عندما ودعت ألمانيا البطولة مساء أمس، كانت لدى الجميع قناعة تامة بأن كأس العالم 2006 حققت أكثر مما كانت تريده من شعارها"حان الوقت لعقد الصداقات". وعلى مدار شهر كامل، شهد الجميع بأن البطولة شهدت تنظيماً رائعاً متكاملاً ونجاحاً رياضياً وتدفقاً غير مسبوق للحماسة في التشجيع والتنظيم تتناسب مع ما قاله رئيس الاتحاد الدولي للعبة فيفا السويسري جوزيف بلاتر عندما وصف البطولة بأنها"أفضل كأس عالم على الإطلاق". ولعبت ألمانيا دورها في الاستضافة بنجاح تام، على عكس النظرة السابقة للألمان بأنهم متجمدو الوجوه سريعو الغضب، يتسمون بالعداء تجاه الأجانب. وأدهش الأسلوب الدافئ والمرح الذي اتسم به أصحاب الأرض الألمان أنفسهم ومئات الملايين من المشجعين، الذين تابعوا البطولة من خلال شاشات التلفزيون على مدار شهر كامل. وجذبت مناطق احتفالات الجماهير التي يشاهد فيها المشجعون المباريات على شاشات العرض العملاقة أكبر عدد من المشجعين في تاريخ البطولات الرياضية. وفي برلين، وصل عدد المشجعين الذين تجمعوا في ساحة المشجعين حول بوابة براندنبيرغ الشهيرة لمشاهدة مباراة المنتخبين الألماني والايطالي في الدور قبل النهائي للبطولة إلى نحو مليون مشجع، وتكرر ذلك لمتابعة مباراة المنتخبين الألماني والبرتغالي في لقاء تحديد المركزين الثالث والرابع. وانتشرت أعلام المنتخب الألماني المؤلف من الألوان الأسود والأحمر والأصفر الذهبي في كل مكان، حيث شعر الألمان بأنه لم يعد هناك ما يمنعهم من إظهار وطنيتهم والتلويح بأعلام بلدهم. وذكرت صحيفة"إل يونيفرسال"المكسيكية:" انغمست ألمانيا في موجة من الحماسة، لم تر مثلها منذ انتهاء الحرب". وأضافت:"روح التكفير عن الخطيئة سادت لمدة 61 عاماً. ولكن بطولة كأس العالم وضعت نهايتهاً. في إشارة إلى الروح السائدة بين الكثيرين من الألمان داخل البلاد وخارجها. وقدم المنتخب الألماني، وهو الأصغر في معدل الأعمار بين جميع المنتخبات المشاركة في البطولة، عروضاً قوية أفضل مما توقعه أي شخص، وحقق المفاجأة بفوزه بالمركز الثالث، بعد أن تغلب على المنتخب البرتغالي. وكان المدرب يورغن كلينسمان المدير الفني للمنتخب الألماني تعرض لانتقادات عدة، عندما أسندت إليه مهمة تدريب الفريق عام 2004، عقب خروج الفريق بقيادة المدير الفني السابق رودي فولر من الدور الأول لبطولة كأس الأمم الأوربية 2004. وتركزت الانتقادات على أن كلينسمان، أو كما يطلق عليه"حالم كاليفورنيا"نظراً إلى إقامته مع زوجته وعائلته في ولاية كاليفورنيا الأميركية منذ سنوات، ليس من حقه تدريب المنتخب الألماني، ولا يمكن أن يتساوى على سبيل المثال مع أسطورة كرة القدم الألماني فرانز بيكنباور، الذي قاد الفريق للفوز بكأس العالم كلاعب عام 1974 وكمدرب عام 1990. واعتمدت أساليب كلينسمان التدريبية التي جلب بعضها من الولاياتالمتحدة، على دمج اللاعبين وصهرهم في قالب الفريق، على أن يكون أكثر المنتخبات المشاركة في البطولة تمتعاً باللياقة البدنية العالية. ووصفت صحيفة"تاغز شبيغل"الألمانية في برلين ذلك بأنه"عولمة كرة القدم"، حيث تضحي الفرق بهويتها وشخصيتها من أجل تجنب الهزيمة.