هبطت سوق الأسهم السعودية في شكل حاد في الفترة الصباحية أمس، وهو استمرار للهبوط الذي شهدته خلال الأسبوع الماضي، مع استمرار هيئة السوق المالية في تجزئة أسهم الشركات وملاحقة المتلاعبين في الأسهم، خصوصاً أسهم المضاربة. وجاء الهبوط بعد الانتهاء من المرحلة الثالثة من التجزئة، التي استكملت بتجزئة أسهم 37 شركة مدرجة في كل من قطاع الصناعة والأسمنت والكهرباء، وتم تعديل جميع متغيرات السوق التي تغطي أسعار الإغلاق والقيمة الاسمية والدفترية لهذه الشركات، وبلغ عدد المحافظ الاستثمارية التي تم تحديث أرصدتها 1.184.069 محفظة، وتم إرسال الملفات التي تحتوي على المعلومات والأرصدة الجديدة للبنوك، وذلك لتحديث محافظ عملائها استعداداً للتداول، وتكون إدارة تداول أنهت تجزئة أسهم 78 شركة من الشركات المدرجة في السوق، ولم يتبق سوى شركة ينساب التي ستتم تجزئة أسهمها بحسب الخطة المعدة سابقاً في نهاية الأسبوع المقبل. وكانت السوق شهدت يوم الاثنين الماضي أكبر نسبة تراجع بنسبة 8.3 في المئة 1458 نقطة، وهي المرة الأولى في تاريخ السوق التي تفقد فيها هذا العدد من النقاط في يوم واحد، وأقفل السوق متراجعاً عند 16.099 نقطة، في الوقت الذي أعلنت فيه نسبة كبيرة من الشركات عن أرباح في الربع الأول تجاوزت 60 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وأمام استمرار التراجع في السوق قال المحلل ناصر المير إن"الحديث عن أسباب نفسية فقط تقف أمام الهبوط المستمر منذ نحو شهرين في حاجة إلى كثير من الصدقية، خصوصاً أن نسبة كبيرة من المحللين والمستثمرين الكبار غير مقتنعين بهذا التبرير، وأشار إلى أن العامل النفسي له جانب إلا أنه ليس السبب الرئيس في المشكلة". وأضاف أن"عدداً من السيناريوهات بدأ يتشكل كأسباب لاستمرار الهبوط، أحدها أرجع الحدث إلى قيام آلاف المستثمرين بالانجراف خلف الإشاعات والتسريبات كما سماها البعض أو التوقعات السلبية والإيجابية، والاندفاع في حمى الارتفاع من دون تفكير إلى أن تجاوز المؤشر20600 نقطة، وتحركت أسهم الشركات صعوداً وإن كانت ترتفع بوتيرة مختلفة، استغلها المضاربون، ولكن الورقة الرابحة سقطت وهوت على رؤوس الجميع، لذلك حاول كبار المستثمرين والمضاربين إعادة الأسعار إلى نصابها القانوني من وجهة نظرهم، ليتمكنوا من الشراء مجدداً ودفع الأسعار بعدها صعوداً وجني الأرباح من جديد، لأنهم لن يستفيدوا من ترجمة الأداء المتواصل إلى أرباح إن لم تدرك السوق العودة للاسترخاء، ولكن العقد إنفرط، ولم تنته رحلة جني الأرباح، واستمرت الأسهم في التراجع من دون التقاط للأنفاس، إلى أن وصلت إلى نقاط أصبح يصعب فيها السيطرة على الهبوط، خصوصاً أن حجم السوق كان أكبر بكثير من أن تسيطر عليه جهة". وأكد أن"المضاربين هم المضاربون في أي مكان، ولا يمكن التفكير بأسلوب آخر لتداولاتهم وكيفية تحقيقهم الأرباح في شكل يومي أو أسبوعي. والجزء الأهم هو أن الإشاعات أخذت مجدها، ولا تزال التوقعات هي الضربة التي يحب المستثمرون تلقيها باستمرار على رؤوسهم مع كل ربع سنوي، فقد أصبحت داءً خبيثاً لا يشفى منه". وأشار إلى أن"حجم الخسائر كبير جداً لم تستطع السوق استيعابه بعد، فضلاً عن إحجام آلاف من المستثمرين من العودة إلى السوق بكامل قوتهم، ما منع حجم كبير من السيولة الدخول من جديد في السوق". من جهته، أوضح المحلل المالي أحمد العبدالله أن"هيئة سوق المال في حاجة إلى تدعيم إجراءاتها بحزمة متكاملة من المعلومات والشفافية تدفعها الى السوق لتعيد الطمأنينة الى المستثمرين، وتوضح الخطوات المستقبلية التي تراها، فضلاً عن الحلول المقترحة لمعالجة استمرار الهبوط". وأضاف أن"الأرباح ربع السنوية التي أعلنتها الشركات مشجعة للغاية، وان الإجراءات التي أعلنتها الهيئة تم تنفيذها بصورة مثالية، إلا أن ذلك لم يؤد إلى تماسك السوق ومنعها من الهبوط بصورة حادة". وقال إن"الجميع يسأل عن الأسباب التي تقف خلف استمرار نزيف السوق، وأنهم غير مقتنعين بالأسباب التي تذكر، وكأنما هناك حقيقة غائبة محجوبة عنهم، تعمل هيئة سوق المال على إخفائها، أو تخشى من التصريح بها". وأضاف"ربما لا يكون هذا واقعياً، إلا أنه بكل تأكيد موجود لدى المستثمرين وبصورة شبه قطعية".