اعتبر خبيران اقتصاديان سعوديان أن"الأموال الساخنة"تؤدي دوراً اساسياً في حركة سوق الأسهم السعودية، خصوصاً في حركتي الصعود والهبوط في المؤشر، موضحين أن المناخ الاستثماري في هذه السوق وغلبة صغار المضاربين، أدت إلى بروز هذه الظاهرة. ويوضح الخبير الاقتصادي عضو"جمعية الاقتصاد السعودية"الدكتور فهد الحويماني أن"الأموال الساخنة ظهرت مع بداية لمعان السوق المالية منذ عام 2003، إذ وجدت ضالتها بتحقيق صفقات مالية ناجحة في ظل تدفقات نقدية هائلة في السوق، وقلة وعي ثقافة بعض المستثمرين، وعدم تدخل الجهات المعنية لتوعية الناس، فاكتملت معادلتها لخوض غمار المضاربة في السوق، ولعل من أبرز مظاهر الخلل هو تحويل الأصول إلى أسهم باعتبارها طريقه أسرع لكسب المال". ويضيف، أن"ما حدث في الآونة الأخيرة هو استبدال للمراكز، فانتقل جزء كبير من أموال المستثمرين، يمثل 90 في المئة من المتعاملين في السوق، إلى الرابحين وهم 10 في المئة على أفضل التقديرات، فانتقلت السيولة من الحسابات الكثيرة إلى الحسابات القليلة، وخرجت من التعامل اليومي للسوق لتقف بحذر مترقبةً أوضاع السوق وتقلباته، إذ يمتاز الرابحون بقلة عددهم وشدة حذرهم وحرفيتهم بالدخول والخروج من السوق بعكس دخول الغالبية الذي كان يغلب عليه الطابع العشوائي". ويقول الحويماني:"إن المسار الحالي للسوق هو مسار جانبي ويمثل حركة الأسهم بعيدة من الصعود أو الهبوط الحاد، وهو مسار لا يمكن الاستمرار عليه طويلاً، وهذا المسار الجانبي لا يفيد المستثمر بل هو مفيد للمضارب السريع وبنسب أرباح بسيطة، أما تصحيح مسار السوق بضخ سيولة فهو غير مفيد مع وجود ذعر لدى الناس من وضع السوق، باعتبار أن ضخ الأموال شيء وقتي مع صعوبة السيطرة على سوق فيها أكثر من خمسة ملايين محفظة بعكس السابق إذ كانت 500 ألف محفظة". ويقدر الحويماني أن"ما نسبته 25 بليون ريال امتصت من السوق على شكل عمولات بيع وشراء كما امتصت سيولة ضخمة في التسهيلات البنكية ورسوم صناديق الاستثمار، وهي سيولة ضخمة لو أعيد استثمارها في السوق على المدى الطويل ستوجد توازناً مطلوباً وستحقق أرباحاً مجزية لأصحابها، شريطة أن تكون في الشركات القيادية والمؤثرة في السوق، خصوصاً أن المضاربين يضغطون على هذه الشركات لتخويف الناس ما يسبب نزولاً في جميع قطاعات السوق، وما يفيد أيضاً السماح للشركات بالشراء في أسهمها من دون وضح حد أعلى ليعزز جانب الوعي الاستثماري في السوق ويحد من تجميع كبار المضاربين لأسهم هذه الشركات بأسعار رخيصة جداً". ثلاث مراحل وقال المحلل أحمد الخطيب:"إن للأموال الساخنة دوراً مؤثراً في صعود السوق وهبوطها"، مشيراً إلى ان"الأموال الساخنة مرت في ثلاث مراحل للخروج، المرحلة الأولى: عندما وصل المؤشر إلى 15 ألفاً بدأت بعض الأموال تخرج من السوق، وصفيت محافظ كبيرة مكتفية بما حققته خلال عامين، ما لم تحققه من قبل أثناء وجودها في السوق لمدة تزيد على السنوات العشر. المرحلة الثانية: ظل