وغيرها من الخدمات، التي لها علاقة بخدمة الإنسان في شتى المجالات. كانت لي فرصة المشاركة في بعض الأعمال التطوعية في أميركا، وكم أعجبت بأولئك الشباب، وهم لا يدينون بدين، ويقدمون خدمات جليلة إلى المسنين، يزورونهم في بيوتهم، ويساعدونهم في الأكل وشراء المستلزمات وقراءة القصص ونظافة المنزل، ويعملون هذا باسم الإنسانية فقط! نحن ندين بالإسلام الذي يعلمنا أن المسلم أخو المسلم، ويأمرنا بالرحمة والشفقة وصلة الرحم، ولكن تجد مواطنينا شباباً وشابات، رجالاً ونساء، يعزفون ويتكبرون على هذه الأعمال التطوعية لخدمة المجتمع، وتغلب عليهم الأنانية وحب الذات، وكأنهم لا يمتون لهذا المجتمع والوطن بصلة! وما يثير الدهشة ويدعو إلى التساؤل أن هناك آلاف الأشخاص يتزاحمون ويفعلون المستحيل للتطوع بالعمل في الجمعية الخيرية في طول البلاد وعرضها، ولو طلبت من احدهم الاشتراك في جمعية أصدقاء البيئة لقال:"الله يسامحك هذا ما هو شغلنا، بارك الله فيك... هذا شغل البلدية". إنني استغرب انحصار العمل التطوعي في الجمعيات الخيرية، فهل هناك مصالح سرية؟ تعرفها فئة منا، أم أن الناس لا يعرفون غيرها من الأعمال التطوعية؟ نحن في حاجة إلى بث ثقافة العمل التطوعي في المجتمع، ابتداءً من البيت والمدرسة، وانتهاءً بتوعية إعلامية، فنحن بحاجة إلى أصدقاء المجتمع، والمرور، والبيئة، والشرطة، والبلدية، والأسرة، والشباب، والمسنين، ودور الرعاية، وأصحاب الحاجات الخاصة، وغيرها من المجالات التي تعود الناس على العمل، وتعزز الانتماء الوطني لدى الجميع، وان نغرس هذا الانتماء في الأجيال عبر ممارسات فعلية، بحيث يشعرون بأنهم جزء من هذا الكيان، فهل سنفعل أم فقط سنكتفي بالتطوع في الجمعيات الخيرية فقط! مخلف الشمري - الخبر