مرت سوق الأسهم السعودية منذ بداية العام بظروف غريبة جداً لم يسبق لها مثيل، فمن صعود كبير جداً إلى هبوط عمودي ومفاجئ جداً بتذبذب عال تجاوز 6500 نقطة، الأمر الذي أثار الاستغراب في سوق تصعد من 16000 نقطة إلى 21000 في شهرين ثم تنزل إلى 14000 في أقل من شهر من دون أوامر طلبات على معظم الأسهم بما فيها الأسهم القيادية والاستثمارية، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى الشعور بأن السوق السعودية انتهت تماماً وباتت طفرتها في عداد الموتى وترحم المتعاملون في السوق على الأيام الخوالي التي كان يصعد فيها المؤشر من دون هوادة محققاً أرباحاً خيالية للجميع من خبراء ومبتدئين. ويبقى السؤال المهم: هل انتهت طفرة الأسهم السعودية بالفعل أم أن ما حصل كان مجرد عاصفة عابرة وستعود المياه إلى مجراها؟ ومع احترامي الشديد لجميع الآراء إلا أنني أعتقد أننا يجب أن نتفاءل بحذر شديد، فحركة السوق شديدة التعقيد والحساسية في الفترة المقبلة، خصوصاً بعد الصعود السريع والهبوط الأسرع الذي أضاع ما يقارب 70 في المئة من أسعار بعض الأسهم، وما صاحب ذلك من قرارات عدة لهيئة سوق المال، منها تحديد التذبذب ب5 في المئة فقط، وإلغاء التعامل في أجزاء الريال ثم التراجع عن هذه القرارات، وإيقاف بعض المضاربين المتعاملين في الأسهم والإعلان عن الأسهم المتلاعب فيها من دون إعلان أسماء المتلاعبين، ثم إعلانات السماح لدخول المقيمين وتجزئة الأسهم بقرار المجلس الاقتصادي الأعلى، كل هذه الأمور وغيرها رسمت واقعاً جديداً لسوق الأسهم سيلقي بظلاله على المستقبل لهذه السوق الواعدة عالمياً والتي تعدّ الأولى على مستوى الشرق الأوسط والأولى على مستوى العالم من حيث سرعة النمو. وفي اعتقادي أن المستقبل مشرق - بإذن الله - فكل المقومات التي أسهمت في ارتفاع وتقوية سوق الأسهم لا تزال قائمة، فالنفط يتوقع لأسعاره الصعود المتواصل، وبالتالي السيولة النقدية ستستمر في الارتفاع، إضافة إلى الاستقرار الأمني والسياسي الذي تتمتع به المملكة، ولله الحمد. والسوق السعودية تملك مقومات عدة للنجاح المستقبلي، منها وجود شركات عملاقة تعدّ من أكبر وأقوى مئة شركة على مستوى العالم من حيث القيمة السوقية مثل: سابك والاتصالات والراجحي وسامبا والكهرباء وصافولا، وكذلك تملك شركات واعدة تتوقع لها ربحية مستقبلية عالية جداً منها - على سبيل المثال - بنك البلاد واتحاد اتصالات والتعاونية للتأمين وينساب وسدافكو وعسير والمراعي والتصنيع والمجموعة السعودية وغيرها، إضافة إلى طرح ما يقارب 40 شركة للاكتتاب العام، منها - على سبيل المثال - البنك الأهلي وبنك التنمية الإسلامي وشركة الألياف وشركة التعدين وشركة المواصلات والعالمية للبتروكيماويات وشركة النقل والشركة السعودية للأبحاث والنشر وشركة مرافق وشركة الأسمنت الأبيض وشركة إعمار السعودية وغيرها. وإضافة إلى ذلك ستقوم شركات عدة قائمة بالاندماج مع شركات أخرى أو تغيير نشاطها. كل هذه التغيرات ستعطي السوق السعودية من دون شك زخماً كبيراً جداً، خصوصاً بعد شعور المتعاملين بالأمان لأن سوقهم تلقى اهتماماً مباشراً من الدولة ومقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي يعدّ في حد ذاته محفزاً قوياً للاقتصاد السعودي الذي حقق في عهده مكتسبات كبيرة، منها الفائض الكبير المتوقع لهذا العام 2006 إضافة إلى الموازنة التنموية العظيمة التي أعلنت كأكبر موازنة تشهدها المملكة في تاريخها فضلاً عن الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية والتحالفات العظيمة مع الشرق الواعد والقوي. خلاصة القول: إن السوق متجهة إلى 25000 نقطة - بإذن الله - عبر الأسهم القيادية التي زادت أرباحها وتعتبر مكرراتها الربحية جيدة وأسعارها معقولة حالياً، الأمر الذي يتيح نمواً مستقبلياً قوياً لأسعارها بخاصة بعد التجزئة ودخول المستثمر الأجنبي. وعلى رغم وجود موجات من جني الأرباح خلال رحلة المؤشر إلى هدفه إلا أنني لا أتوقع انهيارات - بإذن الله - بسبب إنشاء صندوق التوازن الوطني للسوق الذي تشير بعض المصادر إلى أن رأسماله يتجاوز 50 بليون ريال سعودي، وهو مبلغ كبير جداً. وأخيراً أشير إلى أن الحذر دائماً مطلوب، خصوصاً من أسهم الخشاش ذات المكررات المرتفعة وذات الربح المنخفض، كما أن التهور ودخول السوق بكل الثروة أمر بمكن أن يسبب مشكلة لا تحمد عقباها - لا قدر الله - للمستثمر. * باحث سعودي.