بعدها المؤشر يترنح بين ال 15 ألفاً و15700 ولم تتأثر السوق بشكل كبير، مدعومة بكبار المحافظ المتبقية إلى أن قررت هذه المحافظ، ومعها ربما بعض المحافظ الجديدة، ضخ المزيد من السيولة لتحقيق عوائد كبيرة وجني أرباح عالية قبل نهاية عام 2005، فبدأت السوق تتصاعد بجميع قطاعاتها الرابحة والخاسرة على السواء، إذ نشط الجميع بطلب الأسهم على النسب العليا من دون توقف وبشكل متكرر، متفائلة بصعود السوق لمستويات متقدمة جداً حددت ب 25 ألفاً إلى 30 ألفاً، وربما أكثر من ذلك، ما أسهم في استمرار حمى البقاء في السوق وعدم الخروج منها، وإصدار أوامر البيع والشراء فارتفع حجم التداول بشكل جنوني، على رغم أن الأسهم المتداولة لا تمثل 30 في المئة من الأسهم المصدرة، فلقد كان حجم التداول 400 بليون لسنة 2004، ثم ارتفع إلى تريليون سنة 2005، ما أعطى مؤشراً لأصحاب الأموال الأكثر سخونة من غيرها بخطورة وضع السوق فبدأت في الانسحاب، ولعل قرار الهيئة بتعديل نسبة التداول من 10 إلى 5 ومعاقبتها لبعض أداء المحافظ زاد من وتيرة التخوف عند هذه المحافظ، فبدت الصورة معاكسة للواقع السابق بانخفاض كبير لم يدع أي مجال للخروج من السوق، إذ لم يكن الهبوط تدريجياً بل استمر على أعلى النسب الدنيا ولأيام متواصلة وكانت هذه المرحلة هي أكبر مراحل خروج الأموال الساخنة من السوق". المرحلة الثالثة: حينما بدأت بعض البشائر في تعديل قرار الهيئة ودخول المقيمين بالسوق والإعلان عن تعزيز السيولة بدخول أموال من خارج السوق ظهرت علامات التعافي وارتدت السوق بقوة إلا أن بعض المحافظ كان لها رأي آخر واستفادت من الدروس السابقة، فانسحبت من السوق بكل هدوء مخلفةً وراءها السوق لمصيرها المنتظر، عندها بدأت السوق رحلة العودة إلى الهبوط لتستقر عند مستويات منخفضة وتخسر عوائد وأرباح سنة كاملة خلال شهر واحد، ليسدل الستار على المرحلة الثالثة لخروج الأموال الساخنة في السوق السعودية خلال دورة اقتصادية كاملة لتذهب السوق لدورة أخرى لم تتضح معالمها بعد ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بمجرياتها، إذ لا تزال السوق تعاني من عدم دخول أموال جديدة، ما يجعل هذه الفترة من أفضل فترات المضاربة السريعة في السوق لتذبذب السوق المحدود عند نقاط متقاربة، ما يعني انحسار التذبذب، وليس معنى هذا كله أن السوق لم تعد جاذبة للاستثمار، فلا يزال الاقتصاد السعودي يمر بأفضل مراحله، ومن الأولى أن يعود على السوق خصوصاً أن مكررات الربحية عادت إلى أسعار معقولة، كما أن السعودية تحتل المرتبة السابعة بين الدول الناشئة والفائض في الموازنة 236 بليون ريال، وسينعكس على دخل الفرد ودخل الشركات، إضافة إلى توفر عرض السيولة النقدية ومن الضرورة أن يعاد استثمارها في الاقتصاد، ومن الأمور المشجعة أن الفائدة لا تزال متدنية ولا تعتبر نقطة رعب، ما يدفع السوق نحو قناة التحرك الاقتصادي بشكل قد يكون إيجابياً، متوقفاً على أداء النصف الثاني لهذا العام.