العمل العام ليس حكراً على مجموعة من الأشخاص أو الإدارات، ولا يمكن بحال من الأحوال اختزاله في تصريحات تصدر على استحياء بين فترة وأخرى لإسكات الصحافة أو إلهائها، لأن مفهوم ممارسة هذا العمل مغاير تماماً لما يظنه البعض، فلا هو بالذي يصلح إدراجه تحت بند"سري"ولا هو بالذي نطالب بأن يكون مباحاً لكل متطفل أو مدع. و"أمانة مدينة جدة"على رغم كثرة المقالات التي تناولت أسلوب عمل مسؤوليها وعلى رغم الانتقادات الكثيرة الموجهة إلى أدائهم وعدم القدرة على احتواء العمل وتنظيمه بالشكل اللائق والمطلوب وعدم شعورنا كقاطنين لهذه المدينة المجهدة بأي تطور أو تغيير لنوعية الخدمة المقدمة أو كفاءتها إلا أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يكون المسؤولون صامتين غير مدركين لخطورة ما تمر به المدينة من أزمات"خدمية"فهم بالتأكيد يدركون حجم المعاناة والإرهاق الذي ينتاب الشوارع والمرافق، التي ما زالت تئن تحت ضغط عدم الاهتمام أو التجاهل. وهذا الرأي لا يعد تجنياً أو إجهاضاً لأعمال كثيرة تبذل، وذلك لسبب بسيط هو أن العمل المبذول غير واضح التأثير ومحاط بشيء من عدم الشفافية أو المكاشفة، لا أحد ينكر أنه"قد"يكون هناك جهد يبذل ولا يمكن تغييب هذه الحقيقة أو إنكارها، لأنه ليس من المنطق أن يجلس المسؤولون من دون عمل أو يتيهون في أروقة مكاتب مستشاريهم الذين يفوق عددهم عدد المشكلات الحقيقية والواقعية، وهي مشكلات على رغم أنها قُتلت بحثاً"أكاديمياً"إلا أنها على أرض الواقع مازالت كما هي. إننا من جديد لا ننكر دور"أمين مدينة جدة"وجهده على رغم عدم وضوح تأثيره ونعرف بالتأكيد أن وضع المدينة قبل تحديد الحكومة لمبلغ ال"8"بلايين غير وضعها بعد هذا المبلغ الذي وبكل أمانة يفوق موازنة بعض الدول، لكننا نتساءل بصراحة أين؟ أين النتائج؟ ما هي؟ ومن حقنا أن نجد صدى لهذه الأسئلة. إننا لا نكاد نشعر بأي تغيير يذكر كما أن الإخوة العاملين في الأمانة يحاصرون أنفسهم وتحركاتهم بشيء من الغموض وعدم الوضوح، ولا يكاد يكون هناك أي تواصل يذكر بينهم وبين الصحافة، وفي المقابل لا يمكن للصحافة أن تكتب عن طبيعة دورهم بوضوح أو حتى بصدقية، لأنها تفتقد للأدوات اللازمة للكتابة وهي المعلومة، فالأمانة لا تتوافر عنها أية معلومات، والمسؤولون عن الشق الإعلامي فيها غارقون في ثبات مبهم غير مبرر... وبالتالي هم من دون أن يشعروا يغيبون جهداً يبذل أو خططاً معدة للتنفيذ للقضاء على المشكلات التي تواجه المدينة. إن مشكلات خدمات ومرافق مدينة"جدة"معروفة وحلها أبسط من كل هذه التعقيدات الغارقة في بيروقراطية مقيتة وعقيمة الفوائد، إشكال الأمانة يكمن في ابتعادها من هموم رجل الشارع البسيط وابتعادها من الوضوح والتعامل بشفافية مع الإعلاميين وفي تحركاتها شيء من التعالي، كما أن المسؤولين يحصرون أنفسهم في تحركات مخملية غير مؤثرة، وليست ذات أهمية قياساً بطبيعة المشكلات على أرض الواقع، وهي إشكالات نأمل ألا تتحول مع الوقت إلى مرض يستعصى على الشفاء منه أو علاجه! [email protected]